أبو فراس الحمداني هو الحارث بن سعيد بن حمدان التغلبي الربعي، وهو شاعر وأمير وفارس، اشتهر بشعره فهو ابن عم سيف الدولة، الذي كان يحبه كثيرا، ويأخذه في الغزوات والوقائع، وكان يفضله على سائر القوم، وقد جرح وأسر في معركة مع الروم وبقي في القسطنطينية وقد فداه سيف الدولة بأموال كثيرة، وقد قتل على أيدي رجال خاله سعد الدولة، ولكن خلال مشوار حياته قد قدم الكثير من القصائد والأشعار والتي كان من أشهرها قصيدة الروميات، وقصيدة أراك عصي الدمع والتي غنتها كوكب الشرق السيدة أم كلثوم
قصيدة أراك عصي الدمع
أراكَ عـصـيَّ الـدَّمْـعِ شيمَـتُـكَ الصَّـبْـرُ
أمــا لِلْـهَـوى نَـهْـيٌ علـيـكَ و لا أمْــرُ؟
بَـلـى، أنــا مُشْـتـاقٌ وعـنـديَ لَـوْعَــةٌ
ولـكــنَّ مِـثْـلـي لا يُـــذاعُ لـــهُ سِـــرُّ!
إذا اللّيلُ أَضْواني بَسَطْـتُ يَـدَ الهـوى
وأذْلَـلْـتُ دمْـعـاً مــن خَـلائـقِـهِ الـكِـبْـرُ
تَـكـادُ تُـضِـيْءُ الـنـارُ بـيــن جَـوانِـحـي
إذا هـــي أذْكَـتْـهـا الصَّـبـابَـةُ والـفِـكْـرُ
مُعَلِّلَـتـي بـالـوَصْـلِ، والـمَــوتُ دونَـــهُ
إذا مِــتُّ ظَمْـآنـاً فـــلا نَـــزَلَ الـقَـطْـرُ!
بَــدَوْتُ، وأهـلـي حـاضِــرونَ، لأنّـنــي
أرى أنَّ داراً، لسـتِ مـن أهلِهـا، قَفْـرُ
وحارَبْـتُ قَوْمـي فـي هــواكِ، وإنَّـهُـمْ
وإيّــايَ -لــو لا حُـبُّـكِ- الـمـاءُ والـخَـمْـرُ
فـإنْ يـكُ مـا قـال الوُشـاةُ ولــمْ يَـكُـنْ
فقـدْ يَهْـدِمُ الإيمـانُ مـا شَـيَّـدَ الكـفـرُ
وَفَـيْـتُ، وفــي بـعـض الـوَفـاءِ مَـذَلَّـةٌ
لإنسانَـةٍ فـي الحَـيِّ شيمَتُهـا الغَـدْر
وَقـــورٌ، ورَيْـعــانُ الـصِّـبـا يَسْتَـفِـزُّهـا،
فَـتَــأْرَنُ، أحْـيـانـاً كــمــا، أَرِنَ الـمُـهْــرُ
تُسائلُنـي مـن أنــتَ؟ وهــي عَليـمَـةٌ
وهل بِفَتـىً مِثْلـي علـى حالِـهِ نُكْـرُ؟
فقلتُ كما شاءَتْ وشـاءَ لهـا الهـوى
قَتيـلُـكِ! قـالـت: أيُّـهــمْ؟ فَـهُــمْ كُـثْــرُ
فقلـتُ لهـا : لـو شَئْـتِ لــم تَتَعَنَّـتـي،
ولم تَسْألي عَنّـي وعنـدكِ بـي خُبْـرُ!
