من المحتمل أن يسمع الناس عن نظرية تفيد بوجود كوكب جديد يشبه كوكب الأرض ، و سيكون هذا الأمر مقبولاً إلى حد ما ، و لكن ماذا إذا عرف الناس بنظرية تحتمل وجود أكوان أخرى مختلفة عن كوننا الوحيد الذي نعرفه و نعيش فيه ، بالطبع سيثير هذا الأمر الكثير من التساؤلات و هذا بالفعل ما حدث منذ الاعلان عن النظرية التي تُعرف بإسم الأكوان المتوازية Parallel universe أو الأكوان المتعددة The multiverse Theory .
حقيقة نظرية الأكوان المتوازية :
تفترض هذه النظرية أن كوننا الذي نعيش فيه ليس هو الكون الوحيد الموجود ، بل إن هناك عدة أكوان أخرى لا ندرك وجودها و ليس هذا فقط ، بل إن هذه الأكوان مفعمة بالحياة مثل كوننا بالضبط ، وقد قام كل من علماء فيزياء الكم و علماء الكون بدراسة هذه النظرية منذ زمن بعيد و حتى الآن و ذلك لكي يحاولوا التوصل لأي دليل مادي يؤكد لهم صحة هذه النظرية .
كان الفيلسوف الأمريكي William James هو أول من رجح وجود عدة أكوان أخرى ، و كان ذلك خلال عام 1895م ، و لكن لم تلقى نظريته أي اهتمام حتى حلول عام 1973م ، حيث قام عالم الفيزياء الامريكي Hugh M. Everett بإعادة أحياء هذه النظرية مرة أخرى في جامعة نيوجيرسي .
آراء العلماء حول نظرية تعدد الأكوان :
كانت هذه النظرية مثيرة للجدل بشكل كبير في الوسط العلمي ، فكان هذا الأمر بمثابة ثورة علمية و شئ خيالي لم يتطلعوا للتفكير فيه من قبل ، و لا يعرفون كيفية التأكد من وجوده أو عدمه ، مما جعل العلماء ينقسمون إلى فريق من المؤيدين للنظرية و فريق آخر من المعارضين لها .
أختلفت آراء العلماء في تفسير نظرية تعدد الأكوان ، فالبعض ذهب بالقول إلى أن الأكوان المتوازية هي عبارة عن مجموعة من الأكوان التي تتحرك في خط موازي لكوننا ، و أنها من الممكن أيضاً أن تنطبق عليه و في هذه الحالة يظهر سكان هؤلاء الأكوان لنا على هيئة أشباح .
و كان هناك اعتقاد آخر يفترض أن ما يوجد في كوننا من فراغ هو عبارة عن مجموعة من الأكوان الأخرى التي لا يُمكن رؤيتها بأعيننا المجردة البشرية ، و قد اعتقد فريق آخر من الباحثين أن الأكوان الأخرى موجودة و لكن في أبعاد أخرى غير الأبعاد التي نعرفها و التي يوجد بها كوننا ، و على هذا الأساس فيظن بعضهم أن هناك أحد عشر بعداً آخر ، و أن هناك سبعة أكوان آخرى في هذه الأبعاد .
أما الرأي الأخير فكان يفترض بأن الكون الموازي هو عبارة عن انعكاس للكون الذي نعيش فيه ، و أن هذا الانعكاس ينتج عنه توازن أي أن الجهة التي تواجه كوننا يوجد بها ما يوجد في عالمنا و لكن بطريقة عكسية مثل المرآة ، و قد افترضوا أن هذا الأمر ينطبق على الجوانب النفسية أيضاً و ليس في الأشياء المادية فقط .
آيات قرآنية أشارت إلى تعدد الأكوان :
هناك بعض الآيات القرآنية التي أشار فيها الله سبحانه و تعالى إلى وجود أكثر من سماء و أكثر من أرض غير ما نراهم أمامنا ، فقد أكد لنا الله أنه خلق سبع سماوات و سبع اراضي مما يجعلنا نفكر عن إمكانية وجود أكوان أخرى و حياة أخرى غير التي نعيشها .
– قال تعالى : ” وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ” سورة الشورى .
– قال تعالى : ” اللهُ الَّذِيْ خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوْا أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيْرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا” سورة الطلاق .
– قال تعالى : ” يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ” سورة إبراهيم .
افتراض اينشتاين حول نظرية الأكوان المتعددة :
يعتقد اينشتاين أن العالم كله يمثل كتاب يتشكل من مجموعة من الصفحات بحيث يمثل كل كون صفحة مستقلة ، و لو افترضنا أن الأكوان كلها مكتوبة في كتاب و أن كوننا تمت كتابته بالحبر ، فإن الأكوان الأخرى مكتوبة بحبر غير مرئي ، أي أننا من المستحيل أن نتعرف عليهم لأن تكوينهم مختلف تماماً عن تكوين كوننا .
مدى صحة نظرية الأكوان المتعددة :
مازال العلماء حتى الآن متحيرين في أمر هذه النظرية ، و كل ما توصلوا إليه هي مجرد افتراضات و اجتهادات و مازالوا يحاولون البحث و الوصول إلى ما يؤكد نظرياتهم ، و لكن على الرغم من فشلهم حتى الآن في تقديم براهين مادية إلا أن هذا الأمر لا يثبت عدم صحة النظرية ، و ذلك لأن عدم إدراكنا لهذا الشئ لا يثبت عدمه ، و الله تعالى هو من لديه الحقيقة المطلقة بشأن هذا الأمر فمن الممكن أن تظل حقيقته مجهولة بالنسبة لنا و لا يعلمها غيره .