ولد الفنان إدفارت مونك Edvard Munch في 12 ديسمبر 1863م ، وتوفي في 23 يناير 1944 م ، والذي كان رساما تعبيريا وطباعا نرويجي الجنسية ، ومن أشهر أعماله لوحة الصرخة عام 1893م ، التي كانت ضمن مجموعة لوحاته التي أسماها “إفريز الحياة” ، والتي تميزت بمواضيع عن الحب ، الحياة ، الموت ، الكآبة والخوف ، وبالمثل معظم أعماله ، وقام مونك باصدار أكثر من نسجة للوحة الصرخة ، وسرقت النسخة الأولى عام 1994م ، والثانية في عام 2004م ولكن تم العثور عليها واسترجاعها ، ومن أشهر اللوحات الأخرى التي طغت عليها مواضيع إفريز الحياة : “الجسر” ، “الرماد” ، “مصاص الدماء” و “الطفل المريض” .
نبذة عن نشأته :
ولد إدفار في أوسلو عاصمة النرويج عام 1863م ، لعائلة شديدة التدين ، كان والده طبيبا في الجيش ، والذي زرع في قلب ابنه الصغير بذور القلق الديني نظرا لدفعته المسيحية المتشددة ، يقول مونك في مذكراته ” كانت ملائكة الخوف والندم والموت تحفّ بي منذ أن ولدت ولم تكفّ عن مطاردتي طوال حياتي. كانت تقف إلى جانبي عندما أغلق عيني وتهدّدني بالموت والجحيم وباللعنة الأبدية” ، حيث كان إدفار شديد القلق وملئ بالأفكار المؤرقة والهواجس ، توفيت والدته بمرض الدرن عندما كان في الخامسة من عمره ، كما تبعتها أخته التي لم تتخطى الرابع عشر من عمرها ، ومات والده عندما بلغ الخامسة والعشرين ، وأصيبت أخته الثانية بالجنون وتم ايداعها في أحد المصحات العقلية .
قرر مونك بعد فترة أن يصبح رساما ، استأجر ستوديو في الحي البوهيمي من أوسلو ، وتأثر بهانس غيفر (قائد بوهيميو كريستينا ) ، وكانت يمتلك الكثير من العلاقات اللاسلطوية المتطرفة ، والتي تأثر بها مونك في أعماله الفنية بشكل ملحوظ أيضا ، حيث كان شديد التأثر بضرور التعبير عن الذات .
انغمس مونك في السنوات العشر التالية من عمره في حياة بوهيمية ، حيث قام بتجربة الكحول ، الأفيون ، الابسنت ، وعرف الفقر والجوع طريقه والحب والسيفلس .
كتب هندريك ابسن مسرحيته الشهيرة في ذلك الوقت “الأشباح” والتي انتقد فيها رياء المجتمع النرويجي وتفككه وانحلاله بأسلوب ساخر ، وتأثر مونك بالروائي الروسي الكبير دستويفسكي ، وقال لأحد أصدقائه في يوم ما : لم يظهر من الرسّامين بعد من استطاع النفاذ إلى العوالم الموسيقية للروح والميتافيزيقيا واللاوعي بمثل ما فعل دستويفسكي في الرواية. فكان من الملحوظ أن مونك يريد أن يجسد الروح في رسوماته ، رسم سلسلة لوحاته الشهيرة “دوامة الحياة ” عام 1890م ، والتي صور فيها قصة بين رجل وإمرأة ، يمران بعدة مراحل خلالها ، الحب ، العاطفة ، الغيرة ، الحزن ، القلق والموت في نهاية الأمر .
لوحة الصرخة :
والتي تعد رمزا لقمة القلق ( النقطة النهائية لانكسار الروح ) ، واشتهرت النسخة الثانية من اللوحة بشكل كبير ، وتقدر الآن بحوالي أربعين مليون جنية استرليني ، ووقع اختيار مونك على هذه الشخصية ذات الوجه الطفولي ، فلا تبدو إذا كانت رجلا أم إمرأة ، والتي تقف أمام طبيعة وتطبق يديها على رأسها التي تشبه الجمجمة ، وتقوم بفتح فمها بيأس وذهول .
كتب مونك عن هذه اللوحة خلال مذكراته قائلا : كنت أمشي في الطريق بصحبة صديقين. وكانت الشمس تميل نحو الغروب عندما غمرني شعور بالكآبة. وفجأة تحوّلت السماء إلى أحمر بلون الدم. توقفت وأسندت ظهري إلى القضبان الحديدية من فرط إحساسي بالإنهاك والتعب. واصل الصديقان مشيهما ووقفت هناك أرتجف من شدّة الخوف الذي لا أدري سببه أو مصدره. وفجأة سمعت صوت صرخة عظيمة تردّد صداها طويلا في أرجاء المكان “