بعد نزول سيدنا أدم والسيدة حواء إلى الأرض، كان عليهما أن يعمرا الارض، وكانت حواء ترد في كل حمل توأم ذكر وأنثى، فلا يجوز أن يتزوج الذكر والانثى في نفس البطن، ولكن يتزوج الذكر من الانثى التي في البطن الثانية وهكذا، وفي ما يلي سنتعرف على قصة زواد قابيل وهابيل في أول الخلق.
قصة زواج قابيل وهابيل في اول الخلق:
– عندما رزق الله سيدنا أدم والسيدة حواء بالأبناء، أدركا أن لا يوجد حل بدير غير أن يتزوج أبنائهم من بعض، حتى يستمر النسل، وكان الله سبحانه وتعالى لم يحرم بعد زواج المحارم إلا بعدما ازداد عدد سكان الارض، وفي أول الخلق رزقت السيدة حواء في الحمل الأول بقابيل وأخته، وبعد عامين ولد هابيل وأخته، وكبروا الابناء وكان لكل منهما صفات مختلفة عن الأخر.
– فقد كان كل من قابيل وهابيل شابان قويان، ولكن كل منهما له نوع مختلف من القوة، فكان هابيل قوي بإيمانه وتقوته وخوفه من الله، وقد عمل هابيل في رعاية الأغنام حيث أنه كان رحيم في معاملة الحيوانات، بينما كان قابيل قاسي القلب يتحمل الأعمال القوية فعمل في الزراعة.
– وعندما بلغ ابناء سيدنا أدم سن الزواج ، قرر سيدنا أدم أن يتزوج قابيل من توأم هابيل والعكس، ولكن قابيل كان يشعر بالحقد نحو اخيه لأنه كان يريد أن يتزوج من أخته التوأم، التي كان يراها اكثرا جمالا في شقيقة أخيه، وكان ذلك محرما ولا يجوز أن يتزوج أبناء البطن الواحدة ببعضهما البعض.
– لما تخاصما أمرهم والدهم أن يقدم كل منهما قربانا إلى الله سبحانه وتعالى، ومن سيتقبل الله قربانه هو من سيتزوج من الفتاه موضع النزاع، وذهب هابيل وأختار أجمل وأسمن أغنامه، بينما لم يهتم قابيل كثيرا بالقربان وقدم بعض من نباتاته الرديئة التي لديه، فنزلت نارا أخذت قربان هابيل، ولم تقبل قربات قابيل الذي غضب غضبا شديدا، حيث قال تعالى في قرآنه الكريم (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ).
– وسوس الشيطان إلى قابيل لكي يقتل أخوه كي يتزوج هو أخته التوأم، وازداد الحقد والحسد والغيرة في قلب قابيل، فحاول أن يقتله لكن على الرغم من أن هابيل كان قويا ويستطيع أن يدافع عن نفسه ويقتل أخيه، إلا أنه فضل أن يكون مظلوما على أن يكون قاتل، وقال الله تعالى (لئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ *إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ).
– اتجه قابيل نحو أخيه وامسك بيده حجر كبير وضربه على رأس أخيه، فسقط هابيل ميتا وبعدها أدرك قابيل مدى سوء فعلته ولم يعرف ما الذي يفعله في جثة اخيه، فحمله على ظهره واخذ يمشى في الأرض حائرا فقد كان أول انسان يموت على الارض، فبعث الله له غرابين قتل احدهما الاخر فقام الغراب بعمل حفرة في الارض ووضع فيها الغراب الميت، فقام قابيل بدفن جثة اخيه في التراب كما فعل الغراب، وقد قال تعالى (طَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ * فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ).
– وقد قال ابن عباس عن هذه القصة: ( نهي أن تنكح المرأة أخاها تَوْأمها ، وأمر أن ينكحها غيره من إخوتها ، وكان يولد له في كل بطن رجل وامرأة ، فبينما هم كذلك ولد له امرأة وضيئة ، وولد له أخرى قبيحة دميمة ، فقال أخو الدميمة : أنكحني أختك وأنكحك أختي . قال : لا أنا أحق بأختي ، فقربا قربانا ، فتقبل من صاحب الكبش ، ولم يتقبل من صاحب الزرع ، فقتله )، وهناك من يقول أن الزواج قد تم بالفعل عبل أن يقتل قابيل أخاه، حيث كان قابيل خائفا أن يقتل وهذا يدل أنه لم يكن وحيدا في الارض، وربما كان لهابيل أسرة كبيرة وأبناء.