القصيباء هي بلدة تقع شمال منطقة القصيم، وسميت كذلك لكثرة نبات القصب فيها، الذي يتواجد بالمستنقعات، والمياه الضحلة، وكان أهلها كُلما سحبوا نبته مِن هذه مِن الأرض يخرج لهم الماء فكأنه كالمواسير، أو (قصبة ماء) فصُغرت كلمة قصبة إلى (قُصيباء) وسميت بذلك المدينة. ومعلومة أخرى تقول أن تِلك المدينة في القِّدم لم يكن أسمها كذلك بل كانت تُسمى بـ”قو” وأصل تِلك الكلمة تعني الأرض، المنخفضة، وأقر بذلك الجيولوجيين فقد قالوا أن “قو” سابقاً “القصيباء” حالياً كانت عبارة عن بُحيرة قبل ملايين السنين، وهي الآن مُنخفض أرضي. كانت تِلك المدينة بينها وبين شُعراء المُعلقات وهم بالمناسبة أشهر من كتب الشعر مِن العرب، كانت لهم مع تِلك المدينة مواقف وحكايات، ومِن هؤلاء الشعراء: (امرؤ القيس، وجرير، وطُرفة ابن العبد، والحطيئة، ولبيد ابن ربيعة، وعنترة بن شداد). وتشتهر تِلك البلدة بـ عدد مِن القصور التاريخيه، الأثرية، ولعل أهمها هو قصر المشقوق، وهو ما سنتحدث عنه هُنا.
مكان القصر، وتاريخه
قصر المشقوق أو قصر الراضي يقع في بلدة قصيباء، مُحاط ببساتين مِن النخيل الكثيرة حتى أنه قد وصل في وقت مِن الأوقات عدد النخل الذي يُحاوط ذلك القصر إلى 2000نخلة، تم إنشاءه عام 1834م، فيعود تاريخ بناءه لأكثر مِن 250عام تقريباً. ومازال القصر يحتفظ بهيبته، ومكانته، وجماله، وتصميمه المميز. احتمى بالقصر الأمير مشاري بن سعود أثناء عودته مِن الدرعية، واتخذه الملك عبد العزيز مكاناً يرتاح فيه أثناء غزواته،ومصدراً مهماً لإمداد الجيوش بالمؤن، و التمور، والحبوب التي تُزرع على عيونها الجارية، واستُقبل فيه الملك سعود بن عبد العزيز أل سعود مرتان.
لماذا سمي بقصر المشقوق، وقصر الراضي؟
سمي قصر المشقوق بذلك لأنه أُقيم على عين شُقت بمهارة عالية لأكثر مِن 10كيلومترات، والتي تنبع مِن عين في الجبل الشرقي لمدينة القصيباء، وتمر عبر خرزات(تقنية عربية قديمة لنقل الماء مِن مسافات بعيدة)، و فتحات تحت الأرض، حتى تصل إلى القصر. شقت فسميت المشقوق، ومرت لتسقي أشجار النخيل التي تحيط به.
وسُمي بقصر “الراضي” نسبة إلى مجدده، ومرمم هذا القصر وهو راضي بن علي السليمان.وصف القصر
جدرانه مبنية مِن الطين الحُر تصل ارتفاعها إلى 15 متر، وعرضها للمتر والنصف، وله سور يرتفع حتى 5أمتار، وعرضه متر، بالإضافة لبرج مُراقبة مكون مِن ثلاثة أدوار، كان الغرض مِنه الحراسة الأمنية، ويحتوي القصر على 4مجالس وهي:
“قهوة الخطار”، وتقع خارج السور، وهي مخصصة لعابري السبيل.
“قهوة الطالعية” هي القهوة الرئيسية للقصر، ويبلغ طولها 15م، وعرضها بين الأربعة، والخمسة أمتار، فيها اُستقبل الملك عبد العزيز، والملك سعود عليهما رحمة الله، كذلك كانت هي المقر لأول مدرسة نظامية تُفتتح في مدينة القصيباء.
“قهوة الشيوخ” وتقع في الدور العلوي للقصر، ويبلغ طولها حوالي 8أمتار، وعرضها أربعة أمتار.
“قهوة النساء”، وهي مجلس داخل القصر لاستقبال الضيوف مِن النساء، ويستخدمها نساء القصر كمكان للمسامرة، والحديث سوياً.
أما محتويات القصر، وملاحقه هي:
مسجد داخلي، و عدد مِن المخازن، ثلاثة مِنها لتخزين التمور، واثنان للحبوب، واللحوم المجففة التي كانت غالباً مِن لحم الغزلان التي كانوا أبناء البادية يُحضرونها، لمقايضتهم بالتمور، بالإضافة لـ15 غرفة نوم تتوزع بين الطابقين الأول والثاني، بالإضافة لغرف للصبيان، وغرف للعلف، والمطابخ، وغرفة لطحن الحبوب وتحتوي تِلك الغرفة على 4قطع مِن رحى الطحن. كذلك مِن الملاحق مدرسة الكتاتيب لتعليم القراءة، والكتابة، وعلوم القرآن.