هو عياض بن غنم بن زهير بن أبي شداد بن ربيعة من بني كنانة وهناك من قال أبو سعيد  الفهري القرشي، ولد بمكة المكرمة، وقد لقب رضي الله عنه بزاد الركب، بسبب أنه كان يطعم زاده للناس، وإذا نفذ زاده كان يقوم بنحر جمله ليطعمهم، وهذا من شدة كرمه رضي الله عنه، وقد نشأ بالجزيرة العربية، كما أنه من أشراف قريش، وأسلم قبل صلح الحديبية عام 6 من الهجرة النبوية الشريفة، وهو بن عم الصحابي الجليل أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنهما، وكان من رواة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فتوحاته

كان معروف بفتوح الشام، وهو من قام بفتح العراق، وشاهد صلح الحديبية عام 6 هجريًا، وكان أحد الأمراء الخمسة، في موقعة اليرموك والتي وقعت في العام الخامس عشر من الهجرة النبوية الشريفة، وقام أيضا بفتح الرُهاء عام 17 هجريًا، وهي إحدى مدن الجزيرة العربية.

روايته للحديث عن رسول الله

أخرج بن مردويه عن عياض بن غنم رضي الله عنه، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا قوله تعالى: { أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ }، يقول: «لو دخلتم القبور { ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ }، وقد خرجتم من قبوركم { كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ }، في يوم محشركم إلى ربكم { لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ }، أي في الأخرة حق اليقين كرأي العين { ثُمَّ لَتَرَوُنَّهَا عَيْنَ الْيَقِين ِ}، يوم القيامة، { ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ } بين يدي ربكم عن بارد الشراب وظلال المساكن وشبع البطون واعتدال الخلق ولذاذة النوم حتى خطبة أحدكم المرأة مع خطاب سواه فزوجها ومنعها غيره». [أخرجه بن مردويه]

زهده رضي الله عنه

عرف عن الصحابي عياض بن غنم، رضي الله عنه شدة زهده وورعه، حتى قيل أنه عندما ولي على الشام، جاءه مجموعة رجال من أقاربه وكانوا خمسة رجال، يطلبوا منه حقوق القرابة ويريدون وصله، فما كان من عياض بن غنم، إلا أن قابلهم بترحيب شديد وأحسن مقابلتهم وقام باستضافتهم عنده، لعدة أيام، وبعد ذلك رووا هؤلاء الرجال لعياض رضي الله عنه، عن ما تكلفوه من مشقة السفر لكي يأتوا إليه، فقام عياض بإعطاء كل رجل منهم عشرة دنانير، ولكنهم غضبوا غضب شديد بسبب قلة المبلغ، وقاموا برد الدنانير له، وتجاوزوا الحد في الحديث معه، ولكنه حدثهم بلين وخلق، وأخبرهم بعدم نكرانه لقرابتهم ولا بواجبهم عليه، وبأنه يعلم مدى المشقة التي تكلفوها من أجل السفر إليه، ولكنه قد باع خادمه وكل ما هو ثمين عنده حتى يعطيهم تلك الدنانير، فتعجبوا منه، قائلين: كيف لرجل يتولى الخلافة على نصف الشام ويعطينا تلك الدنانير القليلة، وقالوا له بأنهم لن يمتثلوا له أية أعذار فيما فعل.

ولكنه تعجب من قولهم هذا وقال لهم: أفتأمروني أن أسرق مال الله فو الله لأن أشق بالمنشار أو أبرى كما يبرى السفن أحب إلي من أن أخون فلس أو أتعدى وأحمل على مسلم ظلمًا أو على معاهد، فكان أهون عليه رضي الله عنه أن يشق بالمنشار ولا يضع يده على شيء ولو قليل من المال الذي قد ولي عليه، فعذروه فيما فعل بسبب أمانته الشديدة، وطلبوا منه أن يخول لهم بعض الأعمال التي يتمكنوا من خلالها الحصول على المال، الذي يسد حاجتهم بسبب ضيق حالهم.

كما أنه رضي الله عنه كان يبيع ثوبه عند حاجته للطعام لئلا يقوم بأخذ شيء من المال، حتى وإن كان سيقوم برده في اليوم التالي، وهذا بسبب خوفه الشديد من أن يأخذ شيء من مال المسلمين الذي قد وضع في أمانته، وهذا من شدة مراقبته لله عز وجل.

وفاته

توفى رضي الله عنه عام 20 من الهجرة النبوية الشريفة، بمدينة حمص بالشام، وكان قد بلغ الستين عام من عمره، وقد مات وليس عليه دين لأحد من الناس، كما أنه مات وليس عنده مال.