التعصب القبلي هو مصطلح يدل في معناه على الموالاة والانتماء بشكل تام إلى القبيلة أو العائلة ومناصرتها دائمًا سواء كانت ظالمة أو مظلومة، حيث أن العصبية القبلية هي أحد أنواع العصبيات والتي تندرج تحت السلوك الإنساني، وفي بعض الأوقات بتم إطلاق مصطلح العصبية على العصبية المذهبية أو العصبية المناطقية وأيضًا العصبية الطائفية، والتعصب القبلي له الكثير من التأثيرات السلبية على الفرد والمجتمع، ومع كثر انتشار أنواع العصبية القبلية تزداد المشكلات لزيادة التأثيرات السلبية.
عانت الجماعات البشرية عبر التاريخ من وجود عصبيات متعددة، وتعني أن الشخص يشعر بإنتماءه لشيء معين بنسبة تفوق إنتماءه لوطنه أو لجنسه البشري، أو للمصلحة العامة، وبناء على هذا الإنتماء لهذا الشيء يتصرف تبعاً لإملائات ما ينتمي إليه، فيشعر أنه منفصل عن أي شيء آخر، ومن أهم سمات التعصب القبلي أن الإنسان يرى ما حوله من زاوية واحدة فقط، وتلك الزاوية تجعله يقوم بحساباته تبعاً لمصلحة ما ينتمي إليه على حساب أي شيء آخر.
بحث عن التعصب القبلي
التعصب القبلي يجعل المتعصبين قاصرين عقلياً نظراً لعدم قياس الأمور بطريقة عقلية منطقية، حيث يتم قياسها بالتبرير لكافة القضايا والأفعال مهما كانت صحيحة أو خاطئة، فيحسمون النتائج قبل البدء في التفكير أو المناقشة، وفي الوقت نفسه لا يكتفون بالانتصار لأفكارهم الخاطئة، بل يسعون وراء التقليل من أي شيء آخر واعتباره غير موجود أو لا يستحق الوجود حتى وأن كان هذا الشيء يهمهم، ومن أسباب التعصب القبلي :
السعي وراء تحقيق الأهداف الشخصية والمصالح الدُنيوية، والبعد عن تحقيق الحق وإنهاء الباطل والنقد الذاتي وتصحيح المسارات.
القيام باتباع الأشخاص والهيئات دون الاعتراف بالحق والأدلة عليه، حيث يرى الأفراد في العصبية القبلية أن الهيئة أو الأشخاص لا يخطئون في عملهم أو في تصرفاتهم مهما كانت أخطائهم.
النسب العالي قد يكون من ضمن أسباب التعصب القبلي، على الرغم من أن النسب لابد ألا يكون مدعاة للتعصب والفخر والوقوع في الطبقية.
شعور بعض الأشخاص بأن لديهم نقص حتى وأن كان بالخطأ، والسعي وراء إكمال هذا النقص بالدعاوى العصبية والنصرة للقبلية حتى وأن كانت خاطئة أو ظالمة.
عدم قدرة الفرد على العمل بالميزان الشرعي للتفاضل وجهله به.
الآثار الناتجة عن التعصب القبلي
هناك الكثير من الآثار السيئة التي تحدث نتيجة التعصب القبلي سواء على الفرد أو على المجتمع، ولذلك نهى الرسول صلّ الله عليه وسلم عن ذلك قائلا: “إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا”، ومن تلك الآثار :
وقوع الأشخاص في الحقد والغل والكراهية والتباغض نتيجة لتلك العصبية القبلية.
إحداث التفكك والضعف في جسد الأمة الإسلامية بين أفرادها والجماعات الخاصة بها، وذلك نتيجة مخالفة النصوص الصريحة من القرآن والسنة التي تنهي عن ذلك.
الاهتمام بالعصبية القبلية والإنشغال بها يجعل أفراد المجتمع يبعدون عن القضايا الكبرى الهامة، فتصبح التجمعات جميعها مشغولة بالتعصب ومهتمة بكيفية تحقيق النصر على بعضها البعض.
إنشغال الأفراد بالتعصب القبلي يجعلهم يتناسون وينشغلون عن المخاطر الكبرى بالأمة، تلك التفاصيل التي تتطلب منهم التكاتف والاجتماع من أجل الانتصار عليها.
تؤدي العصبية القبلية إلى الطمع في الأمة الإسلامية، لأنها تصبح أمة ضعيفة الجسد، ولا تمتلك جسداً قوياً، وتفتقد الأمة الإسلامية إلى كونها كالبنيان المرصوص كما كانت في السابق.
تضعف الأمة وتهمل أسباب النصر والقوة فيخذلها الله سبحانه وتعالى، ذلك لأن الأمة القوية تأخذ بأسباب القوة والوحدة والنصر، لينصرها الله ولو كانت كافرة، بينما الأمة الضعيفة التي تهمل تلك الأسباب يخذلها الله حتى لو كانت مؤمنة.
العصبية القبلية تجعل المسلم يخسر آخرته، لأنه يكسب السيئات عند الخوض في عرض أخيه الذي ينتمي إلى جماعة غير جماعته، سواء بالهمز أو اللمز أو السخرية والاستهزاء والغيبة والنميمة.
أشكال التعصب
للتعصب أشكال كثيرة ومتنوعة إلا أنها تحمل في داخلها نفس الصفات والانتماءات، حيث عانت البشرية منذ بداية التاريخ من أشكال كثيرة من العصبية من أهمها العصبية القبلية والعصبية الدينية، والعصبية القومية، ودائمًا تؤدي العصبية إلى شيء ما في نهاية الأمر إلى مذابح كثيرة يروح ضحيتها الكثير من الأرواح والبشر الأبرياء، وأدت العصبية إلى قيام حروب طاحنة كثيرة بين البشر وبعضهم، وفي بعض الأوقات تكون العصبية متواجدة في البلاد وتتفشى وتصنع الحروب نتيجة لحروب دولية.
وفي كافة الأحوال فأن العصبية تدمير للجنس البشري لأسباب خاطئة ناتجة عن أخطاء معرفية وثقافية وتعليمية، ويعاني الوطن العربي من بعض العصبيات القبيلة التي ما زالت متواجدة إلى الآن، والتي ترجع إلى الاختلافات بين المذاهب الدينية وأتباعها، وتقوم على فكر طائفي يقول أن أي شيء مختلف عن هذا الفكر فهو خاطئ وليس صحيح، ويصل هذا الإختلاف في أغلب الأمر إلى التكفير.
وتعد العصبيات القبلية التي يعاني منها الوطن ما يظهر في الوقت الحالي في البلدان العربية ذات الطبيعة البدوية، والتي يكون المجتمع بها عبارة عن قبائل وعشائر، على الرغم من التمدن إلا أن مظاهر تلك القبائل لا تتغير، وكل قبيلة تعتبر نفسها ذات كيان مستقل عن القبيلة الآخرى، وعليها الحفاظ على هذا الكيان بأي شكل من الأشكال.