فقالـتْ: لقـد أَزْرى بـكَ الـدَّهْـرُ بَعـدنـا
فقلـتُ: معـاذَ اللهِ بـل أنــتِ لا الـدّهـر
ومـا كـان لِلأحْـزان، ِ لــولاكِ، مَسْـلَـكٌ
إلى القلبِ، لكنَّ الهوى لِلْبِلى جِسْـر
وتَهْـلِـكُ بـيـن الـهَـزْلِ والـجِـدِّ مُـهْـجَـةٌ
إذا مــا عَـداهـا البَـيْـنُ عَذَّبـهـا الهَـجْـرُ
فأيْقَـنْـتُ أن لا عِــزَّ بَـعْـدي لِعـاشِـقٍ،
و أنّ يَــدي مـمّـا عَـلِـقْـتُ بـــهِ صِـفْــرُ
وقلَّـبْـتُ أَمـــري لا أرى لـــيَ راحَـــة،ً
إذا البَيْـنُ أنْسانـي ألَــحَّ بــيَ الهَـجْـرُ
فــلا تُنْكِـريـنـي، يـابْـنَـةَ الـعَــمِّ، إنّـــهُ
لَيَـعْـرِفُ مــن أنْكَـرْتـهِ الـبَـدْوُ والحَـضْـرُ
ولا تُنْكِـريـنـي، إنّـنــي غــيــرُ مُـنْـكَــرٍ
إذا زَلَّــتِ الأقْــدامُ، واسْتُـنْـزِلَ الـنّـصْـرُ
ومــا حاجَـتـي بالـمـالِ أَبْـغـي وُفــورَهُ
إذا لـم أَفِـرْ عِـرْضـي فــلا وَفَــرَ الـوَفْـرُ
إذا حُــمَّ القَـضـاءُ عـلـى امــرئٍ
فـلـيْـسَ لَـــهُ بَــــرٌّ يَـقـيــهِ، ولا بَــحْــرُ
وقــال أُصَيْحـابـي: الـفِـرارُ أو الــرَّدى؟
فقلتُ:هـمـا أمـــرانِ، أحْـلاهُـمـا مُـــرُّ
ولكنّـنـي أَمْـضــي لِـمــا لا يَعيـبُـنـي،
وحَسْبُـكَ مـن أَمْرَيـنِ خَيرُهمـا الأَسْـر
يَقولـونَ لـي : بِعْـتَ السَّلامَـةَ بالـرَّدى
فقُلْـتُ: أمـا و اللهِ، مـا نالـنـي خُـسْـرُ
وهـلْ يَتَجافـى عَنّـيَ المَـوْتُ سـاعَـةً
إذا مـا تَجافـى عَنّـيَ الأسْــرُ والـضُّـرُّ؟
هو المَـوتُ، فاخْتَـرْ مـا عَـلا لـكَ ذِكْـرُهُ
فلـم يَمُـتِ الإنسـانُ مـا حَيِـيَ الـذِّكْـرُ
ولا خَـيْـرَ فــي دَفْــعِ الـــرَّدى بِـمَـذَلَّـةٍ
كـمـا رَدَّهــا، يـومـاً، بِسَـوْءَتِـهِ عَـمْـرُو
سَيَذْكُرُنـي قـومـي إذا جَــدَّ جِـدُّهُـمْ،
وفــي اللّيـلـةِ الظَّلْـمـاءِ يُفْتَـقَـدُ الـبَـدْرُ
فـإنْ عِشْـتُ فالطِّعْـنُ الـذي يَعْرِفـونَـهُ
وتِلْـكَ القَنـا والبيـضُ والضُّـمَّـرُ الشُّـقْـرُ
وإنْ مُـــتُّ فـالإنْـسـانُ لابُــــدَّ مَــيِّــتٌ
و إنْ طـالَـتِ الأيــامُ، وانْفَـسَـحَ العُـمْـرُ
ونَـحْــنُ أُنـــاسٌ، لا تَـوَسُّــطَ بيننا،
لـنـا الـصَّـدْرُ دونَ العالـمـيـنَ أو الـقَـبْـرُ
تَهـونُ علينـا فـي المعـالـي نُفوسُـنـا
ومن خَطَبَ الحَسْناءَ لم يُغْلِهـا المَهْـرُ
أعَـزُّ بَنـي الدُّنيـا وأعْلـى ذَوي الـعُـلا،
وأكْــرَمُ مَــنْ فَــوقَ الـتُّـرابِ ولا فَـخْــرُ
قصيدة الفداء
دَعوتـُكَ للجَفــن القريـْــحِ المسهـَّــدِ
لــديّ، وللنـــوم القليــل المُشـــرَّدِ
ومـــا ذاك بُخــلا بالحيــــاةِ وإنهــا
لأولُ مبــــذولٍ لأولِ مُــجـتـــــــدِ
وما الأسر مما ضقت ذرعا بحمله
