لقد أبدى العشاق جنونهم بالعشق في أشعارهم ، ليصبح هناك شعر عن الحب والعشق والهيام ، وهو الشعر الذي يهيم بالحبيب إلى عالم آخر قد يكون فيه العشق واصلًا إلى حد الجنون ، والحب هو غريزة بشرية ولكن يختلف تطبيقها أو تصديقها من شخص لآخر تبعًا للعادات والتقاليد والظروف الاجتماعية المحيطة ، وقد أبدع شعراء العرب في تقديمهم للشعر الرومانسي الذي يعبر عن فيض من المشاعر والأحاسيس التي تحمل في ثناياها الحب ، والذي قد يرتبط بالأمل في الوصول للمحبوب أو اليأس الذي يكسوه الحزن والألم.

الحب في الشعر العربي

لقد رسم الحب طريقه في قلب الشاعر العربي منذ القدم ؛ حيث تجلت مظاهر التعبير عنه في الشعر الجاهلي وما تبعه من عصور وأزمنة ، ولقد اختلفت المفردات والصيغ والبنية في تقديم هذا النوع من الشعر على مرّ العصور ، وقد كان الغزل من السمات الرئيسية في الشعر الجاهلي الذي يعبر عن الحب ومن أشهر شعراء الجاهلية في تقديم الغزل هو ابن أبي ربيعة العذري ، وفي العصر الحديث ظهر نزار قباني بأشعاره الغزلية التي تحدث عن العشق والهيام بالمرأة ، ولعلّ من أبرز قصص الحب التي ظهرت في الساحة الأدبية هما قصة حب قيس وليلى وقصة عنترة وعبلة.

أشعار عن العشق المجنون

 قيس بن الملوح في حب ليلى

أُحِبُّكِ يا لَيلى مَحَبَّةَ عاشِقٍ

عَلَيهِ جَميعُ المُصعِباتِ تَهونُ

أُحِبُّكِ حُبّاً لَو تُحِبّينَ مِثلَه

أَصابَكِ مِن وَجدٍ عَلَيَّ جُنونُ

أَلا فَاِرحَمي صَبّاً كَئيباً مُعَذَّباً

حَريقُ الحَشا مُضنى الفُؤادِ حَزينُ

قَتيلٌ مِنَ الأَشواقِ أَمّا نَهارُهُ

فَباكٍ وَأَمّا لَيلُهُ فَأَنينُ

لَهُ عَبرَةٌ تَهمي وَنيرانُ قَلبُهُ

وَأَجفانُهُ تُذري الدُموعَ عُيونُ

فَيالَيتَ أَنَّ المَوتَ يَأتي مُعَجِّلاً

عَلى أَنَّ عِشقِ الغانِياتِ فُتونُ

عنترة بن شداد في حب عبلة

يا عَبلَ إِنَّ هَواكِ قَد جازَ المَدى

وَأَنا المُعَنّى فيكِ مِن دونِ الوَرى

يا عَبلَ حُبُّكِ في عِظامي مَع دَمي

لَمّا جَرَت روحي بِجِسمي قَد جَرى

وَلَقَد عَلِقتُ بِذَيلِ مَن فَخَرَت بِهِ

عَبسٌ وَسَيفُ أَبيهِ أَفنى حِميَرا

يا شَأسُ جِرني مِن غَرامٍ قاتِلٍ

أَبَداً أَزيدُ بِهِ غَراماً مُسعَرا

الحلاج

نَسماتِ الريحِ قولي للرَّشا

لمٍ يزِدني الوِردُ إلا عطشا

لي حبيبٌ حبُّهُ وسطَ الحشا

إن يشأ يمشي على خدي مشى

روحُهُ روحي وروحي روحُهُ

إن يشأ شئتُ وإن شئتُ يَشا

المتنبي

أبلِغ عَزيزاً في ثنايا القلبِ مَنزله

أني وأن كُنتُ لا ألقاهُ ألقاءُ

وإن طرفي موصولٌ برؤيتهِ

وإن تباعد عَن سُكناي سُكناهُ

يا ليته يعلمُ أني لستُ أذكرهُ

وكيف أذكرهُ إذ لستُ أنساهُ

يامَن توهم أني لستُ أذكره

واللهُ يعلم أني لستُ أنساهُ

إن غابَ عني فالروح مَسكنهُ

أحمد شوقي

في زهرتَي ذا العود من

أهل الهوى جُمعت صفات

كالعاشقَين تقابلا

لكن على سُرر النبات

متآنسين يلاقيان الحب

من كل الجهات

هذا على هذا حنا

ولذا إلى هذا التفات

لكن في الفجر الحياة

وفي الضحى لهما الممات

قسما لقد عاشا ولما

يأملا أملا ففات

من لي بسوق للحيا

ة يقال فيها خذ وهات

فأبيع عمرا في الهمو

م بساعة في الطيبات

نزار قباني

يتغيَّرُ – حينَ أُحِبُّكِ – شكلُ الكرة الأرضيَّه

تتلاقى طُرق العالم فوق يديْكِ.. وفوقَ يَدَيَّه

يتغيَّرُ ترتيبُ الأفلاك

تتكاثرُ في البحر الأسماك

ويسافرُ قَمَرٌ في دورتي الدَمَوِيَّه

يتغيَّرُ شَكْلي :

أُصبحُ شَجَرا.. أُصبحُ مَطَرا

أُصبِحُ أسودَ ، داخلَ عينٍ إسبانيَّه

تتكوَّنُ – حينَ أُحبّكِ- أَوديَةٌ وجبال

تزدادُ ولاداتُ الأطفال

تتشكَّلُ جُزرٌ في عينيكِ خرافيَّه

ويشاهدُ أهلُ الأرضِ كواكبَ لم تخطُرْ في بال

ويَزيدُ الرزق ، يزيدُ العشقُ ، تزيدُ الكُتُبُ الشِعريَّه

تتحضَّرُ – حينَ أُحبّكِ- آلافُ الكَلمات

تتشكَّلُ لغةٌ أخرى

مُدُنٌ أُخرى

أُمَمٌ أُخرى

تُسرِعُ أنفاسُ الساعات

رتاحُ حروفُ العَطْف وتَحْبَلُ تاءاتُ التأنيث

وينبتُ قمحٌ ما بين الصَفَحَات

وتجيءُ طيورٌ من عينيكِ وتحملُ أخباراً عسليَّه.