وسط مدينة الهفوف القديمة بمنطقة الإحساء يقع شيخ الأسواق، أقدم الأسواق الشعبية في الخليج العربي، له تاريخه الذي يُناهز الستة قرون، وحكايته الخاصة حيث كان ذا أهمية اجتماعية، اقتصادية، ومُلتقى للحرف اليدوية التقليدية كصناعة المنسوجات، والبشوت، والسيوف، والخناجر، والنحاسيات، والجلديات، وسبك المعادن، وصناعة الدلال، وصنع ركائب الإبل والجياد، وبيع الملابس المصنوعة يدوياً بالإضافة إلى محلات العطارة، والأعشاب، والأدوية الشعبية، وتجارة التمور، أضف إلى ذلك جمال و اختلاف طراز المباني في ذلك المكان، الذي جعلها معلماً سياحياً يقصده الزاور لاعتباره ارث تاريخي، وعمراني فريد مِن نوعه.
تاريخ السوق وما يحتويه الآن
السوق بالاسم، والرسم تشكلت في العهد العثماني عام 1822م والتي هي عبارة عن صفوف مِن المحلات الصغيرة، والمتقاربة تقع في ممرات مُغلقة، ومسقوفة وفق الطراز المعمول بِه في تركيا، وبلاد الشام، والعراق قديماً. ثم أخذت شكلها، وهويتها النهائية في عهد الملك عبد العزيز عليه رحمة الله. حيث بُنيت السوق وفق الطراز المعماري لمنطقة الأحساء.
السوق يصطف بِه أكثر مِن 400 دكان، على مساحة تُقدر بـ 15ألف متر مربع، تتوزع المحال بين جزئين رئيسيين أحدهما الجزء الأكبر يمتد بين شارعي الخباز والحدادين، والثاني بين شارع الحدادين، وسوق الحريم(البدو)، وبذلك يُعد القيصرية أكبر سوق مسقوف في المملكة، والخليج العربي. كذلك الأعمدة والأبواب الخشبية المقسمة لثلاث قِطع، والتي يُعلق عليها الباعة بضاعتهم، مِن التمور الأحسائية الشهيرة. كما يضم السوق محلات العِطارة، التي تبيع الحلبة، والسدر، والجريش، وحبة البركة(السويدة). كما تجده مُفعم بروائح البخور، والأعشاب، بجانب توفر الأرز الأحسائي المعطر المعروف عنه أن بِه قيمة غذائية عالية، والعديد مِن المنتجات التقليدية التي لا توجد إلا في هذا السوق. بجانب الحناء، والتوابل، والعطور، والبشوت، والازياء الأحسائية .
أيضاً يوجد في نهاية سوق القيصرية طبيب شعبي مشهور بعمل الحجامة، وعلى الجانب الآخر يوجد قهوة السيد التراثي.
الحريق
قبل خمسة عشر عام أي في عام 2001 شب حريق هائل في هذا السوق التهم أكثر مِن 90% مِنه، ورغم ذلك بقيت بعد أطلاله تحكي حكايا الماضي، وأسراره. وفي أواخر عام 2013 افتتحت أمانة منطقة الأحساء السوق مرة أخرى بشكل كامل بعد 12 عام مِن اندلاع الحريق بِه. حيث أنها ظهرت بطابع عصري دون المساس بهويتها الأصلية. حيث تم بناؤها بالمواد المستخدمة سابقاً، كما أضيفت لها بوابة مركزية لاستقبال ضيوف السوق.
شهرة السوق في الخليج
القيصرية له شهرته الكبيرة عِند أهل الإمارات، وقطر، والبحرين، وعمان فهم يعرفونه مُنذ القِدم، لأنه كان حتى السبعينات الميلادية مقصداً لهم لتموين العديد مِن الأسواق الخليجية مِن الأرز، والتمور(تُعد الأحساء أكبر واحة في العالم لزراعة النخيل)، والكثير مِن المنتجات الإحسائية الخاصة، أو حتى التي كانت تُباع في السوق أو المستوردة مِن الهند والبحرين، وغيرها. ويتوافد على السوق زوار مِن مختلف مناطق المملكة.