من أكثر الجرائم البشعة التي قد حرمت شرعا وقانونا في كافة الأديان السماوية والبلاد هي جرائم الاغتصاب، التي تعد جرثومة حقيقية في كافة المجتمعات تحاول أن تفتك بها ، ولكن القانون والشرع دائما يكونا المنقذ من كل هذه الجرائم، فطالما ثبتت الجريمة على فاعلها فلابد من تطبيق القانون حيال ذلك ، ومجتمعنا هو من المجتمعات المحافظة التي ترفض الحديث حتى في مثل هذه الجرائم لأنه أمر غاية في الخطورة، ولكن ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية من جريمة اغتصاب كانت ضحيتها فتاة قاصر يجعل هناك حاجة ملحة لضرورة التحدث عنها حتى لا تقع أي من الفتيات ضحية لهذه الجرائم، فقد اهتزت المملكة لحادث اغتصاب قام به شخص مواطن في الأربعين من عمره قد تعدى على فتاة قاصر تبلغ من العمر 14 عاما وهو جار لها قام بعملته الشنعاء ولم يلتفت إلى نتائجها بل إنه أنكر فعلته، فما تفاصيل هذه القضية؟ وما عقوبة هذا المتهم ؟ هذا ما سوف نورده في المقال أدناه

بداية القضية
بدأت هذه القضية ببلاغ تلقته هيئة التحقيق والادعاء تفيد باغتصاب فتاة قاصر تبلغ من العمر 14 عاما، حيث قد روت التفاصيل لولي أمرها وقالت أن جارهم المقيم قد اعتدى عليها جنسيا وقد كرر اعتداءه عليها ثلاث مرات خلال أكثر من شهر، ومن هنا قامت الشرطة بإلقاء القبض على المتهم والذي أنكر ما نسب إليه من اتهامات حتى تم تحويل ملف القضية إلى المحكمة الجزائية، وقد طلب القاضي من الادعاء العام إحضار حجة تثبت بأن المتهم هو من اعتدى على هذه الفتاة، ولكن لضعف وجود القرائن والدلائل وعدم ثبوت الأدلة القاطعة من المدعي العام لم تصنف القضية على أنها اعتداء على قاصر ولكنها اعتبرت قضية تحرش بالفتاة.

شهادة الضحية
روت الفتاة الضحية تفاصيل الجريمة الشنعاء حيث قالت أن المدعي عليه استدرجها عند نزولها من شقتها لشراء بعض المستلزمات من محل قريب، وقد أقنعها بالصعود إلى سطح العمارة لمشاهدة أفلام رسوم متحركة وقد حاولت تلك الفتاة الهرب منه ولكنه سحبها وأدخلها الغرفة وأغلق الباب وأجلسها أما التلفاز وبعد مرور ربع ساعة من جلوسها قام بحركات خادشة للحياء وانتهي اللقاء بالاعتداء عليها، وقد أفادت الفتاة أثناء روايتها للواقعة أنها قد شعرت بالتعب والإرهاق بشكل كبير ولكنها لم تخبر أي أحد من أفراد أسرتها لما حدث خاصة وأن المتهم هددها بأنه سوف يؤذيها إن أخبرتهم .

وقد وصفت الضحية ملامح المتهم بشكل دقيق جدا وقالت أن بشرته سمراء وجسمه يخلو من الشعر، وأن جسمه نحيف وشعره قصير وبدون لحية أو شارب وفي صدره حبتان لونهما أسود بحجم حبة العدس وحبة أخرى بالجانب الأيمن من ظهره.

إنكار المتهم
أنكر المتهم كل ما نسب إليه من اتهامات بخصوص اغتصاب هذه الفتاة، وبعد شهادة الفتاة اعترف بأنها هي من قدمت إليه لطلب 20 ريالا لشراء أغراض مهمة من المكتبة وأن والدها لم يكن موجودا بالمنزل وهي بحاجة لشرائها، وأكد أنه لم يدخلها الشقة ولكنه أعطاها 20 ريالا.

حكم المحكمة
أصدرت المحكمة الجزائية بجدة حكما بالسجن على هذا المواطن الأربعيني لمدة عامين و160 جلدة وقد اعتبرت هذه القضية قضية تحرش لعدم وجود أي دلائل تثبت بأنه هو الشخص الذي قام بالاعتداء على الفتاة القاصر ومن هنا أسقط القاضي الحكم بعد الحرابة الذي قد طالب به الادعاء العام .

المتحدث الرسمي لوزارة العدل يوضح عقوبة المتهم

ومن هنا فقد أكد المتحدث الرسمي لوزارة العدل منصور الفقاري بأن العمل القضائي بالمملكة استقر على إيقاع عقوبة القتل حداً بحق مَن يثبت قيامه بالاغتصاب، وصدر قرار هيئة كِبار العلماء رقم 85 وتاريخ 11 / 11 / 1401هـ، الذي أكّد أن مثل هذه الجرائم ضربٌ من ضروب المحاربة والسعي في الأرض فساداً، المستحقة للعقاب الذي ذكره الله – سبحانه وتعالى – في آية المائدة وقد قال “”القضاء في المملكة استقر عمله بما صدر به قرار هيئة كبار العلماء، متى ما ثبت الفعل ثبوتاً قاطعاً بطرق الإثبات الشرعية، وصدرت عن القضاء أحكام كثيرة بذلك سابقاً، ولن يتوانى القضاء في القيام بواجبه في حماية الضروريات الخمس، والعناية بأسباب بقائها مصونة سالمة، وإيقاع العقوبة المشدّدة على مَن يثبت قيامه بمثل هذه الجرائم، متى قام دليلها القاطع وتوافرت شروطها وانتفت موانعها”

وأضاف “ما يتقدّم به المدعي العام من دعاوى وتهم وتوصيف للفعل إنما هو في سياق الدعوى والاتهام ما لم تقترن بدليل وإثبات أمام القضاء، ولذلك نصّت المادة الثامنة والخمسون بعد المائة من نظام الإجراءات الجزائية، أنه: لا تتقيد المحكمة بالوصف الوارد في لائحة الدعوى، وعليها أن تُعطِي الفعل الوصف الذي يستحقه ولو كان مخالفاً للوصف الوارد في لائحة الدعوى”،: وأضاف: “الحكم المشار إليه نُظر من ثلاثة قضاة في المحكمة الجزائية بجدة، ثم رفع لمحكمة الاستئناف بمنطقة مكة المكرّمة، وتمّ تدقيق الحكم من خمسة قضاة؛ ثم جرى المصادقة على الحكم”

وأخيرا فإن القضية واضحة للجميع سواء كانت تحرش أو اغتصاب، فهي دليل قاطع عن وجود خطر يهدد الفتيات في كل مكان لذلك يجب الحرص كل الحرص على الفتيات في كل الأوقات، مع تقديم التوعية المناسبة حيال التحرش الجنسي والاغتصاب سواء من الأسرة أو المدرسة .