تشير الدراسات الحديثة أن تحيز الآباء وعنصريتهم تجاه الآخرين ينتقل بالضرورة إلى أبنائهم، لأن الأطفال تستطيع استيعاب التحيز الخاص بك حتى تلك التحيزات التي لا تتحدث عنها أمامهم .

دراسة جديدة تكشف أن تحيز الآباء العنصري ينتقل إلى أبنائهم
يتعلم الأطفال التحيز من والديهم، كما تشير هذه الدراسة الجديدة، فالعنصرية تنتقل إلى الأطفال سواء كانوا يسمعون عنها أو لا يسمعون عنها من آبائهم، حيث وجدت الأبحاث أن الآباء والأمهات الذين يعتنقون التحيزات الخاصة والضمنية ضد الأجناس الأخرى، ينقلونها إلى أطفالهم أيضا، وتشير النتائج إلى أن الجهود الرامية إلى القضاء على العنصرية قد تكون غير مجدية حتى يعالج البالغون تحيزاتهم الخاصة أولا، حيث أن الأطفال قد يلتقطون حتى التلميحات الخفية التي تتسم بالعنصرية منهم .

الدراسات الجديدة التي تؤكد انتقال العنصرية من الآباء إلى الأبناء
إن الأبحاث الجديدة كشفت أن الآباء هم وسيلة قوية لنقل التحيز العرقي إلى أطفالهم، وقال المشارك في الدراسة ” جيوسيبي كاروس من جامعة روما تري في إيطاليا ” إن انتقال الأفكار العنصرية لا تتم فقط من خلال أفعال الآباء الصريحة، ولكن أيضا من خلال معتقداتهم غير الواعية، وسلوكياتهم النمطية والتلقائية “، ولكن هذا لا يعني أن الأطفال لا يكونوا عنصريين من تلقاء أنفسهم، فقد حددت الدراسات التحيز لدى الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ثلاث سنوات وحتى الرضع، في أنهم يفضلون الوجوه التي تتناسب مع عرقهم والأشخاص الذين يتكلمون لغتهم الخاصة، ويتفق الخبراء على أن التحيز العرقي يظهر بوضوح في عمر ثلاث سنوات تقريبا، ويصل إلى ذروته في سن الثامنة، ثم ينخفض تدريجيا .

كم ينبغي أن نلوم الآباء على هذا التحيز
إن السؤال الهام هو كم ينبغي أن نلوم الآباء على هذا التحيز، فقد لاحظت مجموعة من الدراسات وجود أوجه تشابه قوية بين المواقف العنصرية للوالدين والأطفال، في حين وجدت دراسات أخرى ارتباطات ضعيفة بين عنصرية الآباء وتحيز الأبناء العرقي، ودفع هذا الغموض كاروس وزملائه إلى التحقيق في كيفية تأثير التحيزات الضمنية والصريحة للآباء على أطفالهم، مع عينة كبيرة تكونت من 318 طفلا أبيض تتراوح أعمارهم بين 3 و 9 سنوات .

تفاصيل الدراسة
طلب كاروس وفريقه أولا من كلا الوالدين الرد على 20 بيانا حول التحيز العرقي ( المهاجرون يأخذون وظائفنا، المهاجرين ينقلون القيم غير المطلوبة إلى بلادنا )، ثم أظهر الباحثون لكل طفل صور ل 6 أطفال من مجموعات عرقية مختلفة، وطلبوا منهم أن يبينوا الطفل الذي يرغبوا في أن يكونوا مثله، والطفل الذي يرغبوا في دعوته للعب، وعلى هذا يقوموا بقياس مستوى التحيز لكل طفل، وأخيرا طلبوا من الأطفال تعيين صفات لكل صورة، بعضها إيجابية مثل ( لطيفة، جيدة، نظيفة ) وبعضها سلبية مثل ( قذرة، غبية، سيئة )، وهذا يقيس مستوى التحيز الصريح لكل طفل .

نتائج الدراسة
وجد كاروس وزملاؤه أن الآباء الذين أبدوا مستويات عالية من التحيز، كان أطفالهم أكثر احتمالا بأن يكون لديهم تحيزا صريحا وضمنيا أكثر من غيرهم بكثير، ويقول كاروس” تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن تحيز الأطفال قد يكون متأصلا في السلوك التلقائي وعمليات التأثير الاجتماعي الضمني التي ينفذها الكبار، أكثر مما يعتقد الآباء، وبالنسبة لصناع القرار السياسي فإن الأمر يحتاج إلى التدخلات الرامية التي تمنع التحيز، والتي يجب أن يشتمل علاجها على كلا من الأبوين والأطفال، ويقول كاروس : ” يجب أن يعالج التحيز العرقي من خلال برامج الوقاية التي تطبق على كلا من الأطفال والبالغين، بدلا من التدخلات التي تشمل الأطفال المتحيزين عرقيا فقط ” .

نصائح كاروس للوالدين
تقترح الدراسة التي قام بها كاروس وزملاؤه على الوالدين الذين يرغبون في رفع مستوى التسامح لدى أطفالهم اتباع عدة أمور، وهذه الأمور لا تتمثل فقط في تجنب التصريحات المهينة والصريحة، ولكن تتمثل في استخدام بعض التعبيرات التي قد يرونها صغيرة وعادية مثل ” نحن وهم “، ويقترح كاروس التحدث بصورة مفتوحة وسوية عن الثقافات والبلدان والأخرى، أو مشاهدة التليفزيون والأفلام التي تعرضها قنوات البلدان المختلفة، أو تناول طعام من بلدان مختلفة بخلاف بلدهم الأم .

جدير بالذكر أن تعلم التنوع والاختلاف هو مفتاح التغلب على العنصرية والتحيز، ويقول كاروس ” يتم ذلك عن طريق نقل أهمية تأييد القيم الإنسانية العالمية، والتسامح والخير إلى حياتنا .