الشاعر عمر بن أبي ربيعة هو عمر بن عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وهو شاعر مخزومي قرشي شهير، كان أشهر شعراء قريش، ولد 644 م الموافق 23 هـ، وتوفي 711م الموافق 93 هـ، وهو شاعر من شعراء الغزل لقب بالعاشق، وكانت كنيته أبا الخطاب، أبا حفص، أبا بشر، ولقب بالمغيري نسبة إلى جده .
شعر عمر بن أبي ربيعة
1- حَدِّثْ حَديثَ فتاة ِ حَيٍّ مرّة ً
حَدِّثْ حَديثَ فتاة ِ حَيٍّ مرّة ً بالجزعِ بين أذاخرٍ وحراءِ
قَالَتْ لِجَارَتِها عِشاءً، إذْ رَأَتْ نُزَهَ المَكَانِ وَغَيْبَة َ الأَعْدَاءِ
في رَوْضة ٍ يَمّمْنَهَا مَوْلِيَّة ٍ مَيْثَاءَ رَابِيَة ٍ بُعَيْدَ سَماءِ
في ظِلِّ دَانِيَة ِ الغُصُونِ وَرِيقَة ٍ نَبَتَتْ بأَبْطَحَ طَيِّبِ الثَّرياءِ
وكأنّ ريقتها صبيرُ غمامة ٍ بردت على صحوٍ بعيدَ ضحاء:
ليتَ المغيري العشية َ أسعفتْ دارٌ بهِ، لتقاربِ الأهواءْ
إذ غابَ عنا منْ نخافُ، وطاوعتْ أرضٌ لنا بلذاذة ٍ وخلاء
قلتُ : اركبوا نزرِ التي زعمتْ لنا أن لا نباليها كبيرَ بلاءِ
بينا كذلكَ، إذ عجاجة ُ موكبٍ، رَفَعُوا ذَمِيلَ العِيسِ بِالصَّحْرَاءِ
قَالَتْ لِجَارَتِها انْظري ها، مَنْ أُولَى وتأملي منْ راكبُ الأدماء ؟
قَالتْ أَبُو الخَطَّاب أَعْرِفُ زِيَّهُ وَرَكُوبَهُ لا شَكَّ غَيْرَ خَفَاءِ
قَالَتْ وَهَلْ قَالَتْ نَعَمْ فَاسْتَبْشِري ممن يحبُّ لقيه، بلقاء
قالت : لقد جاءتْ، إذاً، أمنيتي، في غيرِ تكلفة ٍ وغيرِ عناء
مَا كُنْتُ أَرْجُو أَن يُلِمَّ بأَرْضِنَا إلا تمنيهُ، كبيرَ رجاء
فإذا المنى قد قربتْ بلقائه، وأجابَ في سرٍّ لنا وخلاء
لما تواقفنا وحييناهما، رَدَّتْ تَحِيَّتَنا عَلَى اسْتِحْيَاءِ
قلنَ : انزلوا فتيمموا لمطيكمْ غيباً تغيبهُ إلى الإماء .
2- قصيدة يا قُضَاة َ العِبَادِ إنَّ عَلَيْكُمْ
يا قُضَاة َ العِبَادِ إنَّ عَلَيْكُمْ في تُقَى رَبِّكُمْ وَعَدْلِ القَضاءِ
أنْ تجيزوا وتشهدوا لنساءٍ، وَتَرُدُّوا شَهادَة ً لِنَساءِ
فانظروا كلّ ذاتِ بوصٍ رداحٍ، فأجيزوا شهادة َ العجزاء
وَارْفُضُوا الرُّسْحَ في الشَّهَادَة ِ رَفْضاً لا تُجِيزُوا شَهَادَة َ الرَّسْحَاءِ
ليتَ للرسحِ قرية ً هنّ فيها، ما دعا اللَّهَ مسلمٌ بدعاء
ليسَ فيها خلاطهنّ سواهنّ، بِأَرْضٍ بَعَيدَة ٍ وَخَلاءِ
عجلَ اللهُ قطهنّ، وأبقى كلّ خودٍ خريدة ٍ قباء
تعقدُ المرطَ فوقَ دعصٍمن الرّمْلِ عَرِيضٍ قَدْ حُفَّ بالأَنْقَاءِ
ولحى الله كلَّ عفلاءَ زلاءَ، عَبوساً قَدْ آذنتْ بِالبَذاءِ
صرصرٍ سلفعٍ رضيعة ِ غولٍ، لم تزلْ في شصيبة ٍ وشقاء
وبنفسي ذواتُ خلقٍ عميمٍ، هُنَّ أَهْلُ البَها وأَهْلُ الحَياءِ
قَاطِنَاتٌ دورَ البَلاطِ كِرَامٌ لَسْنَ مِمَّنْ يَزورُ في الظَّلْماءِ .
