هناك العديد من الأوجه التي حددها الدين الاسلامي فيما يتعلق بالبيع و الشراء ، و هذه الأوجه منها ما هو حلال أو حرام ، و منها ما به شبهة ، و من بين هذه الأوجه بيع السلم.
بيع السلم في اللغة
بيع السلم هو مصطلح أخذ من أسلم وسلم إذا أسلف، وأكد أهل اللغة كلهم على أن السلف والسلم نفس المعنى، ويقال هكذا سلم وأسلم وسلف وأسلف، ولكن إذا تشابه السلم مع السلف في المعنى ولكن بيع السلم يختلف باشتراكه مع معنى ثاني وهو القرض العادي، والمقصود بالقرض العادي هو أن يقوم شخص باقتراض شيء من شخص آخر على أن يعيد له نفسه، والسلم يعني التسليم أو الاستلام، وتم تسمية هذا البيع بالسلف لأن يوجد فيه تسليفا وتقديما لرأس المال على الثمن، وتم إطلاق عليه اسم السلم لأنه يوجد فيه تسليما لرأس المال في المجلس.
السلم في الاصطلاح الشرعي
معنى السلم في الاصطلاح هو أن يقوم المشتري بتسليم رأس المال للبائع قبل أن يأخذ السلعة التي قام بشرائها منه ويتم ذلك في مجلس العقد بشرط أن يعطيه البائع إياها بعد أن يقوم بوصفها في وقت واضح، ولا يقوم البائع بأخذ شيء من المشتري أزيد مما اتفقا عليه في مجلس العقد، ولا يحق للمشتري أن يقوم بالتصرف في السلعة قبل قبضها.
حكم بيع السلم
بيع السلم مشروع في الكتاب الكريم وفي السنة النبوية وإجماع الصحابة ولا يوجد اختلاف على جواز بيع السلم بين الفقهاء، والدليل على مشروعيته قول الله تعالى في القرآن الكريم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ)، ويدل على مشروعيته في السنة النبوية الحديث الشريف الذي يقوله عبدالله بن عباس رضي الله عليهما فقال: (قدِم النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينةَ وهم يُسلِفونَ بالتمرِ السَّنَتَينِ والثلاثَ، فقال: مَن أسلَف في شيءٍ ففي كَيلٍ معلومٍ، إلى أجلٍ معلومٍ)، وفي رواية: (فلْيُسلِفْ في كَيلٍ معلومٍ، إلى أجلٍ معلومٍ).
صورة لبيع السلم
الصورة الخاصة ببيع السلم أن يذهب عمرو إلى زيد الذي يقوم بالعمل في الزراعة، فيقول عمرو لزيد أنه سيعطيه هذا المبلغ الذي يريده من المال بشكل نقدي في الحال ولكن بشرط أن يعطيه في المقابل طنا من القمح في نفس المكان في الموسم القادم للحصاد، فقام زيد بقبول عرض عمرو على أنه سيأخذ منه الثمن المتفق عليه في نفس المكان أو المجلس ويقوم بتسليمه الكمية المتفق عليها من القمح في الموسم القادم وفي المكان المحدد، وبنفس الوصف الذي قاموا بالاتفاق عليه.
الحكمة من مشروعية بيع السلم
حللت الشريعة الإسلامية بيع السلم وذلك لكي تسهل وتوسع على الناس، ومراعاة لظروفهم واحتياجاتهم، حيث أن المزارع ممكن ألا يمتلك المال الذي يقضيه لكي يصلح أرضه ويهتم بها ويزرعها، كما أنه ممكن ألا يجد من يقوم بإقراضه ليقوم بذلك، فلا يتبقى للمزارع سوى هذا البيع لكي يكفي حاجته، وأيضا فإن المشتري سينتفع من خلف تخفيض الثمن، حيث أن الثمن الذي يقوم المشتري بتقديمه للمزارع مقابل السلعة التي تم تأجيلها يكون في الغالب أقل من الثمن الذي سيتم دفعه عن شراء السلعة حاضرة.
شروط صحة بيع السلم
اجتمع الفقهاء على صحة بيع السلم ولكن بخمس شروط أن يكون جنسه معلوم وصفته معلومة ومقدراه، وموعد التسليم، وأن يتم تسمية المكان الخاص بالتسليم إن كان هناك تكاليف أو دفع نفقات.
شرط رأس المال في بيع السلم
في رأس مال السلم يشترط أن يكون رأس المال جنسه معروف سواء كان دولار أو دينار أو ريال، وأن يكون قيمته معروفة فمثلا 10 آلاف أو 100 ألف أو 20 ألف، وأن يكون مصدر رأس المال معروف، وأن يتم تسليمه في المجلس.
شروط المسلم فيه في بيع السلم
والمقصود بالمسلم فيه هو المال الذي يقوم البائع بتأديته للمشتري بعد وقت محدد، ويسمى الدافع المسلم إليه ويجب أن يتوافر فيه شروط، أن يكون جنسه معروف سواء كان قمح أم شعير أم حنطة، وأيضا نوعه معروف مثلا قمح بلدي أو غير ذلك، ويجب أن يكون معروف من جانب الصفات أي صنف أول ذو جودة ممتازة أم صنف ثاني ذو جودة متوسطة أم صنف جودته رديئة، وأن يكون كميته معروفة سواء كانت 10 طن أو 1000 متر مربع أو 100 صاع وهكذا، ويجب أن لا يوجد فيه أيا من ربا الفضل سواء بزيادة الوزن أو بتغيير الجنس، ويجب أن يكون المسلم فيه مؤجل، وأن يكون الجنس الخاص بالمسلم فيه متاحا في الأسواق بالنوع والصفة من بداية وقت العقد حتى الوصول إلى موعد التسليم، ويجب أن يكون موعد تسليمه معروفا فإذا كان وقت التسليم غير محدد فلا يكون البيع صحيحا أو جائزا، لما يوجد به من جهالة تؤدي إلى المنازعة، ويجب أن يكون مما يتعين بالتعيين فإذا كان غير ذلك مثل الدنانير والدراهم فلا يصح السلم فيه، وذلك لأن السلم يكون فيه مبيع، والدنانير والدراهم لا يتم تعيينها في عقود المعاوضات، فلا تكون مبيعة وبذلك لا يصح السلم فيها.