يقول الله سبحانه و تعالى في كاتبه العزيز: “اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ۖ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ۖ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ۚ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ ۗ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ”، و نحن هنا سوف نستعرض تفصيل تفسير قوله عز و جل “مثل نوره كمشكاة” كما ورد في كتب التفسير المختلفة.
تفسير ابن كثير لآية ” مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ”
يقول بن مسعود رضى الله عنه أن كلمة (مثل نوره) أن الضمير هنا فيها قولان أحدها يعود على الله عز و جل ( مثل نور الله) كمشكاة، و الآخر انه عائد على المؤمن الذي دل عليه سياق الكلام، و يكون تقدير الكلام مثل نور المؤمن الذي في قلبه كمشكاة، فشبه قلب المؤمن و فطرته الإيمانية بصفائه كقنديل من الزجاج الشفاف، اما “كمشكاة” يقول ابن عباس و ابن مسعود وغيرهم ان المشكاة هي فتيلة القنديل و هذا المشهور و قولًا اخر وهو الذبالي التي تضىء.
تفسير القرطبي
يقول القرطبي في تفسيره للآية: “مثل نوره” أن المقصود بنوره هو صفة دلائله التي يقذفها في قلب المؤمن، و وجه الإضافة لله تعالى انه مثبت الدلالة و واضعها، و تحمل الآية معنى آخر وقع فيها تشبيه جملة بجملة أخرى و ذلك مثل نور الله الذي هداه و اتقانه صنعة كل مخلوق و براهينه الساطعة، فمثل نور الله في الوضوح كهذا الذي في منتهاكم أيها البشر، و المشكاة أى الكوة في الحائط غير النافذ و يقول فيها بن جبير و جمهور المفسرين ، و هي أجمع للضوء و يكون فيها المصباح فيها أشد إضاءة و أصلها الوعاء يجمع فيه الشىء و المشكاة وعاء كالدلو يبرد فيه الماء.
تفسير الجلالين
“مثل نوره” هنا أى صفته في قلب المؤمن، و أما “كمشكاة”فهي القنديل و المصباح السراج أى الفتيلة الموقودة و المشكاة هي الطاقة غير النافذة أي الانبوب في القنديل.
تفسير السعدي
يقول السعدي: { مَثَلُ نُورِهِ } الذي يهدي إليه، وهو نور الإيمان والقرآن في قلوب المؤمنين، { كَمِشْكَاةٍ } أي: كوة.
تفسير البغوي لآية “مثل نوره كمشكاة”
يقول البغوي: مثل نوره أي : مثل نور الله تعالى في قلب المؤمن ، وهو النور الذي يهتدي به ، وكان ابن مسعود يقرأ : ” مثل نوره في قلب المؤمن ” . وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس : مثل نوره الذي أعطى المؤمن . وقال بعضهم : الكناية عائدة إلى المؤمن ، أي : مثل نور قلب المؤمن ، وكان أبي يقرأ : ” مثل نور من آمن به ” وهو عبد جعل الإيمان والقرآن في صدره، وقال الحسن وزيد بن أسلم : أراد بالنور القرآن، وقال سعيد بن جبير والضحاك : هو محمد – صلى الله عليه وسلم – ، وقيل : أراد بالنور الطاعة ، سمي طاعة الله نورا وأضاف هذه الأنوار إلى نفسه تفضيلا ( كمشكاة ) وهي الكوة التي لا منفذ لها فإن كان لها منفذ فهي كوة، وقيل : المشكاة حبشية، قال مجاهد : هي القنديل ( فيها مصباح ) أي : سراج ، أصله من الضوء ، ومعناه : كمصباح في مشكاة.
تفسير الطبري لآية “مثل نوره كمشكاة”
اختلف أهل التأويل في الهاء، علام تعود قال بعض هي من ذكر المؤمن اى مثل نور المؤمن الذي في قلبه من الإيمان و القرآن كمشكاة و قيل هو المؤمن قد جعل الإيمان و القرآن في صدره.
خواطر الشيخ الشعراوي
يقول الشعراوي ان المقصود بقول الله عز و جل: “مثل نوره كمشكاة” أى مثل تنويره للسموات و الأرض كمشكاة، و هي الطاقة التي كانوا يحملونها قديمًا في الجدار، و هي طاقة غير نافذة يضمون فيها المصباح أو المسرجة فتجمع هذه الفجوة الضوء في ناحية فيصير قويًا و مركزًا ولا يصنع ظِلًا أمام مسار الضوء.