الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعودي هو فقيه أصولي من بني عمرو أحد البطون الكبار في قبيلة بني تميم ، وكان يتميز بعفة اليد ، ونزاهة العرض ، وصلاح ذات البين ، فعرف عنه أنه من عرض عليه مشكلة إلا وسعى في حلها من جميع الأطراف ، وفي السطور التالية نستعرض باستفاضة حياة الشيح عبد الرحمن السعدي.
نشأة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي
في عام 1120هـ انتقلت أسرة الشيخ من بلدة المستجدة الي عنيزة ، والدته من آل عثيمين ، وولد الشيخ عبد الرحمن في 12 من محرم في مدينة عنيزة عام 1307هـ ، وتوفيت أمه في عام 1310هـ ، أما والده توفي في عام 1313ه وكان فقط يبلغ من العمر ستة سنوات ، فعاش يتيم الأب والأم.
فعاش الشيخ عبد الرحمن مع زوجة أبيه التي أحبته مثل حبها لأولادها ، فنشأ نشأة صالحة ، وتربي على الصلاح والتقي ، فأدرك في صباه ما لا يدركه غيره في زمن طويل.
وفي الدراسة كان من الطلاب الذين يأخذون العلم على محمل التعلم والحب ، فلاحظ الجميع عليه تفوقه ونبوغه ، وصار يسألونه وهو ما زال في سن البلوغ ، وما أن تقدم في دراسته حتى صار أكثر علما وتميزا ، فعرف عنه الخروج عن المألوف ، فصار يعمل على الاطلاع على كتب الحديث والتفسير ، فكان يعمل على التطوير وليس التقليد.
وكان يعمل على قضاء معظم وقته في التعليم والافادة ، واعطاء النصح والارشاد ، فعرف عنه أنه لا يمنعه عن مجالس الذكر والدرس ، ولا يرده عنها راد ، فعمل على الاجتماع بالطلبة وافادتهم بما درس ، فاشتهر بسعة العلم وحسن الخلق ولطف العشرة ، وحب نشر العلم ، وسرعة البديهة.
فلما نضج علمه ، وزادت قدرته على تفسير القران الكريم ، وتفسير الاحاديث النبوية ، قام بتوضيح أنواع التوحيد ، وأقسامه ، وجمع أشتات مسائل الفقه ، ورد على الملاحدة والزنادقة ، وعمل على تبين محاسن الاسلام في كتب ورسائل طبعت ووزعت على العامة.
فأصبح امام الجامع ، والخطيب ، ومفتي البلاد ، وكاتب الوثائق ، وعاقد الأنكحة ، ومستشار العامة ، فكان لا ينقطع عن زيارة الناس في بيوتهم من أجل تعليمهم ونصحهم.
أخلاق الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي
كان الشيخ عبد الرحمن رحيما بالناس ، وودودا ، ومحبا لنفع الناس ، وصبورا ، وكان يتميز بروحه الجميلة ، فكان ذو دعابة ، لا يعرف عنه الغضب ، ويحرص على زيارة الناس والقرب منهم ، وتلبية دعواتهم ، وزيارة المرضى ، وتشييع الجنائز.
فكان عفيف اليد ، وله عزة نفس ، ونزاهة العرض ، ومحب لإصلاح ذات البين ، فكان يعمل على حل كافة المشكلات وإرضاء جميع الأطراف ، فكان محل تقدير واحترام من كافة الناس ، ولهذا كان يثني عليه الكثير من العلماء.
فقال عنه سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله : (كان رحمه الله كثير الفقه والعناية بمعرفة الراجح من المسائل الخلافية بالدليل ، وكان عظيم العناية بكتب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم ، وكان يرجح ما قام عليه الدليل ، وكان قليل الكلام إلا فيما ترتب عليه فائدة ، جالسته غير مرة في مكة والرياض ، وكان كلامه قليلاً إلا في مسائل العلم ، وكان متواضعاً ، حسن الخلق ، ومن قرأ كتبه عرف فضله وعلمه ، وعنايته بالدليل ، فرحمه الله رحمة واسعة).
أعمال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي
كان الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي معروف عنه أعماله العظيمة ودوره العظيم مع العامة فكان بعضا منها:
1- قام بتأسيس الأعمال الخيرية وتشجيعها.
2- كان مرجع بلدة عنيزة في كل الأمور الفقهية.
3- كان المدرس ، والواعظ ، وإمام الجامع ، وخطيبه.
4- أصبح المفتي ، وكاتب الوثائق ، ومحرر الوصايا.
5- كان مختص بعقد النكاح.
6- كان مستشارا للناس فيما يتخاصمون به.
7- في عام 1373ه كان يتولى الاشراف على المعهد العلمي في عنيزة دون مقابل.
فكان يعمل كل ذلك في وقت واحد ، فكان يتساءل الناس عن من أي يأتي بالوقت لفعل كل ذلك ، وكان يقيم بكل هذا بدون أي مقابل مادي ، حتي أنه عرض عليه تولي القضاء في عام 1360هـ ، ولكنه رفض ، فكان من قلة الطعام والنوم يغمى عليه كثيرا.
مرضه ووفاته
في عام 1371 هـ أصيب الشيخ عبد الرحمن السعدي بمرض ضغط الدم ، وتصلب الشرايين ، وبعدها بخمسة أعوام أي في 23 جمادى الأخر من عام 1376هـ توفي الشيخ عبد الرحمن عن عمر يناهز 69 عام.