مالك بن دينار: هو أبو يحيى بن مالك بن دينار البصري، يعد من التابعين وليس من صحابة الرسول، ولد في أيام ابن عباس وأنس بن مالك، وكان يروي عنه الأحاديث ، ولقد تأثر ببعض التابعين مثل محمد بن واسع، ولقد كانت من أشهر الصفات النبيلة التي اشتهر بها بن دينار هو الزهد، فقد كان شديد الزهد للدنيا راضياً بما يقسمه الله له، وكان يبتعد عن كل ملذات الحياه ويحارب شهواته، ويخاف الله، وكان محبا للمعرفة والتطلع، وكان يمتلك قدرة الإقناع والتأثير على الآخرين في الخير.

قصة توبته :
– كان مالك بن دينار في بداية حياته غارق في المعاصي، كثير شرب الخمر، كثير الظلم حتى كان الناس يبتعدون عنه ويتجنبونه، ثم تزوج وزقه الله بفتاه أسماها فاطمة تعلق قلبه بها وأحبها حبا شديداً، وكانت ابنته تقف بينه وبين المعاصي، تمنعه عن شرب الخمر، وكان يستجيب لها، إلى أن توفت فاطمة قبل أن تكمل عامها الثالث.

– لم يكن يمتلك مالك بن دينار الإيمان الكافي ليصبر على ابتلاء الله له، مما جعل وضعه أسوء من زي قبل، حيث عاد لشرب الخمر، وعاد إلى الضلال والمعاصي، وفي ليلة تناول المزيد من الخمر حتى غاب عن الوعي، ورأى في منامه رؤية كانت رسالة الله له، حيث رأي أنه أصبح في يوم القيامة، واختفت الناس من حوله ولا يوجد سوى ثعبان ضخم يهاجمه، فأخذ يركض محاولا الابتعاد عن الثعبان فوجد رجل ضعيف فطلب منه أن يساعده فكان العجوز يحاول مساعدته ولكنه لم يستطيع، فأخبره أن يذهب من اتجاه معين.

– ذهب مالك في الاتجاه الذي اشار إليه العجوز فسمع مجموعة من الأطفال ينادون ويقولون (يا فاطمة انقذي والدك)، فظهرت ابنته المتوفية واخذته من يديه وابعدت عنه الثعبان، وقالت (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم)، وأخبرته أن الثعبان الضخم هو عمله السيئ الذي كبر حتي أصبح يحاول ابتلاعه، أما الرجل الضعيف فهو عمله الصالح الذي ضعف ولم يعد يعرف كيف يساعده، فاستيقظ مالك وهو انسان جديد وقرر التوبة واصبح من كبار التابعين.

من أقوال مالك بن دينار:
قال مالك بن دينار رحمه الله: كفى بالمرء شرًا أن لا يكون صالحًا ويقعَ في الصالحين، وقال (اعلم أنه فساد عظيم أن يتكلم الإنسان بكل ما يسمع).

– قال مالك بن دينار: (إن العالم إذا لم يعمل زلت موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفا)، وقال (القطر: المطر، الصفا: الحجر الأملس)، وقال (من لم يأنس بحديث الله عن حديث المخلوقين ، فقد قل علمه، وعمي قلبه، وضيع أمره).

– مر والي البصرة بمالك بن دينار يرفل فصاح به مالك: (أقل من مشيتك هذه فهم خدمه به)، فقال: (دعوه، ما أراك تعرفني)، فقال له مالك: (ومن أعرف بك مني، أما أولك فنطفة مذرة وأما آخرك فجيفة قذرة، ثم أنت بين ذلك تحمل العذرة)، فنكس الوالي رأسه ومشى.

قال مالك بن دينار رحمه الله: (إن الله جعل الدنيا دار مفر والآخرة دار مقر فخذوا لمقركم وأخرجوا الدنيا من قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم، ولا تهتكوا أستاركم عند من يعلم أسراركم، ففي الدنيا حييتم ولغيرها خلقتم؛ إنما مثل الدنيا كالسم أكله من لا يعرفه واجتنبه من عرفه ومثل الدنيا مثل الحية مسها لين وفي جوفها السم القاتل يحذرها ذوو العقول ويهوي إليها الصبيان بأيديهم).

– قال مالك بن دينار: (وددت أن الله – عزَّ وجلَّ – أذِن لي يوم القيامة إذا وقفت بين يديه أن أسجد سجدةً، فأعلم أنه قد رضيَ عني، ثم يقول لي: يا مالك كن تُرابًا).

– دخل على مالك بن دينار لص فما وجد ما يأخذ، فناداه مالك لم تجد شيئا من الدنيا، فترغب في شيء من الآخرة ؟ قال : نعم ، قال : توضأ وصل ركعتين ، ففعل ثم جلس وخرج إلى المسجد ، فسئل من ذا ؟ قال : جاء ليسرق فسرقناه.

– قال مالك بن دينار رحمه الله: (بقدرِ ما تحزن للدّنيا يخرج همّ الآخرة من قلبك، وبقدر ما تحزن للآخرة يخرج همّ الدنيا من قلبك)، وقال مالك: (كن عالماً أو متعلماً.. و إياك و الثالثة، فإنها مهلكة العقد.. و لا تكون عالماً حتى تكون عاملاً، ولا تكون مؤمناً حتى تكون تقياً).

– قال مالك بن دينار: (يا حملة القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ فإن القرآن ربيع المؤمن كما أن الغيث ربيع الأرض. فإن الله ينزل الغيث من السماء إلى الأرض فيصيب الحسَّ فتكون فيه الحبة فلا يمنعها نتن موضعها من أن تهتز وتخضر وتحسن، فيا حملة القرآن: ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ أين أصحاب سورة؟ أين أصحاب سورتين؟ ماذا عملتم فيهما؟).