إن المقامرة ظاهرة متفشية ، إذ يقامر 70% من السكان في بريطانيا من حين لآخر ، و لكن قد تخرج المقامرة عند بعض الأفراد عن السيطرة و تأخذ أعراض الإدمان ، و هي ما تُعرف بالمقامرة المرضية أو إدمان المقامرة .

المستقبلات الأفيونية :
المستقبلات الأفيونية أو الجملة الأفيونية Opioid system هي عبارة عن مركبات داخل المخ ، و هي مكونة من أفيونات داخلية و مستقبلاتها ، تُستخدم تلك الأفيونات الداخلية كنواقل عصبية لها لتساهم في التواصل الخلوي ، و تقلل من الشعور بالألم ، و قد كشفت دراسات بريطانية حديثة عن وجود علاقة بين تلك المستقبلات و إدمان القمار .

دراسة بريطانية :
تم إجراء دراسة بريطانية عام 2014م ، و تم تقديمها في مؤتمر الجمعية الأوروبية لعلوم الأدوية النفسية العصبية European College of Neuropsychopharmacology congress ، كشفت تلك الدراسة عن إحصائية تم إجراءها في بريطانيا عام 2007م ، عن نسبة انتشار القمار في بريطانيا ، و جاءت النتائج أن هناك حوالي  0.6% من البالغين في بريطانيا مدمنون على المقامرة ، أي ما يعادل 300 ألف نسمة ، و يقدر انتشار هذه الحالة في أوروبا بحوالي 0.5-3% .

و قد تم إجراء الدراسة على 14 مدمناً على المقامرة و15 متطوعاً سليماً ، و تم فحص ما إن كان هناك أي تغييرات في الجملة الأفيونية في المخ بسبب العديد من الإدمانات مثل شرب الكحول أو غيره ، و في هذه الدراسة استخدم الباحثون ما يدعى بالمسح بالتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني PET scan ، من أجل قياس مستويات المستقبلات الأفيونية في أدمغة المجموعتين .

نتائج الدراسة :
و قد وجد الباحثون من خلال تلك التجربة أن هذه المستقبلات تسمح بالتواصل بين الخلايا ، فهي أشبه بقفل ذي ناقل عصبي أو كيميائي ، حيث تعمل أفيونات داخلية المنشأ تدعى إندورفينات كمفتاح ذاك القفل ، و لم يجد الباحثون أي فرق في مستويات المستقبلات بين المقامرين و العاديين ، و لكن في مرحلة أخرى من الدراسة عندما قام الباحثون بإعطاء جميع المتطوعين أقراص الأمفيتامين و التي تُسبب إطلاق الإندورفينات في الجسم ، و هي أفيونات طبيعية في الدماغ ، و أعادوا مسح الPET ، جاءت النتيجة أن المقامرين أطلقوا نسبة أقل من الإندورفينات مقارنة بالمتطوعين غير المقامرين ، كما ترافق ذلك مع تحفيز الأمفيتامين نشوة أخف وفقاً لما أقره المتطوعون ، و تمت تلك العملية باستخدام أسئلة تقييم ذاتية تدعى “النسخة المبسطة من مقابلة تقييم الأمفيتامين .

أعلن الباحثون أنهم قد استنتجوا أمرين مهمين من هذه الدراسة و هما أولاً ، يستجيب دماغ مدمني المقامرة بشكل مختلف لهذا التحفيز مقارنة بأدمغة الطبيعيين ، ثانياً ، يبدو أن مدمني المقامرة لا يتلقون إحساس النشوة ذاته الذي يتلقاه المتطوعون الطبيعيون ، و من خلال تلك النتائج توصل الباحثون لماذا تُصبح المقامرة إدمانًا ، و تعد هذه الدراسة أولى الدراسات التي قامت بتصوير الـ PET التي تتطرق إلى الجملة الأفيونية عند مدمني المقامرة ، و من خلال هذا البحث أصبح هناك أملًا جديدًا في ابتكار طرق علاجية لإدمان المقامرة .