تنقسم المسؤولية المدنية إلى نوعين وهما المسؤولية التعاقدية والمسؤولية التقصيرية، ولكلا منهما أقسام وتعريفات خاصة بهما، حيث أن المسؤولية بصفة هامة من أهم الأشياء التي يحافظ عليها القانون ويفرض عقوبات وتعويضات كبرى يضطر المخطئين إلى دفعها في حالة الإخلال بأي نوع من أنواع المسؤولية، ولا يمكن الإفلات من المسؤولية إلا في حالة كانت الدولة ضعيفة.
المسؤولية التقصيرية
هي المسؤولية التي تنشأ عن الإخلال بالواجبات التي يفرضها القانون، كإحترام حقوق الجار ومسؤولية سائق السيارة الذي يقودها دون حيطة ويصيب إنسان أو يتلف شيئًا ما، حيث يشترط القانون عدم الإضرار بالغير، وكل من يتسبب في ضرر للغير يُلزم بدفع تعويض للطرف الآخر، وتم تشريع تلك المسؤولية ليتم إيقاع عقوبة على كل فعل يرتكبه الإنسان عن بينة واختيار، ومن غير أن يسمح به القانون، وأحدث نتيجة له ضررًا ماديًا أو معنويًا للغير، يُلزم مرتكبيه بتعويض هذا الضرر.
المسؤولية التعاقدية
هي التي تترتب على عدم تنفيذ الإلتزام الناشئ عن العقد على الطريقة المتفق عليها، مثل مسؤولية المقاول عن التأخر في إقامة البناء الذي اتفق على بناءه عن الميعاد المتفق عليه، وأيضًا مسؤولية البائع عن عدم نقل ملكية المبيع إلى المشتري حتى وإن تصرف فيه بعد البيع.
المسؤولية التقصيرية هي التي تنشأ عن الإخلال بالواجبات التي يفرضها القانون، وتشترط القوانين عدم الإضرار بالغير، أما المسؤولية التعاقدية هي التي تترتب على عدم تنفيذ الإلتزام بالعقد الذي تم الإتفاق عليه كالتأخر على البناء وغيره، ويستحق أن يتم دفع التعويض، سواء لعدم الوفاء بالإلتزام أو بسبب التأخر في الوفاء، في حالة لم يكن هناك سوء نية من المدين.
تنقسم المسؤولية أيضًا إلى مسؤولية طبيعية أو أدبية ومسؤولية قانونية، وتعريفهما هما :
المسؤولية الأدبية هي أوسع نطاقًا من المسؤولية القانونية حيث يكون عنصرها ذاتي وهو الضمير، أما عنصر المسؤولية القانونية هو عنصر موضوعي وهو سلطة الدولة، وهذا يمكن الإفلات منه، ولكن في المسؤولية الأدبية يكون صعب الإفلات لأن الضمير هو الحكم، وتنقسم المسؤولية القانونية إلى ” مسؤولية جزائية، مسؤولية مدنية”، وتنقسم المسؤولية المدنية إلى مسؤولية تعاقدية ومسؤولية تقصيرية.
الفرق بين المسؤولية الجزائية والمسؤولية المدنية
هناك فروق واضحة بين المسؤولية الجزائية والمسؤولية المدنية عنصر المسؤولية الأدبية، حيث يتناول القانون الجزائي الفعل الضار اللاحق بالمجتمع، وكافة ما ينجم عنه، حيث يقيم عليه مسؤولية الفاعل الجزائية، بينا يتناول القانون المدني الفعل الضار الذي يصيب الفرد ويبني عليه مسؤولية الفاعل المدنية، وهذا ما يجعل هناك اختلاف بين المسؤولية الجزائية والمسؤولية المدنية، ويظهر في :
ـ القانون الجزائي يتناول الفعل الضار اللاحق بالمجتمع، وكل ما ينجم عنه ويقيم عليه مسؤولية الفاعل الجزائية، أما القانون المدني فهو يتناول الفعل الضار الذي يصيب الفرد ويبني عليه مسؤولية الفاعل المدنية، وتختلف المسؤولية المدنية عن المسؤولية الجزائية في بعض النقاط وهي :
1ـ المسؤولية الجزائية الجزاء فيها عقوبة تطالب بها النيابة العامة، لأنها ممثلة للمجتمع، وهي لا تملك التنازل عنها ولا الصلح عليها، وفي المسؤولية المدنية والمتعلقة بضرر يصيب الفرد، ويكون الجزاء هو التعويض وللمضرور النزول عنه والتصالح عليه، ولو مات المسؤول يمكن مطالبة ورثته بالتعويض.
2ـ تخضع المسؤولية الجزائية لمبدأ مهم، وهو أنه لا عقوبة بلا جريمة ولا جريمة بدون نص فالأفعال التي تترتب عليها المسؤولية الجزائية محددة، وبتحديد دقيق، وبعدها تتحدد العقوبات، وتكون المسؤولية المدنية خاضعة لمبادئ القانون المدني، ويكون كل خطأ سببًا في إيقاع الضرر للغير، ويكون هذا الضرر لابد له من التعويض.
3ـ في حالة حدوث التلازم بين المسؤولية المدنية والجزائية كوقوع حالات الاعتداء على النفس والمال، وعند الانفكاك بينهما تقوم المسؤولية الجزائية دون المدنية في الجرائم المقتصرة على الحق العام دون أن تمس أفرادًا كجرائم مخالفات السير والتسول.
4ـ في بعض الأحيان تتحقق المسؤولية المدنية دون المسؤولية الجزائية، ويكون ذلك مثلًا كخلافات العمل والتجاوز على العقارات، وتكون المسؤولية الجزائية هي الأعم، والمسؤولية المدنية كجرائم المال أو الاعتداء على النفس.
نتائج ترتب المسؤولية المدنية والجزائية معًا
إذا كان هناك عمل ما يترتب عليه جمع المسؤولية الجزائية مع المسؤولية المدنية، تكون في تلك الحالة المسؤولية الجزائية هي الأقوى، وتؤثر على المسؤولية المدنية في عدد من النواحي ومنها:
ـ التقادم، وهي يعني أن الدعوى المدنية لا تسقط بالتعويض الناشئ عن جرم جزائي.
ـ يمكن إقامة الدعوى المدنية بالتعويض أمام المحكمة الجزائية، ويفصل بالدعوتين معًا، ولكن هذا لا ينفي حق المدعي بإقامتها أمم المحكمة المدنية، وفي تلك الحالة تطبق قاعدة الجزائي قبل المدني، ويقف البث بالدعوى المدنية إلى أن تنتهي الدعوى الجزائية.
ـ القاضي المدني لا يرتبط بالحكم الجزائي في الوقائع التي لم يفصل فيها الحكم أو الوقائع التي فصل فيها دون ضرورة، ويشترط لذلك أن يكون الحكم الجزائي قد صل في الوقائع المعروضة على القاضي المدني، وأن يكون قد تم الفصل به.