الكثير من الناس لا يستطيعون التفرقة بين من هم من المحارم ومن هم ليسوا كذلك ويصافحون من ليسوا من محارمهم خطأ، وتكشف النساء وجوههن لمن ليسوا من محارمهم، وقد اهتم الإسلام بهذه المسألة وعمل على تفصيلها لتكون واضحة للناس، ولذلك سيكون هذا الموضوع هو ما سنتكلم عنه في مقالنا.
تعريف المحارم
المحارم في اللغة هي المحظورات والممنوعات، مثل القول (حرم عليك هذا الفعل) أي منع عليك أن تفعل هذا الفعل أو حظر عليك، وقد قال تعالي {وَحَرَّمْنَا عليه المراضع من قبل} أية 12 من سورة القصص، وقوله سبحانه وتعالي {قال فإنها مُحَرَّمَةٌ عليهم أربعين سنة يَتيهون في الأرض} أية 26 من سورة المائدة، وهناك الكثير من الآيات التي تبين معنى المحارم.
أما المحارم اصطلاحاً فهم الرجال الذين لا يحل لهم نكاح نساء محددين بسبب وجود نسب بينهم أو مصاهره أو رضاعة، مثل الأب والاخ والابن والعم والخال ومن يجري على مجراهم.
وقد فصل القرآن الكريم المحارم من النساء على الرجال في قوله تعالى في الآية 22 من سور النساء {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة وَمَقْتًا وساء سبيلا، حُرِّمَتْ عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جُناح عليكم، وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف إن الله كان غفورا رحيما}.
أما محارم المرأة من الرجال ذكرها القرآن الكريم في قوله تعالى {ولا يُبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن}، ويري أغلب العلماء أن هذه المحارم في هذه الآية بسبب النسب.
أهمية النسب في الإسلام
لقد أعتني ديننا الإسلامي بالنسب وقضايا النسب اعتناءً كبيراً، حتى أن الكثير من العلماء والفقهاء اعتبروها من الكليات الخمسة التي جاء ليحفظها الإسلام ويؤكد على أهميتها، وهي حفظ الدين، وحفظ النسل وحفظ العقل وحفظ المال، ويعبرون عن حفظ النسل بحفظ النسب لما بينهما من ارتباط وثيق.
ولهذا فقد أعتني سبحانه وتعالي بها بشدة، وهذه الكليات الخمسة يسميها البعض الكليات الستة، إذا أن بعض العلماء يضيفون عليهم حفظ العرض، إذا لم يريدوا إدخاله في حفظ النسل أو حفظ النسب، حيث أفرد الإسلام لهذه الأمور عناية واهتمام خاصين وقال رسول الله (صل الله عليه وسلم) في أهمية حفظ النسب { علَّموا من أنسابِكم ما تَصِلون به أرحامَكم، فإنَّ صلةَ الرحمِ محبَّةٌ في الأهلِ، مثارة في المالِ، منسأةٌ في الأثرِ }.
قال المناوي عليه رحمة الله في شرح هذا الحديث أن تعلموا الأنساب بالمقدار الذي تصلهم به، ومن هنا فإن تعلم النسب هو أمر بالنيابة، وفي بعض الحالات يصبح واجباً.
والسبب وراء الاهتمام الشديد بعلم النسب هو أنه يترتب عليه الكثير من الأحكام الأخرى، مثل أحكام الميراث، بعلم النسب نستطيع أن نفرق بين الوارثين، فنستطيع أن نفرق بين يستطيع أن يرث فرضاً أو تعصيباً أو بالرحم، كما في بعض حالات الميراث قد يحجب وارث وارث آخر لأنه أحق منه في الوراثة، فلو كان للمورث أبناً فإنه يحجب أخوته من الميراث رغم استحقاقهم هم وباقي عصبته.
أنواع المحارم
تقسم المحارم إلى ثلاث أقسام محارم بالنسب ومحارم بالمصاهرة ومحارم بالرضاعة، ونفصلها لكم في الآتي:
المحارم من النسب
أولاً: الآباء وهم آباء النساء وأجدادهم من جهة الأب، وأباء الأباء من جهة الأم أي آباء الأمهات، وآباء أزواجهن فهم من المحارم أيضاً ولكن من المصاهرة.
ثانياً: الأبناء، سواء أبناء النساء أو أولاد الأبناء سواء من الذكور أو الإناث.
ثالثاً: الإخوان، سواء كانوا إخوة من أب أو أم، أو من أب فقط أو من الأم فقط.
رابعاً: بنو الإخوان من الذكور والإناث وأبناء بنات الأخوات.
خامساً: العم والخال يعتبروا من المحارم من النسب حتى ولو لم يذكروا في أية توضح هذا ولكنهم يعاملان معاملة الوالدين.
المحارم بسبب الرضاعة
يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب، فكما جاء في السنة النبوية الشريفة، أنه جاء في صحيح البخاري عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (إن أفلح أخا أبي قٌعيس جاء يستأذن عليها وهو عمها من الرضاعة بعد أن نزل الحجاب، فأبيت أن آذن له، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته بالذي صنعت فأمر أن آذان له)
المحارم بسبب المصاهرة
قال تعالى في الآية 31 من سورة النور (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن .. )، أي من أصل الزوج مثل أبو الزوج، وابن الزوج وإن نزل مثل ابن الابن، وزوج البنت، وزوج الأم في حالة الدخول فقط.