قصة عشق ابن زيدون و ولادة بنت المستكفي هي إحدى القصص التي خلدها التاريخ ، فهما من أشهر شعراء العرب و وقعا في حب بعضهما البعض و لكن الحاقدين دبروا المكائد للتفريق بينهما .
نبذة عن ابن زيدون :
يعد من أعظم شعراء الأندلس ، وأجلهم مقامًا ، لموهبته الشعرية ، و هو ينتمي إلى قبيلة مخزوم التي ينحدر منها القائد خالد بن الوليد و الشاعر عمر بن أبي ربيعة ، عاش في قرطبة و يعد عصره أزهى عصر أدبي في الأندلس ، و كان له دور كبير في السياسة و تولى وزارة الدولة ، فقد توزعت حياته بين السياسة و الحب ، و تنوعت أشعاره ، و أغراضها فمنها الغزل ، و المدح ، و الرثاء ، و الاستعطاف ، و وصف الطبيعة ، و الهجاء .
نبذة عن ولادة بنت المستكفي :
هي بنت المستكفي آخر خلفاء الأندلس ، و الذي عُرف بطغيانه و عدم تحمله لمسؤولية منصبة ، و قد ربى ابنته على حياة لاهية عابثة تلائم سيرته ، و كانت في الوقت نفسه أديبة شاعرة ، حسنة المظهر و المذاكرة ، و كان لها في منزلها بقرطبة مجلس أدبي أشبه بمنتدى سكينة بنت الحسين في المدينة المنورة ، فهي واحدة من النساء النابغات في الشعر و فنون القول ، تبوأت مكانة عالية في مجتمعها ، و حازت صيتًا واسعًا بسبب ثقافتها ، و كانت متحررة للغاية فهي أول من رفعت الحجاب في الأندلس ، و كان يحضر مجلسها الكثير من الأدباء و الشعراء ، و من بينهم ابن زيدون .
عشق ابن زيدون و ولادة و نهايتهما :
وقع ابن زيدون في غرام ولادة عندما حضر مجلسها الأدبي في قرطبة ، و بادلته هي الأخرى الحب ، و لكن الحاسدين لم يهدأ لهم بالًا إلا بعد أن فرقوا بين العاشقين ، فقد سعى الوزير ابن عبدوس للإيقاع بابن زيدون ، حتى نجح في سجنه ، و بعد ذلك أخذ يتقرب من ولادة بنت المستكفي و يدس لها المكائد و الأخبار الكاذبة عن ابن زيدون ، و أخبرها أن ابن زيدون كان يحب خادمتها ، كما أخبرها أنه قام بذمها في إحدى قصائده ، و بعد أن قضى ابن زيدون عامين كاملين في السجن دون أي تواصل بينه و بن ولادة ؛ وقعت ولادة في حب الوزير ابن عبدوس و بدأت تتناسى ابن زيدون .
عندما يأس ابن زيدون من خروجه من السجن ؛ فر هاربًا ، و عاش ما تبقى من عمره هاربًا ، و توفي ابن زيدون في إشبيلية سنة 463 هـ وهو في التاسعة والستين من عمره ، أما ولادة فلم تستمر مع الوزير ابن عيدوس ، و عاشت عزبة طوال حياتها ، ولم تتزوج وعمرت ثمانين سنة وقيل مئة، ثم توفيت سنة 480 أو 484 هـ، أي بعد وفاة ابن زيدون بعقدين من الزمن تقريباً .