تطورت الحياة الإنسانية كثيرًا ، وباتت هناك من رفاهيات الحياة الكثير والكثير ، وفي ظل زخم الأفكار والتقدم تولدت تلك التكنولوجيا الرهيبة التي انشغل بها العالم أجمع ؛ فأصبحت ركيزة أساسية في حياة البشر ، وكان عالم الإنترنت من أهم مظاهر التكنولوجيا الحديثة ، وهو النافذة التي تطل على العالم الخارجي بكل ما يحتويه من مظاهر حياتية ، ونتيجة لهذه الطفرة الانتقالية في الحصول على المعارف المختلفة ؛ فإن البشر قد تناسوا فضل الكتاب ومكانته ، وإذا استمعت إلى حوار بين شخصين عن أهمية الكتاب ؛ فمن الممكن أن تجد من يحيد عن الهدف الرئيسي ليتحدث عن الإنترنت وفضائله.
حوار خيالي بين الكتاب والإنترنت
مضى الكتاب بخطوات حثيثة إلى الحاسوب الموضوع بجواره ليراقب ما يحدث بداخله ، وفجأة اصطدم بأيقونات تتحرك يمينًا ويسارًا ضاغطة على عناوين بالشاشة ؛ فصاح قائلًا : ما هذا؟!
لم يتوقع الكتاب أن يجد من يرد عليه ؛ إنه الإنترنت الذي تحدث قائلًا : إنني أنا الذي أمتلك العالم من حولي..
تعجب الكتاب متسائلًا : وهل يمكن لأي شيء أن يمتلك العالم ؛ فالعالم بيد الله وحده
أجاب الإنترنت : ألم تسمع أيها الكتاب البالي عن أهمية الإنترنت في هذا العالم ، وكيف غيّر مجرى الحياة الإنسانية
ابتسم الكتاب : نعم لقد غيّرت أيها الإنترنت مجرى الحياة ، ولكن لا تعتقد أن كل أفعالك إيجابية ومفيدة للبشرية
امتعض الإنترنت قائلًا في غضب : كيف هذا؟ إنني أقدم لهم كل شيء ؛ فقط مع ضغطة زرٍ واحدة قد تجد العالم أمامك دون عناء
اهتز الكتاب يمينًا ويسارًا ثم قال : حقًا.. لقد قلت أنك تقدم كل شيء ، ألم تسأل نفسك أن كل شيء يندرج تحتها كل الخطوط سواءًا السلبية أو الإيجابية
تنهد الإنترنت متسائلًا : وما شأنك أنت أيها الكتاب؟ وما هي فائدتك في الحياة؟ إن مكانك الآن بين الأتربة وليس البشر
تماسك الكتاب قائلًا : أنا الذي أقدم العلم والمعرفة ، أنا النور الذي يضيء الطرقات ، أنا الحياة الأخرى التي يعيشها البشر من خلال التاريخ والخبرات ، وإن كنت تراني ما بين الأتربة ؛ فإنني أسمو إلى المعالي بما أحتويه ، وإن كانت لديك معرفة حقًا فستعرف كيف تحولت البشرية في وجودي إلى أفضل حال
قال الإنترنت متحديًا : أعلم كل ذلك ، ولكن ما لا تعلمه أنت أن محتوياتك التي تتحدث عنها ؛ إنما هي جزء بسيط من محتوياتي ، ألم أخبرك بأن ضغطة زر واحدة تأتيك بكل شيء
ابتسم الكتاب مجددًا : عندك حق أيها الإنترنت ، أعلم جيدًا أن العديد من محتوياتي لديك ولكن ليس جميعها كما تدعي ، كما أنني لا أغفل أهميتك في الحياة الآن ، ولكن لا أعترف أيضًا بأنك الأهم ، وعليك أن تعلم أن الكتاب برائحة أوراقه هو خير جليس يستريح معه الإنسان ؛ حيث أنه راحة للروح والجسد والعين بخلاف أضوائك المرهقة ، كما أنك قد تنقطع عن العمل لأسباب فنية في أي وقت بينما يظل عملي دائم بلا انقطاع ، هلا فهمت الآن؟
أجاب الإنترنت في استسلام : حقًا أيها الكتاب أنت مهم للغاية ، وكلانا لا يمكن الإستغناء عنه في الوقت الحاضر
وفجأة انقطع التيار الكهربائي وانطفأت شاشة الحاسوب اجباريًا ، وجلس الكتاب مبتسمًا بين يدي صاحبه يشعر بالانتصار.
الهدف من حوار بين الكتاب والإنترنت
يهدف هذا الحوار الخيالي إلى عدم تغافل قيمة الكتاب وأهميته في الحياة الإنسانية ؛ حيث أن القراءة هي لغة الحياة ، والتي لا غنى عن اكتساب معارفها من الكتب بجانب عالم الإنترنت ؛ حيث أن هذا العالم الشاسع يتسع إلى العديد من الإيجابيات والسلبيات ، ولذلك يجب ألا يأخذنا هذا العالم عن انتقاء الكتب والقراءة بها لأنها هي المصدر الأول للمعرفة الإنسانية ، كما أنها تبعث الراحة النفسية بنفوس البشر.