لقد سمع الكثير منا أو ربما شاهد بنفسه أزواجآ عاشوا مع بعض سنوات طويلة أو آباء إرتبطوا بأبنائهم وأحبوهم حبآ شديدآ وقدموا لهم الكثير ، وما أن يموت الزوج أو الإبن يصدم الأب أو الأم أو شريك الحياة نتيجة وفاة من يهمه ، ثم ما يلبث أن يموت الشخص وراء من فقد فيلحق حبيبه بعد فترة لا تزيد عن أسابيع قليلة ، فدائمآ ما يقول الناس في هذه الحالات أن زوجآ مات ولحق بزوجته المتوفاة بعد أيام قليلة نتيجة حزنه عليها ، أو أن هذه الأم المفجوعة في وفاه ابن لها ماتت من شدة صدمتها لوفاته ، ويتخيل الكثيرين أن هذه القصص أو هذه الأحداث ذات بعد رومانسي حالم بعيدة كل البعد عن التفسير العلمي السليم ، لكن المفاجأة التي لم يكن يتخيلها أحد أن تفسير هذه الظاهرة حقيقي وموجود وله أساس علمي حقيقي ، فقد تم عمل عددآ من الدراسات الحديثة التي أثبتت أن هذه الظاهرة حقيقية ولها سبب طبي وعلمي وليست مجرد إفتراضات خيالية أو رومانسية فقط ، فهناك بعض التغيرات التي تحدث وتؤدي لهذه المشكلة وتسمى هذه الظاهرة باسم مرض إنفطار القلب .

وقبل الحديث عن مرض إنفطار القلب يجب أن نعلم جيدآ أن أمراض القلب هي أحد أخطر الأمراض التي من الممكن أن تصيب الإنسان ، فأي مرض يتعلق بالقلب يصنف كمرض خطير ، فالقلب هو العضو الأهم والمتحكم في عمل أجهزة الجسم كلها ، والقلب هو عضلة لا إرادية تمد الجسم بالدم المحمل بالأكسجين اللازم له ، لذلك فإن أي مرض يصيب القلب يضعفه ويؤثر عليه وعلي عمل جميع أجهزة الجسم الأخرى ويصيبها بالضرر ويؤدي لمضاعفات صحية خطيرة ، لذلك فقد تم عمل دراسات عديدة لدراسة أمراض القلب المختلفة وأنواعها والأسباب التي تؤدي إليها ، وقد ساهمت هذه الدراسات في التعرف على أمراض القلب وأسبابها ومعرفة بعض الظواهر التي تصيب القلب وتضره وتعرض حياة المريض للخطر ، وأحد أبرز الظواهر الخطيرة التي تضر بالقلب هي ظاهرة إنفطار القلب .

وإنفطار القلب هو حالة مرضية تصيب القلب تشبه في أعراضها الجلطات القلبية ، وهذه الحالة هي عبارة عن تعرض شخص ما لصدمة شديدة أو ألم نفسي وبدني شديد نتيجة فقد من يحب كزوج أو ابن أو صديق عزيز ، تؤدي هذه الصدمة والحزن الشديد إلى تعطا جزء من القلب عن العمل ، بالإضافة إلى تضرر جدران القلب والشرايين مع إرتفاع شديد في ضغط الدم أيضآ ، وتتسبب هذه الظاهرة في تعرض المريض للموت بعد فقده من يحب بفترة تبدأ من أسابيع قليلة بعد الوفاة ولا تزيد عن 6 أشهر .

وقد أجريت عدة دراسات حديثة أكدت أن إنفطار القلب يحدث في الأغلب للسيدات بنسبة تزيد عشرات المرات عن نسبة حدوثه للرجال ، فهناك نسبة كبيرة من الزوجات تصاب بهذه الظاهرة بعد وفاة الأزواج بفترة زمنية بسيطة ، حيث يصاب القلب بالإنفطار بحسب توصيف الأطباء حتى يصل القلب إلى مرحلة متدهورة من المرض فتحدث الوفاة فتلحق السيدة بزوجها ، وكان قديمآ يعتقد الأطباء المتخصصين أن إنفطار القلب هو جلطة او نوبة قلبية ، ولم يتم ربطه بفقد شخص عزيز ووفاته إلا مؤخرآ من خلال دراسة
أجريت ، وقد ثبت صحة هذه الدراسة .

ويرجع السبب وراء حدوث إنفطار القلب عند وفاة أحد المقربين ، هو تعرض المريض للصدمة العصبية والحزن الشديد فتزيد معدلات الادرينالين في الجسم بشكل كبير ، فلا يتمكن القلب من مواكبة هذا الإرتفاع الكبير في نسبة الأدرينالين المرتبط بالحزن والخوف والتوتر ، لذلك فتصاب الشرايين بالضيق والإنسداد وتتضرر جدران القلب بالتدريج حتى تصل للمرحلة التي تؤدي إلى توقف القلب وموت المريض لحاقآ بمن يحب .

وقد أكد أطباء القلب أيضآ ان هناك نسبة من الأشخاص الذين يقعون تحت الضغوط النفسية والعصبية على المدى الطويل ويعانون من الحزن الدائم فإنهم الأكثر عرضة للإصابة بإنفطار القلب أيضآ ، فكما ذكرنا الخوف والحزن والقلب يسببان مضاعفات وأضرار خطيرة للقلب .