يرغب الكثير من الأشخاص في الحصول على نتيجة معينة من خلال قيامهم ببرنامج تدريبي خاص، ولكنهم قد يؤدون تمارين عضلية تتعارض مع أهداف برنامجهم أدنى وعي منهم بذلك. فقد يهدف البعض إلى التدرب على عدو الماراثون والذي يعتمد على قطع مسافات طويلة، ولكنه يقوم بتدريبات تمنحه كتلة عضلية أكثر من اللازم تعرقل خفته في الجري. ولهذا من المهم جدًا بعد تسطير أهداف البرنامج الرياضي، تحديد كيفية الوصول إلى هذه الأهداف بالطريقة الصحيحة . وتكون أول خطوة لذلك هو فهم الفرق بين القوة والقدرة على التحمل العضلي.
وجه الاختلاف بين القوة والقدرة على التحمل
نسمع طوال الوقت أن التمرن باستعمال الأوزان الثقيلة بتكرار منخفض الشدة يؤدي إلى زيادة وزن الكتلة العضلية، بينما التمرن باستعمال الأوزان الخفيفة بتكرار مرتفع الشدة فذلك سيؤدي إلى زيادة القوة العضلية وصلابة العضلات . ولكن ما الذي يميز بين هذين النوعين من التدريب؟ . في الواقع يكمن الفرق الأساسي في ممارسة هذين التدريبين ليس فقط في طريقة القيام بهما بل في اكتساب القوة مقابل القدرة على التحمل.
حيث أن القيام بتكرار أقل مع زيادة الثقل سيساعد على زيادة القوة، بينما القيام بمزيد من التكرار باستخدام أوزان أخف سيساعد على بناء القدرة على التحمل. وفي الحقيقة، تحتاج إلى كل من القوة والقدرة على التحمل في القيام بالنشاطات البدنية اليومية.
ويمكن تعريف القوة على أنها ممارسة أكبر قدر من الجهد في فترة قصيرة من الزمن. وكمثال على ذلك القيام بالتدريبات البدنية في صالة الألعاب الرياضية، حيث يتطلب رفع الأوزان الثقيلة تكرارا لنقل من خمس إلى ثمان مرات متواصلة وهو ما يتطلب قوة كبيرة تستعمل لتحريك الأوزان لفترة زمنية قصيرة.
بينما يمكن تعريف القدرة على التحمل على أنها استطاعة القيام بفعل ما مرارا وتكرار لفترة زمنية طويلة دون الشعور بالتعب أو الإرهاق البدني. ولنحافظ على نفس المثال لتحديد الفرق بين القوة والقدرة على التحمل بشكل أوضح. تمرين القرفصاء ( السكوات)، هو تمرين يعتمد على القدرة على التحمل من خلال التكرار المتواصل والانتقال من وضع إلى وضع أخر بما يزيد عن عشرون مرة دون استعمال أوزان ثقيلة جدا. وكمثال أخر القيام برياضة التزلج، حيث أن تني الركبتين واستعمال الذراعين لفترة زمنية طويلة نسبيًا يعتمد على مدى قدرة المتزلج على التحمل وليس على القوة.
علاقة العضلات بالقوة والقدرة على التحمل العضلي
تتكون العضلات من نوعين مختلفين من الألياف، يسمى النوع الأول بالألياف العضلية بطيئة الانقباض، بينما يطلق على النوع الثاني منها الألياف العضلية سريعة الانقباض. حيث أن النوع الأول يكون مسئول عن القدرة على التحمل، أما النوع الثاني فينقسم بدوره إلى نوعين آخرين ولتكن “أ” و “ب”.
النوع “أ” يشترك في بناء القوة والقدرة على التحمل على حد سواء، بينما يقتصر دور الألياف العضلية سريعة الانقباض من النوع “ب” على تسهيل التحركات القصيرة ذات الشدة الكبيرة أو ما يعرف بالقدرة الانفجارية مثل القفز أو رفع الأوزان الثقيلة جدا. أثناء القيام بالتمارين الرياضية مثل الجري أو السباحة مثلا، فأن الألياف العضلية بطيئة الانقباض هي أول ما يبدأ في التقلص، إلى حين تعب العضلات المرتبطة بها، وفي هذه المرحلة تبدأ الألياف العضلية سريعة الانقباض بالعمل.
في الواقع، يستفيد الجسم من التمرن إلى حد الشعور بالتعب المؤقت أو اللحظي، حيث يتم بهذا الشكل التأكد من تشغيل الألياف العضلية سريعة الانقباض. حيث أن استخدامها يزيد من الكتلة العضلية ويحسن من القوة العامة. من ناحية أخرى، يمكن أن تزيد التمارين الرياضية التي تستخدم فيها نوع الألياف بطيئة الانقباض من القدرة على التحمل وتزيد من كمية الأكسجين الواصل للعضلات، وهو ما يسمح للجسم بحرق الطاقة لفترات زمنية أطول.
وليس هذا فقط، بل إن نوع الممارسات الرياضية الذي يعتمد على استخدام الألياف العضلية بطيئة الانقباض، ارتبطت بنتائج جيدة في خفض ضغط الدم المرتفع. كما أظهرت بعض الأبحاث أن النساء قد يكون لديهن توزيع أكبر من الألياف العضلية من النوع الأول وأقل من النوع الأول مقارنة بالرجال.
وعلى الرغم من أنه يمكن أن تتحول الألياف العضلية ذات الانقباض البطيء إلى أخرى ذات انقباض متوسط، فإنه لا يوجد دليل قاطع على قدرتها على التحول إلى ألياف سريعة الانقباض. وبمعنى أخر، يمكن تحسين القدرة على الركض أو الحركات الانفجارية المختلفة، ولكن ذلك غير مرتبط بتحويل نوع الألياف بشكل مباشرة، ومع ذلك كما سبق وأشرنا فإنه من الممكن التحويل من الانقباض البطيء إلى المتوسط والعكس من خلال الزيادة في شدة التدريب على تمارين التحمل والمقاومة.
والجدير بالذكر، أن الألياف العضلية سريعة الانقباض تستنزف وتقل مع التقدم في العمر بنسبة أكبر مقارنة بالنوع الثاني من الألياف. وبالتالي، فإن زيادة قوة العضلات تكون أقل جدوى في وقت لاحق من الحياة. ومع ذلك، وبشكل عام، عند استخدام العضلات بشكل مختلف وتخرجها من منطقة الراحة، فإن ذلك يعزز القوة والقدرة على التحمل بطريقة أكثر فعالية.