عن أبي بن كعب قال : انتسب رجلان على عهد رسول الله صل الله عليه وسلم فقال أحدهما أنا فلان بن فلان فمن أنت لا أم لك فقال رسول الله صل الله عليه وسلم : « انتسب رجلان على عهد موسى عليه السلام فقال أحدهما : أنا فلان بن فلان حتى عد تسعة فمن أنت لا أم لك، قال : أنا فلان بن فلان ابن الإسلام قال : فأوحى الله على موسى عليه السلام إن هذين المنتسبين أما أنت أيها المنتمي إلى تسعة في النار فأنت عاشرهم، وأما أنت يا هذا المنتسب إلى اثنين في الجنة فأنت ثالثهما في الجنة » [ حديث إسناده صحيح ].
قصة في ضوء الحديث :
يروى ان أبا سفيان أتى على سلمان وصهيب وبلال في نفر فقالوا : والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله فأخذها قال : فقال أبو بكر : أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم ؟ فأتى النبي صل الله عليه وسلم فأخبره فقال : « يا أبا بكر لعلك أخبرتهم لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربك » فأتاهم أبو بكر فقال يا إخوتاه أغضبتكم ؟ قالوا : لا يغفر الله لك يا أخي.
ويروى أيضاً أن أبا ذر رضي الله عنه الصحابي الجليل لما عير رجلًا وكانت أمه أعجمية زجره النبي صل الله عليه وسلم وقال له « يا أبا ذر أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية ».
ويروى أيضًا من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كنا في غزاة فكسع رجلًا من المهاجرين رجلًا من الأنصار فقال الأنصاري : يا للأنصار، وقال المهاجري : يا للمهاجرين فسمع ذلك رسول الله صل الله عليه وسلم فقال : « ما بال دعوى الجاهلية ؟ » قالوا : يا رسول الله كسع رجلًا من المهاجرين رجلًا من الأنصار، فقال : « دعوها فإنها منتنة ».
ما يستفاد من الحديث :
عندما وجد رسول الله اثنين من المسلمين أحدهم ينتسب أمام الآخر ويعيره بعدم نسبه أو دنوه ذكر لهم هذه القصة وهي قصة موسى مع الرجل الذي انتسب لتسعة فاخبره الله انهم في النار وهو عاشرهم. وقد نهى الرسول صل الله عليه وسلم عن هذه الفعلة وهي التفاخر بالنسب والأصل مما يجعل في النفس من كبر وغرور وهو لا يليق بالمسلمين وليس من عادتهم بل من عادات الجاهلية حيث كانوا ينشدون أشعارًا في أنسابهم ويعيرون بعضهم وهو ما نفاه الإسلام ورهب منه، لذلك عندما فعل هذه الفعلة وهو أبو ذر وقام بمعايرة أحد الصحابة لأن أمه أعجمية زجره الرسول عن فعلته وقال له « إنك امرؤ فيك جاهلية » أي فيك أحد عادات الجاهلية والتي لم يمحوها داخلك الإسلام.
لذلك وجب على كل المسلمين ترك هذه الصفة الذميمة والتخلي عنها حتى ينال محبة الله ومحبة عباده فهي من دعوى الجاهلية التي نهانا الله عنها ووصفاها رسوله بأنها منتنة عندما وقع المهاجرين والأنصار في شيء من ذلك زجرهم النبي ووصف دعواهم بأنها منتنة وكان من دعاتها بل من رؤوس دعاتها عبيد الله بن سلول رأس المنافقين فهو سلف لكل من دعى بهذه الدعاوي الجاهلية.