وما الخطب مما أن أقول له قـَـــدِ
وما زل عني أن شخصا معرضــا
لنبل العد ىإن لم يصب فكأنْ قـَـدِ
ولســـت أبالي إنْ ظفــرت بمطلبٍ
يكونُ رخيصًا أو بوسْــمٍ مُــــزوَّدِ
ولكنني أختــــار مـــوت بنــي أبي
على صهوات الخيل غيـــر موسدِ
وتأبى وآبـــى أن أمــــوتَ مـُـوسدًا
بأيدي النصارى موتَ أكمـــدَ أكبدِ
نضوت على الأيام ثـوب جــلادتي
ولكنني لـــم أنـض ثـــوب التجلــدِ
دعوتك والأبــواب ترتـــجُ دوننـــا
فكن خيــــرَ مدعــــوٍّ وأكرمَ منجدِ
فمثلك مــن يـُـدعى لكــلِّ عظيمــة
ومثلي منْ يفدى بكــــلِّ مُسـَـــــوَّدِ
أناديكَ لا أني أخافُ من الـــرَّدى
ولا أرتجيْ تأخيرَ يومٍ إلى غَــــــدِ
متى تـُخلفُ الأيامُ مثلي لكـُــمْ فتى
طويلَ نجادِ السيف رحبَ المقلـَّـــدِ
متى تلدُ الأيـــام مثـلي لكــــم فتى
شديدًا على البأســـاءِ غيـــرَ مُلَهَّـــدِ
يطاعنُ عن أعـراضكم بلســـانـِـهِ
ويضربُ عنكمْ بالحســـامِ المُهنــَّـدِ
فما كلُّ منْ شاء المعالي ينــالهـــا
ولا كل سيَّارٍ إلى المجد يَهتــَـــدِي
وإنك للمولى الــذي بــكَ أقتـــدي
وإنك للنجمُ الــــذي بـــه أهتــَــدي
وأنت الذي عرَّفتني طـُــرقَ العلا
وأنت الــــــذي أهويتني كلَّ مقصدِ
وأنت الـــذي بلغتني كـــل رتبــة
مشيت إليهـــــا فوق أعناق حُسَّدي
فيا مُلبسي النعمى التي جلَّ قدرها
لقد أخـْـلـَقـَتَ تلـك الثيــــابُ فجَـدِّدِ!
قصيدة أوصيك بالحزن
أوصيك بالحزن ولا أوصيك بالجلد جل المصاب عن التعنيف والفند
إنى أجلك أن تكفى بتعزية عن خير مفتقد ياخير مفتقد
هي الرزية إن ضنت بما ملكت منها الجفون فما تسخو على أحد
بى مثل مابك من حزن زومن جزع وقد لجأت إلى صبر فلم أجد
لم ينتقصنى بعدى عنك من حزن هي المواساة في قرب وفى بعد
لأشركنك في الأواء إن طرقت كم شركتك في النعماء والرغد
أيكي بدمع له من حسرتى مدد وأستريح إلى صبر بلا مدد
ولاأسوغ نفسي فرحة أبدا وقد عرفت الذي تلقاه من كمد
وأمنع النوم عينى أن يلم بها علما بأنك موقوف على السهد
يامفردا بات ينكى لا معين له أعانك الله بالتسليم والجلد
هذا الأسير المبقى لا فداء لها يفديك بالنفس والأهلين والولد
من قصيدة الروميات
أمـــا لجــميل عنــدكن ثــواب
ولا لمســـيء عنــدكن متــاب?
إذا الخــل لــم يهجـرك إلا ملالـة
فليس لـــه إلا الفــراق عتــاب
إذا لــم أجـد مـن خلـة مـا أريـده
فعنــدي لأخــرى عزمـة وركـاب
وليس فـراق مـا اسـتطعت فـإن يكن
فــراق عــلى حــال فليس إيـاب
صبـور ولـو لـم يبـق منـي بقيـة
قئــول ولــو أن السـيوف جـواب
وقــور وأحـداث الزمـان تنوشـني
وللمــوت حــولي جيئـة وذهـاب
بمــن يثــق الإنسـان فيمـا ينوبـه
ومـن أيـن للحـر الكـريم صحـاب?
