قال الله تعالى {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} { آل عمران : 169}، تعددت أسباب نزول هذه الآية إلا أن الثابت أنها في شهداء المسلمين، ويرى العلماء أنه لا يوجد مانع لتعدد أسباب النزول للآية الواحدة على أن تكون كل من الروايتين صحيحة ولا يمكن الترجيح بينهما، ولكن يمكن نزول الآية عقب السببين لعدم العلم بالتباعد فيحمل ذلك على تعدد السبب والمنزل واحد.
سبب نزول الآية :
قال أبو داود رحمه الله : حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم : ” لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في جوف طير خضر ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا : من يبلغ إخواننا عنا أنا أحياء في الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عند الحرب ؟ فقال الله سبحانه : أنا أبلغهم عنكم قال فأنزل الله { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} ” [حديث حسن]
سبب نزول آخر للآية :
قال الترمذي رحمه الله : حدثنا يحي بن حبيب بن عربي حدثنا موسى بن إبراهيم بن كثير الأنصاري قال سمعت طلحة بن خراش قال سمعت جابر بن عبد الله يقول لقيني رسول الله صل الله عليه وسلم فقال لي : ” يا جابر مالي أراك منكسرًا ؟ ” قلت : يا رسول الله استشهد أبي قتل يوم أحد وترك عيالًا ودينًا قال : أفلا أبشرك بما لقى الله به أباك، قال قلت : بلى يا رسول الله، قال : “ما كلم الله أحدًا قط إلا من وراء حجاب وأحيا أباك فكلمه كفاحًا فقال : يا عبدي تمن على أعطك قال : يا رب تحييني فأقتل فيك ثانيةً. قال الرب عز وجل : إنه قد سبق مني { أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ}، قال : وأنزلت هذه الآية { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا ۚ بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} ” [حديث صحيح لشواهده]
في ضوء الآية :
تعد الآية نوع من أنواع البشارة للذي يخرجون في سبيل الله فيبذلون أرواحهم في سبيل إعلاء كلمة الحق وهي لا إله إلا الله، ولكن يتطرق إلينا سؤال، أين نحن من الجهاد ؟، وهل حرمنا من الشهادة ؟، يقول الإمام بن القيم في هذا المقال : أن الجهاد أربعة أنواع : جهاد النفس، جهاد الشيطان، جهاد الكفار، جهاد المنافقين وقد أوضح أن لكل منهم مراتب وأعظمهم جهاد النفس، لذلك لا تحرم نفسك أخي المسلم وأختي المسلمة من هذا الشرف العظيم وجاهد نفسك بالبعد عن المعاصي وفعل الطاعات والارتقاء بنفسك إلى أعلى الجنان وهي الفردوس حتى تكون مع النبيين والصديقين والشهداء.