لا شك أن للمساجد مكانة عظيمة في الدين الإسلامي الحنيف، فهي بيت الله تبارك وتعالى الذي قال في كتابه الكريم: “وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً”، والمكان المخصص للصلاة التي هي ثاني ركن من أركان الإسلام، ففيها يلتقي المسلمون لصلاة الجماعة فيتعارفون ويتآلفون ويتباحثون في شئون دينهم ودنياهم فتتنزل عليهم الرحمات، ويعد فضل إنشاء المساجد وعمارتها عظيمًا في الإسلام، حيث قال تعالى: “إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ”، ولعل هذا هو ما دفعنا لإلقاء الضوء على أبرز المساجد وأشهرها في مختلف المدن بالمملكة العربية السعودية، التي تشير الإحصائيات إلى أن عدد المساجد فيها يتجاوز الـ70 ألف مسجدٍ:
1- المسجد الحرام:
هو أعظم المساجد مكانة في الإسلام باعتباره قبلة المسلمين في صلاتهم، ويقع في مدينة مكة المكرمة، غرب المملكة السعودية، ويحوي الكعبة المشرفة التي قال عنها الله سبحانه وتعالى: “إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ”، وسمي بهذا الاسم لحرمة القتال فيه، وهو يتسع لنحو 900 ألف مصلٍ، بلغت مساحته في عهد النبي صلى الله عليه وسلم 1490مترًا مربعًا، ومر بالكثير من مراحل التوسعة منذ عهد الصحابة عليهم السلام وحتى وقتنا هذا.
تعد الكعبة المشرفة هي أبرز مرافق المسجد الحرام، يليها حجر إسماعيل، ومقام إبراهيم، والحجر الأسود، وبئر زمزم، والصفا والمروة، والمطاف والمسعى، ويصل عدد أبوابه الحالية لنحو 176 بابًا، أهمهم “باب الملك عبد العزيز” و”باب الملك فهد” ويقعان في الساحة الغربية، و”باب الصفا” الذي يقع في جهة المسعى، و”باب الفتح” وهو في الساحة الشمالية، وعلى مقربة منه “باب العمرة”، كما أن له العديد من المآذن، ولعل أبرز أحكامه هو تحريم دخول غير المسلمين فيه، وتحريم القتل والصيد وقطع الشجر.
2- المسجد النبوي الشريف:
وهو ثاني مسجد بناه النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام في المدينة المنورة بعد هجرته إليها، ويقع في وسطها، وكانت تبلغ مساحته حينها 1050 مترًا مربعًا، ومر بالعديد من مراحل التوسعة منذ عهد النبي وحتى الآن، حتى وصلت سعته الحالية لنحو 700 ألف مصلٍ، ويبلغ إجمالي عدد أبوابه ما يقرب من 85 بابًا وأهمهم “باب جبريل” الذي يقع في الجدار الشرقي للمسجد وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل منه للصلاة، كذلك هناك “باب النساء” الذي فتحه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، و”باب الرحمة” الموجود في الجدار الغربي، وعلى مقربة منه “باب السلام”، وباب “عبد المجيد” المحاذي للمدخل الرئيسي.
ويحظى هذا المسجد بمكانة عظيمة في الإسلام فهو أحد المساجد الثلاثة التي لا يُشد الرحال إلا إليها حيث قال النبي عليه أفضل صلوات الله وسلامه: “لا تُشَدُّ الرحالُ إلا إلى ثلاثةِ مساجدَ: المسجدِ الحرامِ، والمسجدِ الأقصَى، ومسجدي هذا”، كما أنه يحوي قبر النبي في منطقة الحجرات النبوية التي سكنها صلى الله عليه وسلم مع زوجاته والتي لم يبقى منها حاليًا سوى حجرة عائشة، التي عاش فيها النبي ودفن فيها ومن بعده عائشه وأبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وأصبح اسمها الآن “الحجرة النبوية الشريفة”.
3- مسجد قباء:
أول مسجد بناه المسلمون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة مباشرة، وهو يقع في الجنوب الغربي للمدينة المنورة، سمي بهذا الاسم لأن النبي مر وهو في طريقه مهاجرًا إلى المدينة على ضاحية قباء التي يقع بها ديار بني عمرو بن عوف الذين حل النبي عليه الصلاة والسلام ضيفًا عليهم في الأيام الأولى للهجرة، يتسع المسجد حاليًا لنحو 20 ألف مصلٍ، وينتظر أن يستوعب ما يقرب من 55 ألف مصلٍ بعد انتهاء أعمال التوسعة المستقبلية له.