وقــد صـار هـذا النـاس إلا أقلهـم
ذئابــا عــلى أجســادهن ثيــاب
تغــابيت عـن قـوم فظنـوا غبـاوة
بمفــرق أغبانــا حـصى وتـراب
ولـو عرفـوني بعـض معـرفتي بهم
إذا علمــوا أنــي شـهدت وغـابوا
إلــى اللــه أشــكو أننـا بمنـازل
تحـــكم فــي آســادهن كــلاب
تمــر الليــالي ليس للنفـع مـوضع
لـــدي ولا للمعتفيـــن جناب
ولا شـد لـي سـرج عـلى متن سابح
ولا ضــربت لــي بـالعراء قبـاب
ولا برقت لي في اللقاء قواطع
ولا لمعت لي في الحروب حراب
ستذكر أيامي نمــير وعامر
وكعب عــلى علاتهـا وكلاب
أنا الجار لا زادي بطيء عليهم
ولا دون مالي فـي الحوادث باب
ولا أطلب العوراء منها أصيبه
ولا عورتي للطالبين تصاب
قصيدة اما لجميل عندكن ثواب
أمَا لِجَمِيلٍ عِنْدَكُنّ ثَوَابُ، … وَلا لِمُسِيء عِنْدَكُنّ مَتَابُ؟
لَقَد ضَلّ مَنْ تَحوِي هوَاهُ خَرِيدة ٌ، … و قدْ ذلَّ منْ تقضي عليهِ كعابُ
و لكنني – والحمدُ للهِ – حازمٌ … أعزُّ إذا ذلتْ لهنَّ رقابُ
وَلا تَمْلِكُ الحَسْنَاءُ قَلْبيَ كُلّهُ … و إنْ شملتها رقة ٌ وشبابُ
وَأجرِي فلا أُعطي الهوَى فضْلَ مقوَدي، … وَأهْفُو وَلا يَخْفَى عَلَيّ صَوَابُ
إذا الخِلّ لَمْ يَهْجُرْكَ إلاّ مَلالَة ً، … فليسَ لهُ إلا الفراقَ عتابُ
إذَا لَمْ أجِدْ مِنْ خُلّة ٍ ما أُرِيدُهُ … فعندي لأخرى عزمة ٌ وركابُ
وَلَيْسَ فرَاقٌ ما استَطَعتُ، فإن يكُن … فراقٌ على حالٍ فليسَ إيابُ
صبورٌ ولوْ لمْ تبقَ مني بقية ٌ … قؤولٌ ولوْ أنَّ السيوفَ جوابُ
وَقُورٌ وأحْدَاثُ الزّمَانِ تَنُوشُني، … وَفي كُلّ يَوْمٍ لَفْتَة ٌ وَخِطَابُ
وَألْحَظُ أحْوَالَ الزّمَانِ بِمُقْلَة ٍ … بها الصدقُ صدقٌ والكذابُ كذابُ
بِمَنْ يَثِقُ الإنْسَانُ فِيمَا يَنُوبُهُ … وَمِنْ أينَ للحُرّ الكَرِيمِ صِحَابُ؟
وَقَدْ صَارَ هَذَا النّاسُ إلاّ أقَلَّهُمْ … ذئاباً على أجسادهنَّ ثيابُ
تغابيتُ عنْ قومي فظنوا غباوة ً … بِمَفْرِقِ أغْبَانَا حَصى ً وَتُرَابُ
وَلَوْ عَرَفُوني حَقّ مَعْرِفَتي بهِم، … إذاً عَلِمُوا أني شَهِدْتُ وَغَابُوا
وَمَا كُلّ فَعّالٍ يُجَازَى بِفِعْلِهِ، … و لا كلِّ قوالٍ لديَّ يجابُ
إلى الله أشْكُو أنّنَا بِمَنَازِلٍ … تحكمُ في آسادهنَّ كلابُ
تَمُرّ اللّيَالي لَيْسَ للنّفْعِ مَوْضِعٌ … لديَّ ، ولا للمعتفينَ جنابُ
وَلا شُدّ لي سَرْجٌ عَلى ظَهْرِ سَابحٍ، … ولا ضُرِبَتْ لي بِالعَرَاءِ قِبَابُ
و لا برقتْ لي في اللقاءِ قواطعٌ … وَلا لَمَعَتْ لي في الحُرُوبِ حِرَابُ
أنا الجارُ لا زادي بطيءٌ عليهمُ … وَلا دُونَ مَالي لِلْحَوَادِثِ بَابُ
وَلا أطْلُبُ العَوْرَاءَ مِنْهُمْ أُصِيبُهَا، … وَلا عَوْرَتي للطّالِبِينَ تُصَابُ
وَأسْطُو وَحُبّي ثَابِتٌ في صُدورِهِمْ … وَأحلُمُ عَنْ جُهّالِهِمْ وَأُهَابُ
بَني عَمّنا ما يَصْنعُ السّيفُ في الوَغى … إذا فلَّ منهُ مضربٌ وذبابُ ؟
