دائمًا ما يمتلئ التاريخ البشري بأسماء بعض الشخصيات التي قد تمكنت من أن يكون لها دوراً محوريًا بارزًا في بعض الأحداث التاريخية التي جعلت اسمها مُسجلًا ومذكورًا في التاريخ ، ولعل من أبرز الشخصيات التي ذاع صيتها في الفترة الأخيرة هو القائد السوداني ” حميدتي ” الذي قد قام بقيادة قوات الدعم السريع بالسودان ، فمن هو هذا الشخص وماذا كان دوره وما هي قصة حياته ، هذا ما سوف نخبركم به بشكل أكثر تفصيلًا عبر السطور التالية .
من هو ” حميدتي ” ؟
هو القائد العسكري ( محمد حمدان دقلو ) وهو من مواليد عام 1975 م ويبلغ من العمر 43 عامًا ، وقد وُلد في قبيلة عربية يُطلق عليها اسم (الرزيقات) ، وهي تعد واحدة من أهم وأكبر القبائل المنتشرة بشكل كبير داخل السودان وخصوصًا في إقليم كردفان وإقليم دارفور ، وقد جاءت شهرة حميدتي أثناء الاحتجاجات والمظاهرات التي اندلعت بشكل كثيف على الأراضي السودانية بالعام السابق والتي قد أسفرت عن الإطاحة بالرئيس السوداني (عمر البشير) الذي قد ظل حاكمًا للبلاد لأكثر من ثلاثين عامًا .
نشأة وحياة حميدتي
ظل حميدتي في قبيلة الرزيقات وكبر وترعرع بها وقد توقف عن استكمال دراسته في سن (15) عام ، واتجه إلى العمل في التجارة ؛ حيث قد مارس حميدتي تجارة الإبل والأقمشة واشتهر بقدرته الكبيرة على حماية القوافل سواء من اللصوص أو قطاع الطرق أو غيرهم .
وطبيعة عمله جعلته دائم التنقل بين الكثير من البلدان العربية والإفريقية مثل مصر ، ليبيا ، تشاد ، وغيرهم ، وقد ساعده العمل في التجارة على أن يجمع ثروة طائلة أعطته القدرة ليقوم بتكوين الميليشيات المُسلحة ؛ وهذا الأمر قد لفت نظر الحكومة السودانية بقوة ولذلك فقد عملت على أن تضم هذه التحالفات إلى صفوفها .
من تاجر إبل إلى الشخصية الأقوى بالسودان
لم يخطو حميدتي خطواته تجاه التعليم الأكاديمي ولم يكن جنديًا في الجيش ولكنه مع ذلك قد تمكن من أن يُصبح أهم شخصية قيادية في السودان ؛ ولذلك دعونا نخبركم عبر السطور التالية كيف وصل حميدتي إلى هذا المنصب :
حرب إقليم دارفور
في مطلع عام 2010 م قامت الحكومة السودانية بتشكيل مجموعة من القوات أطلقت عليها اسم (قوات الدعم السريع) وقد عينت حميدتي قائدًا لها وقد اعتمدت هذه القوات على الميليشيات التي كانت تدلو بدلوها في الحروب المشتعلة بإقليم دارفور ، وقد قام البشير حينذاك بتزويد هذه القوات بالعدة والعتاد والأسلحة وصارت بمثابة قوة موازية للجيش السوداني .
بلغ عدد أفراد قوات الدعم السريع ما يقرب من 40 ألف مقاتل ، وقد اندمجت بشكل كبير في حروب دارفور ويذكر أن العديد من الأنباء والأخبار قد أشارت إلى ارتكاب هذه الميليشيات المُسلحة العديد من الجرائم الحربية التي تنتهك الحقوق الإنسانية ، ولكن كان عمر البشير حائط صد ومدافع دائم عن هذه القوات حيث أنه كان يأمل أن يجعلها أحد أذرع نظامه الحاكم بالدولة .
ومن خلال الحروب والانتفاضات التي كانت دائمة الحدوث على الأراضي السودانية تمكن حميدتي من أن يُصبح شخصية هامة ذو شأن كبير في المجتمع العسكري داخل الدولة وصولًا إلى دوره في احتجاجات 2019 م .
احتجاجات 2019 والإطاحة بالبشير
في بداية الأمر لم يصرح حميدتي عن رأيه في تلك الاحتجاجات وكان قد حاول أن يستخدم قوات الدعم السريع تحت قيادته للسيطرة على المظاهرات والاحتجاجات ، ولكن مع تطور الأحداث ومع الانقلاب العسكري الذي حدث على البشير تحولت قوات الدعم السريع من مساند ومعاون للرئيس السوداني عمر البشير إلى أحد أهم المنقلبين عليه والمطالبين بعزله وإطاحته .
وقد تمكن حميدتي من أن يكون عنصرًا هامًا وأن يفرض نفسه على المجلس العسكري الانتقالي بالبلاد ، وقد ساعده على ذلك حصوله على عدد كبير من الدعم والمساندة من بعض الدول العربية حيث قد تمكن حميدتي من أن يكون مسئول كبير داخل الدولة وتمكن من أن يكون نائبًا لرئيس المجلس العسكري بالسودان عقب الإطاحة بعمر البشير .
يذكر أن العديد من الهيئات والمؤسسات السودانية قد اتهمت حميدتي وقوات الدعم السريع بقتل الكثير من المتظاهرين أثناء الاحتجاجات السودانية وأنه قد تبنى العديد من المواقف التي لا تصب في صالح الدولة وأبناء السودان بل تصب فقط في مصلحته الشخصية حتى يظل جزءًا من السُلطة ، ومن جهة أخرى قد ذكر البعض أيضًا أنه قد رفض تنفيذ أوامر البشير في استخدام قوات الأمن لردع المتظاهرين والمحتجين .
نقاط هامة في حياة حميدتي
على الرغم من عدم حصول حميدتي على القدر الكافي من التعليم سواء الأساسي أو الأكاديمي وعلى الرغم أيضًا من عدم التحاقه بالجيش السوداني إلا أنه قد تمكن من أن يصبح عنصر مؤثرًا وحاكمًا للبلاد مما جعله هو حديث الساعة اليوم .
وعلى الرغم أيضًا أن عمر البشير كان يُعده ليكون ذراعًا من أذرع نظامه إلا أن الكثير من الخبراء والسياسيين قد ذكروا أن حميدتي قد قام بدورًا كبيرًا ومحوريًا في عزل البشير .