يعتبر الأديب الروسي فلاديمير ماياكوفسكي أحد أبرز و أكبر شعراء روسيا في القرن الماضي، و قد وصلت شهرته إلى كل أنحاء روسيا، و كذلك كل أنحاء العالم، و قد ناضل ماياكوفسكي كثيرا ضد حكم القيصر في روسيا، و انضم حينها إلى البلشفيين ليصبح عضوا بالحزب الشيوعي، و لا عجب في أن نجد أنه قد وهب كل حياته من أجل الدفاع عن الإشتراكية.

من هو فلاديمير ماياكوفسكي
هو فلاديمير فلاديميروفيتش ماياكوفسكي Vladimir Vladimirovich Mayakovsky المولود في عام 1893م، و قد كان هذا العام تحديدا يشهد اضطرابات شديدة في كل أنحاء الامبراطورية الروسية، ضد حكم القيصر المستبد، و قد ولد فلاديمير في قرية صغيرة في جورجيا، و التي كانت وقتها تقع تحت سيطرة الامبراطورية الروسية، و كبر الطفل الصغير محبا للفن و الرسم كأمه، و كان أبوه يعمل كحارس للغابات، و نظرا لأنه انحدر من أسرة كريمة تستقبل الكثير من الضيوف في كل يوم تقريبا، فقد تعلم الطفل الصغير عدة لغات من هؤلاء الزائرين الذين جاؤوا من بلاد مختلفة، فتعلم فلاديمير اللغة الروسية و اللغة الجيورجية و اللغة الأرمينية، و عاش فلاديمير حياة قصيرة، حيث توفي و عمره سبعة و ثلاثون عاما في عام 1930م.

بداية دخوله في السياسة
حينما بلغ الطفل فلاديمير الثامنة من عمره، أرادت أمه أن تلحقه بالمدرسة، و لما لم تكن هناك مدرسة في قريته، ذهبت به أمه إلى بلدة كوتايسي، و لم يلبث أن شعر الطفل الصغير بأنه غريب عن هذه البيئة، فقد كان زملاؤه متعجرفون للغاية، و يعاملونه بتعالٍ شديد، و أحس الصبي أنه لا ينتمي إلى هذا المكان.

مع دخول أخته إلى الجامعة في موسكو، أصبح في متناول فلاديمير أن يعرف عن الكتابات الثورية، و التي كان يحصل عليها عن طريق أخته، و لم يلبس أن وجد نفسه منتميا إلى الماركسية الثورية، و في عام 1905م انضم فلاديمير إلى أول مظاهرة سياسية له، حيث خرج البلشفيون في تظاهرة كبيرة في جنازة نيقولا باومان الذي قتلته جماعة المئة السود الرجعية.

وفاة والده و معاناة الأسرة
توفي والده و هو في الثالثة عشرة من عمره، و كان ذلك في عام 1906م، و اضطرت الأم إلى تحمل عبء الأسرة وحدها، فلم يكن لديهم مصدر رزق آخر سوي معاش الأب و الذي يقدر فقط بعشرة روبيلات، و كان الأمر صعبا جدا على الأسرة التي انتقلت حديثا إلى العاصمة الكبيرة، فكيف تعيش أسرة مكونة من الأم و ثلاثة أطفال ما زالوا في المدرسة بهذا المبلغ؟ و كانت النتيجة أن خرجت الأم لتبحث عن عمل.

ومضات من رحلته السياسية
انضم فلاديمير ماياكوفسكي إلى جناح البلاشفة بالحزب الاشتراكي، و كان فاعلا جدا في الحزب رغم أنه كان مازال طالبا بالمرحلة الثانوية، و قد انتهى الأمر باعتقاله في عام 1908م، و لكنهم سرعان ما أفرجوا عنه نظرا لصغر سنه، ثم التحق بكلية الفنون التطبيقية، ثم اعتقل مرة أخري في عام 1909م، ثم أطلقوا سراحة مرة أخري لصغر سنه، ثم لم يلبث و أن تم اعتقاله مرة ثالثة في نفس العام، و استمر في السجن لمدة عام كامل، ثم حُكم عليه بالنفي لمدة ثلاثة سنوات، و قد سعت أمه بشدة إلى محاولة الحصول على عفو له، و نظرا لظروفهم الأسرية و حاجة الاسرة إلى رجلها الوحيد، تم الإفراج عنه.

كتابات فلاديمير ماياكوفسكي
كان السجن شاهدا على أول كتابات ماياكوفسكي، فكتب أول قصيدة له و هو في السجن، و قد كان في البداية يكتب بنظرة مستقبلية و متفائلة، ثم تغيرت نبرته لتصبح واقعية و كئيبة، و كتب ديوان صفعة على وجه الرأي العام، و قد نشره في عام 1914م، و تسبب في فصله من الكلية، و له قصيدة مشهورة كتبها قبل الثورة في عام 1914م، و هي قصيدة “غيمة في سروال”، و تعتبر من أشهر قصائده، و قد أثارت ضجة كبيرة، و له قصائد أخرى شهيرة و مؤثرة مثل قصيدة الحرب والحياة و التي كتبها عام 1916م، و قصيدة إنسان التي كتبها عام 1917م، و قصيدة من أجل جنود البحرية التي كتبها عام 1918م.