يعد يوم عاشوراء من الأيام المباركة والمحببة عند المسلمين جميعًا ، وفي هذا اليوم يحرص كافة المسلمين على الصيام وذكر الله وذلك لما فيه من أجر كبير وفضل عظيم .
يوم عاشوراء في الأديان السماوية
الديانة اليهودية
يقوم اليهود بصيام يوم عاشوراء وهو يمثل عيدًا بالنسبة إليهم ، وذلك نظرًا لأنه في ذلك اليوم كتب الله سبحانه وتعالى النجاه لنبيهم موسى عليه السلام من فرعون وأعوانه ، لذلك فهُم يصومونه ويقدسونه ، كما أن نساءهم في هذا اليوم يلبسن الملابس الجميلة والحلي احتفالاً وابتهاجًا .
الديانة المسيحية
كان النصارى يقومون بصيام يوم عاشوراء ويعظمونه أيضًا ، حيث تشابهت شرائع الإنجيل مع شرائع التوراة ، وكلاهما يعتبر هذا اليوم مقدس .
الديانة الإسلامية
عند هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة ، لاحظ أن اليهود يقومون بصيام يوم عاشوراء ، ولما علم أنهم يفعلون ذلك لنجاة موسى عليه السلام ، فأوصى الصحابة أن يقوموا بصيامه ويعلمون أبنائهم بذلك .
قصة نجاة سيدنا موسى في يوم عاشوراء
يوافق يوم عاشوراء اليوم العاشر من شهر محرم أول شهر من السنة الهجرية ، ولهذا اليوم فضل كبير يختلف عن غيره من الأيام ، فالله سبحانه وتعالى كتب النجاه فيه لنبيه موسى عليه السلام من ظلم فرعون وأعوانه ، حيث غرق فرعون في البحر كعقاب من الله، ونجى موسى ومن معه .
كان فرعون رجلاً ظالمًا حيث نصب نفسه إلهًا لبني إسرائيل ، وكان يقوم باستعبادهم واستحياء نسائهم وقتل أطفالهم لكي يضمن بقاؤه في الحكم ، وظل على هذا الوضع لسنين طويلة إلا أن شاء الله تعالى أن يأتي موسى عليه السلام إلى الدنيا ، وقد ألقته أمه في اليم خوفًا عليه ، فاستقر في قصر فرعون .
تربى موسى عليه السلام في قصر فرعون ولما كبر حصل أمرًا قلب كل الموازين ، حيث قام موسى بقتل قبطيًا بالخطأ ، فنصحه أحدهم بالخروج من مصر ، وبالفعل خرج واتجه إلى مدين ، وهناك التقى بالنبى شعيب عليه السلام ثم تزوج من ابنته وظل هناك لمدة عشر سنوات .
رجع موسى عليه السلام إلى مصر مرة أخرى ولكنه هذه المرة كان معه رسالة من الله سبحانه وتعالى ومعجزات تؤيد رسالته ، فذهب إلى فرعون لكي يدعوه إلى عبادة الله الواحد ، ووضع أمامه البراهين والمعجزات التي منحها الله له ، إلا أنه لقى من فرعون الاستهزاء والسخرية ، فألهم الله لنبيه موسى عليه السلام أن يقوم بجعل الناس هم الحكم بينه وبين فرعون .
وافق فرعون على طلب موسى عليه السلام ، وقام باستدعاء أمهر السحرة للمبارزة المشهودة ، وعندما تقابل السحرة مع موسى فقاموا بإلقاء ما بإيديهم من عصى ، وقام موسى بإلقاء عصاه ، إلا أن عصاه لقفت عصى السحرة جميهم ، وحينها علم السحرة أن الأمر ليس سحر بل هو قوة غير عادية ، وأمنوا بدعوة موسى وسجدوا لله ، وورد ذلك في القرآن الكريم بسورة طه : ” فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَىٰ ” .
قام فرعون بتجهيز جيشه للقضاء على موسى عليه السلام وكل من آمن معه ، ووصلوا إليهم وقت الشروق ، ومشي موسى ومن معه إلا أنهم لم يكن أمامهم أي طريق سوى طريق البحر ، وفي تلك اللحظة أوحى الله تعالى لموسى عليه السلام بأن يضرب البحر بالعصا ، وبالفعل عندما فعل ذلك انفلق البحر وفتح لهم طريقًا ليسيروا به .
بعد عبور موسى عليه السلام ومن معه ، وصل فرعون وجنوده ، وفي تلك اللحظة حاول موسى عليه السلام الضرب بعصاه على البحر مرة أخرى لكي يعود كما آن ، إلا أن الله أوحى له أن يتركه كما هو ، فعندما قدم فرعون ومن معه وعبروا البحرإلا أن وصله إلى نصفه ، جعل الله البحر كما كان ، فغرق فرعون ومن معه جميعًا ، وقال تعالى في سورة الشعراء : ” وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ” .
أحاديث عن يوم عاشوراء
عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( كان عاشوراء يصام قبل رمضان، فلما نزل رمضان كان من شاء صام، ومن شاء أفطر )، وفي رواية: ( كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – يصومه في الجاهلية، فلمّا قدم المدينة صامه، وأمر بصيامه، فلمّا فرض رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه ) أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وأحمد .
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: (كان يوم عاشوراء يوماً تعظّمه اليهود، وتتخذه عيداً، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: صوموه أنتم)، وفي رواية لمسلم: (كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء، يتّخذونه عيداً، ويلبسون نساءهم فيه حليّهم وشارتهم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فصوموه أنتم) أخرجه البخاري ومسلم
عن عبد الله بن أبي يزيد، أنّه سمع ابنَ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما، وسُئل عن صيامِ يومِ عاشوراءَ، فقال: (ما علمتُ أنَّ رسولَ اللهِ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ – صام يومًا، يطلُبُ فضلُه على الأيّامِ، إلا هذا اليومَ. ولا شهرًا إلا هذا الشهرَ، يعني رمضانَ) رواه مسلم ، وفي لفظ: (ما رأيت النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – يتحرّى صيام يوم فضّله على غيره إلا هذا اليوم: يوم عاشوراء..) أخرجه البخاري، ومسلم، والنّسائي .
عن الرُّبيع بنت معوِّذ رضي الله عنها قالت: (أرسل رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: من كان أصبح صائماً فليتمّ صومه، ومن كان مفطراً فليتمّ بقيّة يومه، فكنّا بعد ذلك نصومه، ونصوِّمه صبياننا الصّغار، ونذهب إلى المسجد، فنجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم أعطيناها إيّاه، حتى يكون الإفطار) أخرجه البخاري، ومسلم، وأحمد، وابن حبّان، والطبراني، والبيهقي .
فضل صيام يوم عاشوراء
حث نبينا الكريم على صيام يوم عاشوراء لما له من فضل كبير ، فصيامه ايمانًا واحتسابًا لله تعالى يعمل على غفران الذنوب التي ارتكبها المسلم خلال عام مضى ، وذلك لما روي في صحيح مسلم عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال: (صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ) .