بيان وتوضيح معنى كل من تأويل القرآن وتفسيره في اللغة وفي الاصطلاح مع الاستدلال على كل منهما من الكتاب والسنة مع توضيح اختلاف أراء العلماء في بيان الفرق بين التأويل والتفسير.
معنى تفسير القران
التفسير في اللغة: مصدر فسر، وفي الاصطلاح: علم يعرف به فهم كتاب الله المنزل على نبيه محمد صل الله عليه وسلم، وبيان معانيه واستخراج أحكامه، وحكمه، ويتم تحقيق ذلك باستخدام علم اللغة والنحو والصرف، والبيان وأصول الفقه، والقراءات، وقيل: هو علم نزول الآيات وشؤونها والأسباب النازلة فيها، ثم ترتيبها من حيث المكي والمدني والمحكم والمتشابه، والناسخ والمنسوخ، والخاص والعام، والمطلق والمقيد، والمجمل والمفسر، والحلال والحرام، والوعد والوعيد، والأمر والنهي، والعبر والأمثال.
معنى تأويل القران
تأويل القرآن قد يراد به تفسيره بكلام يشرحه ويوضح المقصود منه وذلك من خلال رد المتشابه من القرآن إلى المحكم منه قال الله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} [آل عمران:7] ، وقد يراد به حقيقته ومآله والواقع الذي يؤول إليه الكلام كما في قوله تعالى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ} [الأعراف:53]، وكما ذكر تعالى في قصة يوسف عليه السلام لما سجد له أبواه وإخوته، قال يوسف: {يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ} [سورة يوسف: 100]، فجعل عين ما وجد في الخارج تأويل رؤياه، أي مآلها وحقيقتها التي وقعت.
وقد يراد بتأويل القرآن ونحوه من النصوص الشرعية: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لوجود دليل يقترن به، وهذا اصطلاح كثير ممن تكلم في الفقه وأصوله، وهو المعنى الذي تكلم عنه المتأخرين في تأويل نصوص الصفات، وقد انتقده شيخ الإسلام ابن تيمية.
الفرق بين تأويل القرآن وتفسيره
اختلف جمهور العلماء في الفرق بين تأويل القرآن وتفسيره فالشائع عند المتقدمين من علماء التفسير كالإمام ابن جرير وغيره: بأن كلًا من التفسير والتأويل بمعنى واحد بمعنى أنهما مترادفان، بينما يرى فريق آخر من العلماء مثل الراغب الأصفهاني:
– أن التفسير أعم من التأويل، وأكثرُ استعماله في الألْفاظ ومفرداتها، وأكثر استعمال التأويل في المعاني والجُمَل،
– أكثر ما يُستعمَل التأويل في الكتب الإلهية، والتفسير يُستعمل فيها وفي غيرها
– التفسير إمَّا أن يُستعمل في غريب الألفاظ كالبَحِيرة والسائبة والوَصِيلة والحَام، أو في تبيين المراد وشرحه؛ كقوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [سورة البقرة: 43]، وإما في كلام مضمن بقصة لا يمكن تصوره إلا بمعرفتها؛ نحوَ قوله تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة: 37] وأما التأويل، فإنه يستعمل مرة عامًّا، ومرة خاصًّا، نحو “الكفر” المستعمل تارة في الجحود المطلق، وتارةً في جحود الباري خاصة، “والإيمان” المستعمل في التصديق المطلق تارة، وفي تصديق دين الحق تارة، وإما في لفظ مشترك بين معانٍ مختلفة، ونحو لفظ “وجد” المستعمل في الجد والوجد والوجود.
ويرى فريق آخر أن التفسير هو ذكر أسباب النزول وما جاء في شأن الآية، وقصتها ولا يجوز إلا بالسماع بعد ثبوته عن طريق النقل، بينما التأويل هو صرف الآية إلى معنى محتمل موافق لما قبله وما بعده غير مخالف للكتاب والسنة من طريق الاستنباط، مما يعني وجود تباين بين كل من التفسير والتأويل.