إن للذكر مكانة عظيمة في الشريعة الإسلامية ومنزلة رفيعة في نفوس المؤمنين جميعًا فهي من أجل القربات وأعظم الطاعات ولها الكثير من الثمار اليانعة والفضائل العظيمة والخيرات في الدنيا والآخرة ولا يحيط بخيرات الذكر ولا يحصيه إلا الله عزوجل كما أن الكتاب والسنة مليئان بالكثير من الشواهد والأدلة عن فضل الذكر وقدره الرفيع وعلو مكانته ، وفوائده على الملازمين له فقد قال تعالي في كتابة العزيز {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا } سورة الأحزاب الآية 41-42 ، وقال تعالى أيضًا {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا } سورة الأحزاب الآية 35 .
وقد أخرج الإمام الترمذي وابن ماجه والحاكم بسندهما عن رسول الله صلّ الله عليه وسلم أنه قال ” ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق ، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ فقالوا بلى يا رسول الله فقال ذكر الله ، وقد أخرج الإمام البخاري بسنده في الصحيح عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلّ الله عليه وسلم أنه قال ” مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت ” وإن للأذكار الشرعية دلالة في كل النصوص على عظم أجرها وكثرة خيراتها منها الحوقلة أو قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
الحوقلة لا حول ولا قوة إلا بالله
الحوقلة كلمة مختصرة من قول ” لا حول ولا قوة إلا بالله ” قال الإمام النووي رحمة الله عليه ” قال أهل اللغة : يعتبر هذه الكلمة بالحوقلة أو الحولقة ، ومعنى لا حول ولا قوة إلا بالله :
الحول هو التحرك يقال حال الرجل في متن فرسه يحول حولًا وحوولًا إذا وثب عليه ، وحال الشخص إذا تحرك وكذلك كل متحول عن حاله ، والقوة هي الشدة وهي خلاف الضعف ويقال قوي كالرجل وقواه الله أي أعطاه القوة ، إذ فمعني لا حول ولا قوة إلا بالله لا تحول من حال إلى حال ولا حصول قوة للعبد على القيام بأي أمر من الأمور إلا بالله الواحد الأحد ، أي بعونه وتوفيقه وتسديده سبحانه وقد رؤي في بيان الكلمة من السلف عدة أقوال :
-قال عبدالله بن عباس فيها أي لا حول بنا على العمل والطاعة إلا بالله ولا قوة لنا على ترك المعصية إلا بالله .
-قال عبدالله بن مسعود أي لا حول عن معصية الله إلا بعصمته ولا قوة على طاعته إلا بمعونته .
-روري عن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، أنها أنا لا نملك من الله شيئًا ولا نملك من دونه ولا نملك إلا ما ملكنا مما هو أملك به منا .
-وقال زهير بن محمد عن تفسيرها أنها لا تأخذ ما تحب إلا بالله ، ولا تمتنع مما تكره إلا بعون الله .
فضائل لا حول ولا قوة الا بالله في تفريج الهم
قد ورد الكثير من النصوص في السنة النبوية الشريفة عن فضل لا حول ولا قوة إلا بالله وعظم شأنها في تفريج الهم وقد تنوعت النصوص في الدلالة على تشريف الكلمة وتعظيمها فهي كلمة عظيمة ينبغي على كل مسلم أن يعني بها ويكثر من قولها لعظم فضلها عند الله سبحانه وتعالى وكثرة ثوابها ولما يترتب عليها من خيرات وفضائل متنوعة ورد في أحاديث كثيرة أنها أحب الكلام إلى الله ، وورد في سنن الترمذي والحاكم عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلّ الله عليه وسلم أنه قال ما على الأرض رجل يقول لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله إلا كفرت عنه ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر “
وروي عن الإمام أحمد بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلّ الله عليه وسلم قال ” أكثروا من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة ” ، ولا حول ولا قوة إلا بالله هي جملة من الأدعية النبوية النافعة المشتملة على معاني الخير وجوامع الكلم ، ويقول ابن القيم رحمة الله عليه : “هذه الكلمة لها تأثير عجيب في معاناة الإشغال الصعبة وتحمل المشاق والدخول على الملوك ومن يخاف ركوب الأهوال ، ولها أيضا تأثير في دفع الفقر ” وقيل أنها شافية من جميع العلل والأمراض وأيسرها تفريج الهم ودفع البلاء ، قال الإمام الترمذي بسنده “فمن قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ولا منجى من الله إلا إليه ، كشف عنه سبعين بابًا من الضر أدناها الفقر “