بَني عَمّنَا نَحْنُ السّوَاعِدُ والظُّبَى … ويوشكُ يوماً أنْ يكونَ ضرابُ
فَعَنْ أيّ عُذْرٍ إنْ دُعُوا وَدُعِيتُمُ … أبَيْتُمْ، بَني أعمَامِنا، وأجَابُوا؟
وَمَا أدّعي، ما يَعْلَمُ الله غَيْرَهُ … رحابُ ” عليٍّ ” للعفاة ِ رحابُ
و أفعالهُ للراغبين َ كريمة ٌ … و أموالهُ للطالبينَ نهابُ
و لكنْ نبا منهُ بكفي صارمٌ … و أظلمُ في عينيَّ منهُ شهابُ
وَأبطَأ عَنّي، وَالمَنَايَا سَرِيعة ٌ، … وَلِلْمَوْتِ ظُفْرٌ قَدْ أطَلّ وَنَابُ
فأَحْوَطَ لِلإسْلامِ أنْ لا يُضِيعَني … و لي عنهُ فيهِ حوطة ٌ ومنابُ
ولكنني راضٍ على كل حالة ٍ … ليعلمَ أيُّ الحالتينِ سرابُ
و ما زلتُ أرضى بالقليلِ محبة ً … لديهِ وما دونَ الكثيرِ حجابُ
وَأطلُبُ إبْقَاءً عَلى الوُدّ أرْضَهُ، … و ذكرى منى ً في غيرها وطلابُ
كذاكَ الوِدادُ المحضُ لا يُرْتَجى لَهُ … ثوابٌ ولا يخشى عليهِ عقابُ
وَقد كنتُ أخشَى الهجرَ والشملُ جامعٌ … و في كلِّ يومٍ لقية ٌ وخطابُ
فكيفَ وفيما بيننا ملكُ قيصرٍ … وَللبَحْرِ حَوْلي زَخْرَة ٌ وَعُبَابُ
أمنْ بعدِ بذلِ النفسِ فيما تريدهُ … أُثَابُ بِمُرّ العَتْبِ حِينَ أُثَابُ؟
فَلَيْتَكَ تَحْلُو، وَالحَيَاة ُ مَرِيرَة ٌ، … وَلَيْتَكَ تَرْضَى وَالأَنَامُ غِضَابُ
وَلَيْتَ الّذي بَيْني وَبَيْنَكَ عَامِرٌ … و بيني وبينَ العالمينَ خرابُ
قصيدة ايا أم الأسير
أيا أمَّ الأسيرِ ، سقاكِ غيثٌ ، … بكُرْهٍ مِنْكِ، مَا لَقِيَ الأسِيرُ!
أيا أمَّ الأسيرِ ، سقاكِ غيثٌ ، … تَحَيّرَ، لا يُقِيم وَلا يَسِير!
أيا أمَّ الأسيرِ ، سقاكِ غيثٌ ، … إلى منْ بالفدا يأتي البشيرُ؟
أيا أمَّ الأسيرِ ، لمن تربى … وقدْ متِّ ، الذوائبُ والشعورُ ؟
إذا ابنكِ سارَ في برٍ وبحرٍ ، … فمنْ يدعو لهُ ، أو يستجيرُ ؟
حرامٌ أن يبيتَ قريرَ عينٍ ! … ولومٌ أنْ يلمَّ بهِ السرورُ !
تَحَيّرَ، لا يُقِيم وَلا يَسِير! … وَلا وَلَدٌ، لَدَيْكِ، وَلا عَشِير
و غابَ حبيبُ قلبكِ عنْ مكانٍ ، … مَلائِكَة ُ السّمَاءِ بِهِ حُضور
لِيَبْكِكِ كُلُّ يَوْمٍ صُمتِ فيهِ .. مُصَابِرَة ً وَقَد حَميَ الهَجِير
لِيَبْكِكِ كُلّ لَيلٍ قُمْتِ فيهِ … إلى أنْ يبتدي الفجرُ المنيرُ!
لِيَبْكِكِ كُلّ مُضْطَهَدٍ مَخُوفٍ … أجرتيهِ ، وقدْ قلَّ المجيرُ !
لِيَبْكِكِ كُلّ مِسكِينٍ فَقِيرٍ … أغَثْتِيهِ، وَمَا في العَظْمِ زِير
أيا أماهُ ، كمْ همٍّ طويلٍ … مضى بكِ لمْ يكنْ منهُ نصيرُ ! ؟
أيا أماهُ ، كمْ سرٍّ مصونٍ … بقلْبِكِ، مَاتَ لَيسَ لَه ظُهُور
أيا أماهُ ، كمْ بشرى بقربي … أتَتْكِ، وَدُونَها الأجَلِ القَصِير
إلى منْ أشتكي ؟ ولمنْ أناجي ، … إذا ضاقتْ بما فيها الصدورُ ؟
بِأيّ دُعَاءِ دَاعِيَة ٍ أُوَقّى ؟ … بأيِّ ضياءِ وجهٍ أستنيرُ ؟
وَقَدْ مُتِّ، الذّوَائِب والشّعُورِ؟ … بِمَنْ يُسْتَفْتَح الأمْر العَسِير؟
نُسلَّى عنكَ : أنا عنْ قليلٍ ، … إلى ما صرتِ في الأخرى ، نصيرُ