منذ آلاف السنين قام المزارعون والرعاة بتربية نباتاتهم وحيواناتهم بشكل انتقائي لإنتاج هجائن أكثر فائدة، ولقد كانت عملية ضرب أو تفويت إلى حد ما لأن الآليات الفعلية التي تحكم الميراث لم تكن معروفة، ولقد جاءت المعرفة بهذه الآليات الوراثية أخيرا نتيجة لتجارب مخبرية دقيقة أجريت على مدار القرن الماضي ونصف .
الوراثة المندلية
في سبعينيات القرن التاسع عشر قدم راهب نمساوي يدعى غريغور مندل نظرية جديدة للميراث بناء على عمله التجريبي مع نباتات البازلاء من قبل مندل، وكان معظم الناس يعتقدون أن الميراث كان نتيجة لمزج “الجواهر” الوالدية ، تماما مثل كيفية خلط الطلاء الأزرق والأصفر في اللون الأخضر، وبدلا من ذلك اعتقد مندل أن الوراثة هي نتاج وحدات منفصلة من الميراث، وكانت كل وحدة (أو جين) مستقلة في تصرفاتها في جينوم الفرد .
ووفقا لهذا المفهوم المندلي يعتمد الميراث الخاص بالسمات على تمرير هذه الوحدات، ولأي سمة معينة يرث الفرد جينا واحدا من كل من الوالدين بحيث يكون للفرد إقران من جينات اثنين، ونحن نفهم الآن الأشكال البديلة لهذه الوحدات على أنها “أليلات”، وإذا كان الأليلان اللذان يشكلان الزوج لسمات متطابقتين، عندئذ يقال إن الفرد متماثل اللزوجة وإذا كان الجينان مختلفين، ويكون الفرد متغاير الزيجوت للسمات .
نتائج مندل التجريبية
قام مندل بإجراء تجارب تربية في حديقة ديره لاختبار أنماط الميراث، وقام بشكل انتقائي بتربية نباتات البازلاء الشائعة مع سمات محددة على مدى عدة أجيال، وبعد عبور اثنين من النباتات التي اختلفت في سمة واحدة (السيقان الطويلة مقابل السيقان القصيرة ، البازلاء المستديرة مقابل البازلاء التجاعيد، الزهور الأرجواني مقابل الزهور البيضاء ، إلخ)، اكتشف مندل أن الجيل التالي، الجيل الأول من الابناء، كان يتألف بالكامل من أفراد يعرضون واحدة فقط من السمات، ومع ذلك عندما تم تخليق هذا الجيل، والجيل الثاني من الابناء نسبة 3: 1 كان لدى ثلاثة أفراد نفس السمات التي يتمتع بها أحد الوالدين وشخص واحد لديه سمة الوالد الآخر .
نظرية مندل
مندل بعد ذلك نظرية أن الجينات يمكن أن تتكون من ثلاثة أزواج محتملة لوحدات الوراثة، والتي أطلق عليها “العوامل AA ، Aa ، و aa يمثل الحرف “أ” الكبير العامل الغالب ويمثل الرقم “أ” العامل المتنحي.، وفي نظرية مندل كانت محطات الانطلاق عبارة عن AA أو aa متماثلين، وكان الجيل الاول عبارة عن Aa ، والجيل الثاني كان AA ، Aa ، أو aa التفاعل بين هذين يحدد السمات الجسدية المرئية لنا، ويتنبأ قانون مندل للهيمنة على هذا التفاعل، وينص على أنه عندما يحدث التزاوج بين اثنين من الكائنات الحية ذات السمات المختلفة، فإن كل نسل يعرض سمة أحد الوالدين فقط، وإذا كان العامل المهيمن موجودا في فرد ما، فستنتج الصفة الغالبة لن تؤدي السمات المتنحية إلا في حالة تراجع كلا العاملين .
قوانين الوراثة المندلية
يتم تلخيص ملاحظات واستنتاجات مندل في المبدأين أو القوانين التالية :
1- قانون الفصل
ينص قانون الفصل على أنه بالنسبة لأي صفة، وينقسم كل من الوالدين بين الجينات (الأليلات) وينتقل جين واحد من كل من الوالدين إلى ذرية، أي جين معين في زوج يتم تمريره أمر متروك بالكامل، أي يتم تعريف كل سمة موروثة بواسطة زوج الجينات، ويتم فصل الجينات الوالدية بشكل عشوائي إلى خلايا الجنس بحيث تحتوي خلايا الجنس على جين واحد فقط من الزوج، لذلك يرث النسل أليلا جينيا واحدا من كل والد عندما تتحد خلايا الجنس في الإخصاب .
2- قانون تشكيلة مستقلة
ينص قانون التكوين المستقل على أن الأزواج المختلفة من الأليلات تنتقل إلى النسل بشكل مستقل عن بعضها البعض، ولذلك فإن وراثة الجينات في مكان ما في الجينوم لا تؤثر على وراثة الجينات في مكان آخر، اي يتم فرز الجينات لسمات مختلفة بشكل منفصل عن بعضها البعض بحيث أن الميراث من سمة واحدة لا يعتمد على وراثة أخرى .
3- قانون الهيمنة
أي كائن حي له أشكال بديلة من الجين يعبر عن الشكل السائد .
تشابة الأبناء
اكتشف جريجور مندل من خلال عمله في نباتات البازلاء، قوانين الميراث الأساسية، واستنتج أن الجينات تأتي في أزواج وترث كوحدات متميزة واحدة من كل والد، وتتبع مندل الفصل بين الجينات الوالدية وظهورها في النسل كسمات سائدة أو متنحية، ولقد أدرك الأنماط الرياضية للميراث من جيل إلى آخر .
واستغرقت التجارب الوراثية التي أجراها مندل مع نباتات البازلاء ثماني سنوات (1856-1863) ونشر نتائجه في عام 1865، وخلال هذا الوقت نما مندل على أكثر من 10000 من نباتات البازلاء، وتتبع عدد ذرية ونوع، ولم يكن عمل مندل وقوانين الميراث موضع تقدير في وقته، ولم يكن حتى عام 1900 بعد إعادة اكتشاف قوانينه أن نتائجه التجريبية كانت مفهومة .