منذ إصدار قرار خادم الحرمين الشريفين ” الملك سلمان بن عبد العزيز ” بالبدء بعملية عاصفة الحزم ، والجميع يترقب حالة الاقتصاد السعودي ومدى تأثره بالوضع الراهن منذ بداية الحرب على الحوثيين . وفي مقالنا سنستعرض آراء المختصين والخبراء الاقتصاديين حول هذا الشأن .
لقد صرح العديد من خبراء الاقتصاد بأن الاقتصاد السعودي لديه القدرة على مجابهة كافة الأزمات العالمية بما فيها العمليات العسكرية التي تتخذها المملكة ضد الحوثيين في اليمن ، وهذا ما طمأن الشركات العالمية والأجنبية التي في صدد تزايد الاستثمارات بالمملكة ، حيث أن هذه الشركات تصف العملية العسكرية الرادعة للأيدي العابثة في اليمن وحماية الشرعية اليمنية هي خطوة إيجابية نحو مستقبل آمن وأفضل ولهذا فقد فكرت العديد من الشركات الأجنبية في تزايد استثماراتها بالمملكة في الفترة المقبلة .
ومن المعروف أن الاقتصاد السعودي يتميز بالمتانة والقوة التي تجعله قادرا على التكيف في جميع الأزمات سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو حتى العالمي ، وخاصة أن الاقتصاد السعودي يتمتع بتنوعا اقتصاديا يسمح بتوفر الاستثمارات المحلية والأجنبية في جميع القطاعات الخاصة وتعتبر عواملا أساسيا في دعم الاقتصاد والمحافظة على قيمته الدولية مما ينعكس إيجابا على المواطن السعودي وزيادة الدخل القومي .
النفط :
لقد أكد المختصين في شئون النفط والطاقة الخليجية أن الحراك الخليجي لردع التمردات الحوثية في المنطقة اليمنية ، لن يشكل أي تأثير على إمدادات النفط من منطقة الخليج ، وبالتالي لن تتأثر أسعار النفط ، كما بين المختصين بأن عملية إنتاج النفط وتصديره من دول الخليج العربي مستمرة بإذن الله تعالى بشكل طبيعي تماما ، كما لفت المختصين بأن التهديدات التي تتلقاها منطقة باب المندب لن تستمر وسط الإجماع الدولي على أهميتها تجاريا ، لأنها بمثابة بوابة العبور للحركة التجارية العالمية ، وبالتالي لن تسمح الدول كافة لأي قوى سياسية بالعبث باقتصادها.
تاريخ الاقتصاد السعودي يبرهن مدى تفاعل أسعار النفط مع العوامل السياسية المحيطة كأحداث وقتية ليس إلا ، فمثلا في الحرب العراقية الإيرانية التي استمرت عقدا كاملا ، فقد ارتفعت أسعار النفط أكثر من 40 دولارا أمريكيا إلا أنها عادت إلى وضعها الطبيعي بشكل سريع ، وكذلك هو الحال إبان حرب الخليج عاصفة الصحراء ، حيث ارتفع النفط بشكل كبيرة أثناء الغزو العراقي للكويت إلا أنه سرعان ما انخفض سعره لأكثر من 10 دولارات للبرميل الواحد في نهاية العقد ، وعلى الرغم من وجود تلك الحروب إلا أنه لم يتم انقطاع إمدادات النفط من باب المندب ومضيق هرمز .
والجدير بالذكر أن أسعار النفط ارتفعت بشكل مؤقت بنسبة تتجاوز الـ 5% منذ إعلان الحرب على الحوثيين في عاصفة الحزم ، وعلى الرغم من المخاوف من وصول الحرب إلى المنافذ البحرية الهامة مثل باب المندب ومضيق هرمز إلا أنه بعد يومين من العمليات العسكرية لعاصفة الحزم ، عادت أسعار النفط للانخفاض بنفس النسبة ، وذلك كرد فعل لمهمة السعودية خاصة بعد حصولها على الدعم العالمي لتحركها ضد الميليشيات الحوثية التي حاولت مرارا وتكرارا تخطي حدودها واختراق الحدود السعودية .
تكلفة عاصفة الحزم :
لقد أوضح خبراء الاقتصاد بأن تكلفة العمليات العسكرية التي تقوم بها السعودية ودول التحالف العربية ، لن تؤثر على الاقتصاد ، حيث ذكرت المصادر بأن العملية لن تكون مكلفة فهي تقتصر فقط على تكلفة التشغيل والتدريب على المعدات والاليات المشاركة في العملية العسكرية ، بالإضافة إلى فرق أسعار الذخائر المستهلكة .
الأسهم المحلية :
تفاعلت سوق الأسهم المحلية بشكل إيجابي عند إقفالها في أول يوم من بدء عاصفة الحزم ، حيث تم إغلاقها بارتفاع ملحوظ وصل إلى مستوى 8903 نقطة ، وقل تمت عمليات ارتداد قوية قبل إغلاق سوق الأسهم أدى إلى التراجع في الصباح ولكنه أغلق بمكاسب تصل نسبتها إلى 0.4% عند نقطة 8903 بارتفاع قدره 35 نقطة ، وذلك وسط تداولات تمت قيمة 10 مليارات ريال سعودي .
وقد أدى هذا الارتفاع تجاوبا إيجابيا لتحرك العمليات العسكرية للملكة التي تهدف إلى أمن واستقرار اليمن والمنطقة المحيطة بها ، وتهدف إلى حماية وحفظ أمن السعودية ودول الخليج العربي ، وقد اعتبر المتداولون هذا مؤشرا للإستقرار السياسي الذي من شأنه أن يؤدي إلى نموا اقتصاديا في المملكة والعالم ككل ، كما ساعد ارتفاع سوق الأسهم المحلية الثقة التي يمنحها المتعاملين للاقتصاد السعودي ، الذي حصل على المركز الثالث ضمن اكبر اقتصاد من إجمالي الأصول الإحتياطية عالميا . والجدير بالذكر أن المملكة حصلت على المركز الثالث لأفضل أداء ضمن دول مجموعة العشرين في الفترة مابين 2008 و 2013 وهذا ما يشير إلى تعزيز مكانة الاقتصاد السعودي محليا وعالميا وقوة بنيانه واستقراره الذي يجذب الكثير من المستثمرين إليه .
النمو الاقتصادي للمملكة :
شهدت المملكة نموا اقتصاديا ملحوظا في السنوات الأخيرة من كافة الجوانب ، حيث تضاعف إجمالي الناتج المحلي منذ عام 2005 إلى عام 2014 من 1.23 تريليون ريال إلى 2.82 تريليون ، فبلغت نسبة النمو الاقتصادي ما يعادل 129.3% وهي تعتبر أعلى نسبة من بين دول مجموعة العشرين التي تشمل أقوى الاقتصادات العالمية .
وعلى المستوى الفردي فقد ارتفع متسوط الدخل الفردي للمواطن من 53 ألف ريال الى 92 ألف ريال في الفترة مابين عام 2005 إلى 2014 أي ما يعادل 73.8% .
أما فيما يتعلق بمعدل الدين العام فقد انخفضت نسبة الدين العام في المملكة إلى 1.6% في عام 2014 بعد أن كانت 37.3 في عام 2005 وبهذا تكون المملكة من أقل الدول عالميا في نسبة الدين العام .
وتشير الإحصائيات بأن فائض الحساب الجاري لميزان المدفوعات في المملكة ارتفع من 337 مليار ريال على 440 مليار ريال مابين عام 2005 و 2014 أي بنسبة 30.4% .