الاحساء هى بلدة عربية قديمة مترامية الأطراف على حدود المملكة ،معروفة بنخيلها ورزعها وثمارها و مياهها، وكانت الاحساء تحت حكم الأتراك في ذلك الوقت ،وقد جعلتها الثروات الطبيعية التي حباها بها الله مطمعاً للطامعين و قطاع الطرق ،و كل من تسول له نفسه أن يأخذ من خيراتها بغير حق فقد كان يحصل على ما يريد دون رادع ،حتى أن الأعراب كانوا يمرون على المنازل و يقتسمونها فيما بينهم و يطردون أهلها منها ، تعب أهل الاحساء من تردي الأوضاع ،و حالة الإنهيار التي وصلت إليها مدينتهم فقرروا العمل على إنقاذها .

أهل الاحساء يطلبون العون من الملك عبدالعزيز رحمه الله
عانى أهل الاحساء من حالة الضعف التي كانوا يعيشونها تحت وطأة الحكم التركي ، و علموا فيما بينهم أن طوق النجاة في دخول الملك عبدالعزيز بن سعود و فتحه للاحساء ، فكاتبوه سراً ،ليخلص بلادهم من الحكم التركي ،الذي كان على رأسه في ذلك الوقت المتصرف التركي أحمد نديم ،و كان من بين العقلاء الذين كاتبوا الملك عبدالعزيز رحمه الله إبراهيم ابالغنيم ،إذ كتب خطاباً للملك عبدالعزيز يصف له حالة الاحساء و ما تعانيه هذه البلدة الطيب أهلها ،ويدعوه ليخلصهم من حكم الأتراك ،كما كان الشيخ محمد بن ناصر آل خليفة هو الواسطة بين الملك عبدالعزيز رحمه الله و بين أعيان الاحساء .

كان الملك عبدالعزيز رحمه الله قد بعث إبن عمه الأمير عبدالله بن جلوي قبل ذلك ،ليطلع على حال الاحساء ، لمعرفة مايدور بها و كيفية التعامل معه ،فمكث بمنزل الشيخ عبداللطيف آل مبارك الذي أطلعه على حال الاحساء ،حيث تتكرر حوادث النهب و السرقة كل ليلة و أنهم يتطلعون لمجيء الملك عبدالعزيز لينقذهم مما هم فيه .

دخول الملك عبدالعزيز رحمه الله الأحساء
في يوم الأحد 26 من جمادي الأولى عام 1331 هـ دخل الملك عبدالعزيز منطقة الخفس بالقرب من نجد ،و أرسل سراً إلى ابراهيم القصيبي ،يوسف بن عبدالعزيز بن سويلم ،ابراهيم بالغنيم ،و أخبرهم بمكانه وبخطته لدخول الاحساء ،و طلب منهم تجهيز بعض المعونات التي تمكنهم من تسلق سور الاحساء ،و قد كان فتم إختيار محل مناسب خارج البلدة و جهزوه بسلالم معدة للصعود وفي الساعة السادسة من مساء يوم 28 من جمادي الأولى بدأ جنود الملك عبدالعزيز في تنفيذ الخطة التي أعدها لهم الملك الراحل طيب الله ثراه ،و تسلقوا السلالم المجهزة لهم و عبروا سور المدينة .

دخل الملك عبدالعزيز الاحساء من خلال فتحة أعدت له خصيصاً في داخل السور الغربي بجوار مسجد العمير،  و سميت بمدخل الإمام عبدالعزيز و ظلت هذه الفتحة موجودة حتى هدم السور في عام 1376.

ذهب الملك عبدالعزيز مباشرة إلى بيت الشيخ عبداللطيف الملاء ، وإجتمع مع أعيان البلدة ،فجاؤوا من مدخل الإمام عبدالعزيز إذ أن الجهات الشمالية و الشرقية كانت ما تزال بيد الأتراك ،كما جاء محمد أفندي و كان أميناً للصندوق في حكومة الترك و بايع الحضور جميعهم الملك عبدالعزيز ،و سلمه محمد أفندي المفاتيح التي كانت بحوزته، وفي تلك الأثناء كانت جنود الملك عبدالعزيز قد تمكنت من بعض الحصون في الجهات الغربية و الشمالية و الجنوبية .

خروج الأتراك من الاحساء  (تولي عبدالله بن جلوي إمارة الاحساء)
في اليوم التالي لدخول الملك عبدالعزيز الاحساء قام وفد بالنيابة عنه بالتفاوض مع الأتراك على الخروج من الاحساء في مقابل تسليم مالديهم من  العتاد و السلاح وكان الوفد يضم (الشيخ عبداللطيف ،محمد بن شلهوب ،عبدالعزيز بن عبدالعزيز القرين مترجم اللغة التركية ) .

بعد صلاة العصر جاء الشيخ عبداللطيف و سلم الملك عبدالعزيز رحمه الله مفاتيح قصر ابراهيم و تم إبرام وثيقة موقعة من الملك عبدالعزيز و المتصرف التركي أحمد نديم الذي تم ترحيله إلى ميناء العقير ثم إلى البحرين ،و بعد ذلك إلى البصرة و بعدها مكث الملك عبدالعزيز بالاحساء إلى 15 شعبان عام 1331 هـ ،ثم غادر إلى الرياض بعد أن عيّن عليها الأمير عبدالله بن جلوي بن تركي آل سعود ،الذي ولد بالرياض في 27 رمضان سنة 1287هـ .

وبهذا فقد خلَّص الملك عبدالعزيز ال سعود الاحساء من حالة الضياع التي كانت تعيشها و سطر إسمها جنباً إلى جنب مع إسمه في التاريخ المعاصر الذي خط سطوره وصفحاته بالمعارك والكفاح من أجل توحيد راية المملكة العربية السعودية .

الوسوم
السعودية