عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا رسول الله مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت قال: «قل: اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شيء ومليكه أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه، وأن أقترف على نفسي سوءً أو آجره إلى مسلم» قال: «قلها إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك».
فضل دعاء اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة
هذا الحديث من جوامع الكلم الذي يتحصن به المسلم في كل صاح ومساء فيصبح الدرع الواقي الذي يحميه من الوقوع في الشرور والمعاصي وشرك الشيطان، فهي منحة غالية خص الله سبحانه تعالى بها المسلمون ليتحصلوا منها على جزيل الثواب ويعلموا أن أغلب الشرور والمعاصي تأتي من النفس البشرية التي تعاني من النقص وعدم الكمال لذلك جاءت الاستعاذة من النفس ومن الشر وجاء الأمر من رسول الله فيها لأبي بكر بأن يجعل من الدعاء حصن له يذكره في الصباح وفي المساء وعند الاضطجاع حتى يستطيع تحصين نفسه كما ينبغي ولا يدع للوسوسة مجالًا سواء وسوسة النفس، أو وسوسة الشيطان ومن ذلك أيضًا الاحتراز من المفاخرة بالسيئات والمعاصي حتى يعجب بها من المسلمين من يملكون ضعف في النفس وتصبح عادة جميعها تقع في ميزان حسنات القائم عليها سواء بالنشر أو بالتنفيذ، وهو ما يستوجب الإذعان الكامل والشهادة له بالوحدانية والكمال والذي يتحقق في لفظ الشهادة.
شرح الحديث:
يشتمل هذا الدعاء على الاستعاذة بالله سبحانه وتعالى من جميع الشرور من خلال التوسل إليه بعظيم ذكره وما علا من جملة صفاته الكريمة التي تدل على كماله سبحانه وتعالى وعظمته، فالله هو عالم الغيب والشهادة يعلم ما كان وما لم يكن وما سوف يكون، ولا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو سبحانه وتعالى فاطر السماوات والأرض أي مبتدأ خلقهما على غير مثال سابق، ورب كل شيء ومليكه فالرب هو الذي يوجد الأشياء وخالقها والمالك هو الذي يتصرف فيها كيفما يشاء، وفيه يشهد الإنسان بالوحدانية لله عز وجل والإقرار والاعتراف بأنه لا يوجد إله إلا الله وجاءت الاستعاذة من النفس لما عرف عنها بأنها أمارة بالسوء وفيها قال الله تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} [سورة يوسف: 53] كما يستعيذ المسلم فيه من شر الشيطان ومن شر شركه الذي يحيكه للمسلم للوقوع في المعصية من خلال تزيين المعاصي والمنكرات وكذلك يستعيذ من أن يوقع نفسه في السوء من المعاصي والذنوب أو يكون سببًا في وقوع غيره من المسلمين فيه.