3- قصيدة صرمتْ حبلكَ البغومُ، وصدتْ
صرمتْ حبلكَ البغومُ، وصدتْ عَنْكَ، في غَيْرِ رِيبَة ٍ، أَسْمَاءُ
وَکلْغَواني إذا رأَيْنَكَ كَهْلاً كانَ فيهنّ عن هواكَ التواء
حبذا أنتِ يا بغومُ وأسماءُ، وعِيصٌ يَكُنُّنا وَخَلاءُ
وَلَقَدْ قُلْتُ لَيْلَة الجَزْلِ لَمّا أَخْضَلَتْ رَيْطَتي عَلَيَّ السَّماءُ:
لَيْتَ شِعْرِي وَهَل يَرُدّنّ لَيْتٌ، هلْ لهذا عندَ الربابِ جزاء ؟
كلُّ وصلٍ أمسى لديّ لأنثى غيرها، وصلها إليها أداءُ
كُلُّ أنثى وإنْ دَنَتْ لِوِصالٍ، أَو نَأَتْ، فَهْي لِلرَّبَابِ فِدَاءُ
فعدي نائلاً، وإن لم تنيلي، إنَّما يَنْفَعُ المُحِبَّ الرَّجاءُكَ .
4- قصيدة ولقد دخلتُ الحيّ يخشى أهله
ولقد دخلتُ الحيّ يخشى أهله، بَعْدَ الهُدُوءِ وَبَعْدَما سَقَطَ النَّدَى
فَوَجَدْتُ فيه حُرَّة ً قَدْ زُيِّنَتْ بالحليِ تحسبهُ بها جمرَ الغضا
لما دخلتُ منحتُ طرفي غيرها عَمْداً مَخَافَة أَنْ يُرَى رَيْعُ الهَوَى
كيما يقول محدثٌ لجليسهِ : كذبوا عليها، والذي سمك العلى !
قَالَتْ لأَتْرَابٍ نَواعِمَ حَوْلَها بِيضِ الوُجُوهِ خَرَائِدٍ مِثْلِ الدُّمَى :
بِکللَّهِ رَبِّ مُحَمَّدٍ، حَدِّثْنَني حقاً أما تعجبنّ من هذا الفتى
الداخلِ البيتَ الشديدَ حجابهُ، في غير ميعادٍ، اما يخشى الردى ؟
فَأَجَبْتُها إنَّ المُحِبَّ مُعوَّدٌ بلقاءِ من يهوى ، وإن خافَ العدى
فَنَعِمْتُ بالاً إذْ دَخَلْتُ عَلَيْهِمُ وسقطتُ منها حيثُ جئتُ على هوى
بَيْضاءُ مِثْلُ الشَّمْسِ حِينَ طُلُوعِها موسومة ٌ بالحسنِ، تعجبُ من رأى .
5- حنّ قلبي من بعد ما قد أنابا
حنّ قلبي من بعد ما قد أنابا، ودعا الهمَّ شجوهُ فأجابا
فاستثارَ المَنْسيَّ مِنْ لوعة ِ الحُـبِّ، وأبدى الهمومَ والأوصابا
ذَاك مِنْ مَنْزِلٍ لِسَلْمَى خَلاءٍ لابِسٍ مِن عَفائِهِ جِلْبَابَا
أعقبتهُ ريحُ الدبورِ، فما تنفكّ منه أخرى تسوقُ سحابا
ظلتُ فيه، والركبُ حولي وقوف، طَمَعاً أَنْ يَرُدَّ رَبْعٌ جَوَابا
ثانياً من زمام وجناءَ حرفٍ، عَاتِكٍ، لَوْنُها يُخالُ خِضابا
تَرْجِعُ الصَّوْتَ بِالبُغَامِ إلى جَوْفٍ تناغي به الشعابَ الرغابا
جدها الفالجُ الأشمُّ أبو البختِ وَخَالاَتُهَا انْتُخِبْنَ عِرَابا .