كانت شركة نيسان اليابانية لصناعة السيارات، قد اشتهرت في وقت من الأوقات بصنعها أكثر السيارات الرياضية جاذبية في العالم، مثل سيارة 240Z الأسطورية التي أيدها نجم هوليوود بول نيومان، ومن خمسينيات إلى سبعينيات القرن الماضي، توسعت الشركة بشكل مثير حيث تجاوزت المبيعات في الولايات المتحدة 500.000 سيارة في السنة، لكن بحلول التسعينيات، كانت نيسان تنحرف عن مسارها .

بدء انهيار نيسان
بدأت شركة صناعة السيارات في إنتاج سيارات سيدان العائلية المملة والغير ملهمة، كانت تدور حول الهندسة أكثر من التصميم الذي يلبي احتياجات عملائها، وتراجعت المبيعات، وبحلول عام 1999 كانت الشركة تعاني من ديون تقدر بنحو 20 مليار دولار إلى 27 مليار دولار، وما كان يجب على نيسان فعله هو تبسيط الإنتاج، ولكن مع ارتفاع تكاليف التصنيع بدلا من ذلك، خسرت الشركة ما يقدر بـ 1.000 دولار أمريكي لكل سيارة تم بيعها في الولايات المتحدة في التسعينيات، وفي عام 1993، سجلت نيسان خسارة بقيمة مليار دولار أمريكي، في المرة الأولى التي لم تحقق فيها الشركة ربحا خلال 50 عاما، وسرعان ما وجدت نفسها مديونة بحوالي 20 مليار دولار أمريكي .

وفي عام 1999، أصبحت الشركة يائسة وبدأت البحث عن مشتري أجنبي، وفي مارس 1999، اشترت شركة صناعة السيارات الفرنسية رينو، 36.8 في المائة من نيسان، ليولد تحالف رينو – نيسان .

الشركة على حافة الإفلاس
كانت الشركة قريبة من الإفلاس، حيث توقفت البنوك عن إقراضها المال، ولم يتم توفير المال بواسطة أموال شركة رينو فحسب، بل عثرت نيسان أيضا على منقذ، وهو السيد كارلوس غصن، الذي سوف يحولها للقرن الواحد والعشرين، حيث تعاقدت نيسان مع رجلا يتمتع بخبرة واسعة في صناعة السيارات، وكان قد شق طريقه في صفوف شركة الإطارات Michelin، ليصبح مسؤول التشغيل الرئيسي في أمريكا الجنوبية، وهو في الثلاثين من عمره، ثم انضم إلى رينو كنائب للرئيس في عام 1996، حيث كان العقل المدبر لإحيائها، واشتهر بلقب Le Cost Killer في الصحافة الفرنسية .

وفي اليابان، كان ينظر إلى كارلوس باعتباره من الخارج، نظرا لندرة كبار المسئولين التنفيذيين الدوليين في البلاد، ولم يأتوا على المستوى الدولي مثله، وقد ولد في البرازيل وترعرع في لبنان وتلقى تعليمه في وقت لاحق في فرنسا، لذا بعد أن وصلت نيسان إلى حافة الإفلاس، تنازلت عن زمام الأمور إلى هذا الشخص الأجنبي، كارلوس غصن، لينقذها .

قصة نجاح كارلوس غصن في إنقاذ شركة نيسان
خفض كارلوس التكاليف للشركة عن طريق إغلاق خمسة مصانع تخسر، مما أدى إلى خفض فاتورة أجور نيسان في هذه العملية، من خلال توقف 20 ألف وظيفة من قوة عاملة تبلغ حوالي 150.000، وقال كارلوس : ” كان لدينا عدد كبير من الموظفين الذين لم نحتاجهم، وكان ينبغي اتخاذ هذه القرارات منذ وقت طويل “، وكان على استعداد للقضاء على عدد أكبر من القوانين، عن طريق التخلص من أحد أكثر المبادئ التجارية التقليدية في اليابان : قاعدة الأقدمية، التي تعطي الأولوية لعمر الموظف كسبب للترقية، وقال : ” لم أكن أريد أن يكون العمر عاملا تمييزيا، لقد أردت أن يصبح العمر عاملا من عوامل احترام كبار السن، وهو عامل من عوامل الخبرة، ولكنه بالتأكيد ليس شيئا يحظر على الشباب الفرص الكبيرة ” .

ولتحفيز الموظفين المحبطين، زار كارلوس جميع مواقع نيسان في جميع أنحاء العالم، وقد غير هذا المسئول الجديد الأجنبي نظرة الموظفين، وزاد من حماسهم، وسرعان ما حصل غصن على اللقب 7 – 11، لأنه كان يصل إلى المكتب في الساعة 7 صباحا، ويغادر في حوالي الساعة 10 مساءا أو 11 مساءا في السنوات القليلة الأولى، لذا ارتفعت الشركة وبدأت إعادة الإحياء من جديد، وفي عام 2001، بعد أقل من عامين من انضمام كارلوس إلى نيسان، أعلن عن ربح الشركة 3 مليارات دولار، وهو أكبر مبلغ حققه في العام، وفي تلك السنة، أصبح رئيسها التنفيذي، وكان يعلم، على أية حال، أنه لا يستطيع أن يستريح، فكانت الخطوة التالية هي تحديث سيارات نيسان الجديدة .

وقد تم تشجيع المصممين على تجربة أفكار جديدة، بداية من واجهة نظام تحديد المواقع العالمي إلى شكل السيارات، وتمت استشارة العملاء الذين اعتادوا الابتعاد عن موديلات الشركة، وساعدوا في حل المشكلات، وصولا إلى تصميم عجلات التوجيه الخاصة بهم، وسمحت هذه الممارسة لشركة نيسان بمتابعة اتجاهات المستهلكين عن كثب .

عودة نيسان إلى القمة
تعد الشركة الآن واحدة من أفضل علامات السيارات في آسيا من جديد، وتصل أرباح التشغيل السنوية الأخيرة إلى 7 مليارات دولار، وفي أبريل 2017 تولى غصن منصب الرئيس التنفيذي ورئيس شركة نيسان، وأصبح الرئيس التنفيذي الأجنبي الأكثر شهرة في تاريخ اليابان بسبب نجاحه وجاذبيته، كما تم توثيق مغامراته كـ ” بطل خارق للشركات “، بحسب ما أشارت Assoc Prof Chia، وقد قلل غصن، الذي يشغل أيضا منصب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة رينو، من إنجازاته قائلا : ” لم يكن الأمر يتعلق بالمكاسب، بل كان هذا عن كيفية العمل معا كفريق، ومعرفة ما يمكننا القيام به ” .