وعن فضل هذا المسجد روى البخاري ومسلم عن النبي صلي الله عليه وسلم قوله: “من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء وصلى فيه كان له كأجر عمرة”.
4- مسجد نَمِره:
ويسمى كذلك بمسجد إبراهيم الخليل ومسجد عرفة ومسجد عرنة، يقع هذا المسجد غرب مشعر عرفات بمكة المكرمة، وتبلغ مساحته نحو 110 ألف متر مربع، ويتسع لما يزيد عن 350 ألف مصلٍ، يرجع إنشائه إلى منتصف القرن الثاني الهجري، واهتم خلفاءُ المسلمين بتطوير العمارة فيه.
يقع جزءٌ من هذا المسجد في وادي عرنة الذي نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن الوقوف فيه حيث قال: “وقفت ها هنا وعرفات كلها موقف إلا بطن عرنة”.
5- مسجد عبد الله بن عباس:
أسس هذا المسجد في عصر الناصر لدين الله أبي العباس أحمد بن المستضيء العباسي، عام 592 هـ، وهو يقع في مدينة الطائف الجبلية، ويعد أشهر مساجدها، سُمي بهذا الاسم نسبة إلى الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، الذي يقع قبره إلى جوار المسجد، أجريت له أعمال توسعة في عهد الملك فيصل وتبلغ مساحته الحالية ما يقرب من 15 ألف متر مربع.
6- مسجد الراجحي:
بناه الملك سلمان بن عبدالعزيز عندما كان أميرًا للرياض، عام 1425 هـ، وهو يقع في حي الجزيرة شرق مدينة الرياض، ويعد أكبر وأشهر مساجدها وأحد معالمها المميزة، حيث تبلغ مساحته نحو 13 ألف متر مربع، ويتسع لنحو 18 ألف مصلٍ.
7- مسجد الملك سعود:
هو أكبر مساجد مدينة جدة، تبلغ مساحته نحو 10 آلاف متر مربع، شيد عام 1408 هـ، ويتسع لخمسة آلاف مصلٍ، وهو أحد المشاريع التي نفذتها مجموعة بن لادن السعودية.
8- مسجد الرحمة:
تعود شهرته إلى كونه مبني على سطح البحر في مدينة جدة، وهو أول مسجد في العالم يشيد بهذه الكيفية، كما أنه يمتاز بمزج رائع بين العمارة الحديثة والقديمة والفن الإسلامي، ويعود تاريخ انشائه لعام 1406 هـ، وتبلغ مساحته 2400 متر مربع وهو يستوعب ألفي مصلٍ، ويعد أحد إنجازات مجموعة دلة البركة.
9- مسجد القبلتين:
هذا المسجد يشتهر بلونه الأبيض الناصع، وهو يقع في الطريق الشمالي الغربي للمدينة المنورة، سُمي بهذا الاسم لأن منادٍ نادى في جماعة من المسلمين كانوا يصلون فيه على عهد النبي صلي الله عليه وسلم، وطلب منهم تحويل القبلة من بيت المقدس إلى المسجد الحرام، عندما أمر الوحي النبي بذلك، وتبلغ مساحة هذا المسجد نحو 4 آلاف متر مربع.
10- مسجد الخَيْف:
بُني هذا المسجد في سفح جبل منى على مقربة من الجمرة الصغرى بمكة المكرمة، وكان مصلى النبي عليه الصلاة والسلام هناك، وسُمي بهذا الاسم نسبة إلى منطقة خيف بني كنانة الموجود فيها، تبلغ مساحته نحو 25 ألف متر مربع وهو يستوعب قرابة الـ45 ألف مصلٍ.
روى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل هذا المسجد قوله: “صلى في مسجد الخيف سبعون نبيًا منهم موسى عليه السلام كأني أنظر إليه وعليه عبائتان قطوانيتان وهو محرم على بعير من إبل شنوءة مخطوم بخطام ليف له ضفيرتان”.