ما هي الغواصة ؟ هي آلة تشبه السفينة تم تصنيعها وتطويرها بحيث تلائم العمل تحت سطح الماء، وفي المعتاد تستخدم الغواصات في مجالين هُما الحروب والبحث العلمي، فقد استخدمت الغواصات لأول مرة خلال الحرب العالمية الأولى كداعم عسكري لعدد من الدول الكُبرى أثناء الحرب كفرنسا، روسيا، المملكة المتحدة البريطانية والولايات المتحدة الأمريكية، بعد ذلك تم إضافة استخدام جديد للغواصات وهو حمل الأسلحة النووية أيضا من قبل الدول العظمى أثناء الحروب.
أما في حالات البحث العلمي فمؤخرًا ظهرت الغواصات الآلية والتي يُمكنها الغوص في أعماق البحار بدون الحاجة إلى قائد أو أي تدخل بشري، وتم استخدام هذه الخواصة المستحدثة في عدد من عمليات البحث العلمي أشهرها على الإطلاق عملية البحث عن السفينة المفقود “تايتانيك” في التسعينيات من القرن الماضي.
وبحلول عام 1996 أشارت إحصائاتٍ أخرى إلى أن الغواصات اقتحمت مجال السياحة بكل قوة، فخلال هذا العام تم تقدير عدد الغواصات التي تستخدم لأغراض سياحية فقط بـ 50 غواصة.
كيف تعمل الغواصة؟
تقوم فكرة عمل الغواصة على وجود صمامات علوية وسفلية يتم ملؤها بالمياه فيزداد كثافة جسد الغواصة وبالتالي تتمكن من النزول إلى أعماق البحر، وعند صعودها مجددا يتم طرد ذلك الماء بواسطة الهواء المضغوط داخل الصمامات مما تقلل هذه العملية من مُتوسط كثافة الغواصة ويؤدي ذلك إلى طفوها على السطح مرةٍ أخرى.
وتحتوي الغواصة أيضا على زلاقات أو زعانف على جوانبها تستخدم في عملية التحكم بإتجاهات سريانها، الأعلى والأسفل، يمينا ويسارا، جميع الغواصات تستخدم تقنية خزانات لتتمكن من التحكم في وزنها عند نزولها الماء أو عند صعودها منه، وطريقة عمل الغواصة تعتمد في الأساس على قانون العالم “أرخميدس” للطفو.
تاريخ الغواصة:
لم تكن محاولات جون هولاند هي أولى محاولات استخدام الغواصات في التاريخ على الإطلاق، فأول عام تم فيه استخدام الغواصات كان عام 1620 حيث قام العالم الهولندي فون دريبل بتصميم غواصة صغيرة الحجم لها 12 مجدافا، وقام بتجربتها في نهر التايميز لتسير مسافة تم تقديرها بنحو 15 ساعة وعلى عمق 4 أمتار تقريبا.
وكان أول من أطلق “توربيد” من الغواصة إيذانا لاستخدامها في أعمالٍ حربية بحرية هم المسلمون في عهد الدولة العثمانية وأثناء فترة ولاية السلطان عبدالحميد الثاني، وأدخلت وقتها الغواصة إلى الأسطول الحربي للمسلمين.
أما الغواصة بشكلها الحديث فقد صممها العالم “جون فيليب هولاند” عندما أمكن إدخال الكهرباء إلى محركات الأجهزة البحرية، ومُنذ ذلك الوقت ظلت الغواصة سلاحًا حربيًا هامًا للعديد من الدول الكُبرى.
الحرب العالمية الأولى تعد فترة الغواصات بحق، حيث تمكن الألمان من تصنيع غواصة حربية أطلق عليها إسم “بو” وكانت ضخمة حيث كان يبلغ طولها 87.3 مترًا وعرضها ثمانية أمتار، وبعد عدة أعوام جاء دور فرنسا لتقدم إصدارها .. تحديدا في عام 1929 قدمت فرنسا غواصتها “سوركوف” والتي تميزت بأنها أكبر حجما وأعلى إمكانيات من غواصة ألمانيا، بلغ طول تلك الغواصة نحو 120 مترًا وعرضها 9.8 كما أنها كانت تملك مدفعان أماميان عيار 203 ملم.
وعلى مدار التاريخ الحديث تم إجراء العديد من التغيرات لشكل وإصدارات الغواصات، بحيث يلائم الأغراض المختلفة التي تستخدم بها.
من هو “فيليب هولاند” مُخترع الغواصة الحديثة؟
وُلد العالم الأيرلندي “جون فيليب هولاند” في عام 1840 وهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1873 حيث عمل في بادئ الأمر بأحد الشركات الهندسية هُناك، وسُرعان ما ترك تلك الوظيف ليعمل كمدرسًا في مدرسة القديس يوحنا الكاثوليكية بولاية نيو جيرسي.
بعد ذلك بوقتٍ قليل قام فيليب بتقديم تصميمه الأول من الغواصات إلى هيئة البحرية الأمريكية وذلك كان في عام 1875، ولكن الهيئة رفضت هذا التصميم بحجة أنه غير قابل للتطبيق.
لم يتسلل اليأس إلى قلب “هولاند” فقد كانت الغواصات شغفه الوحيد لذلك قضى عدة سنوات في محاولات لتطوير تلك الغواصة بنفسه مجددا، وفي 17 مايو عام 1897 قام “هولاند” بإطلاق أول غواصة تعمل بالبنزين أعلى سطح الماء والمحركات الكهربائية في أعماق البحار، وهي أول غواصة بحرية على الإطلاق تتمكن من الغوص تحت إلى أي عمق، وبعد اختبارات شديدة الدقة قامت البحرية الأمريكية بشرائها منه في 11 أبريل من عام 1900.
وفاة فيليب هولاند:
توفي العالم “فيليب هولاند” أول مطور للغواصة الكهربائية في التاريخ عن عُمر يُناهز الـ 74 عاما وبعد أن قضى نحو 57 في خدمة حلمه وهو صناعة الغواصات، دفن “فيليب” في القبر المقدس بمقبرة توتاوا بولاية نيو جيرسي.