تشكل التدخلات الإيرانية في الشئون العربية خطرا كبيرا على الأمن القومي العربي ، وزعزعةً لسيادته وحقوقه ، وذلك لمحاولاتها الدائمة في إيجاد مكانة في منطقة الشرق الأوسط وفرض سيطرتها على المنطقة ومد المذهب الشيعي الذي تنتهجه من خلال بث سمومها وأفكارها واستغلال الظروف الراهنة للدول العربية ، وبات من المؤكد أن وراء كل نشاط متطرف ، نجد إيران طرفا سواء بشكل علني أم سري ، فمنذ انطلاقة ثورتها في عام 1979 ، وهي تسعى لنشر فكر الإمام الخميني في كافة الدول العربية والإسلامية ، واستطاعت أن توثق علاقاتها مع العديد من التنظيمات سواء بالدعم المادي أو المعنوي أو كلاهما ، وأكثر هذه التنظيمات إذا لم يكن كلها تتسم بالطابع المتطرف ، وهذا ساهم بشكل أو بآخر في نشر أفكارها في بعض المناطق العربية .
وفي الفترة الأخيرة شهدت تطورات تصعيدية في التدخلات الإيرانية على المستوى الإقليمي بشكل كبير ، أثر سلبا على الأمن العربي ، وخاصة بعد نجاحها في استغلال الظروف التي تشهدها المنطقة العربية من عدم استقرار ، فهي تحاول دعم العناصر الموالية للمذهب الشيعي في الدول العربية ، حتى يكون لها كيانا سياديا في المنطقة لتفرض هيمنتها على دول اشرق الأوسط .
ولا شك أن تدخلها السافر في الشئون العربية وفرض سيطرتها بمد الجماعات الشيعية في المنطقة ، يؤثر بشكل كبير على وحدة الصف العربي ، فهي تسعى دائما إلى إفشال أي تقارب لوجهات النظر مابين الدول في بعض القضايا العربية ، وخاصة فيما يتعلق بالأوضاع العراقية واللبنانية ، كما أنها تسعى لإضعاف دور الجامعة العربية .
التدخل الإيراني في منطقة الخليج العربي والعراق :
من مصلحة إيران الكبيرة زعزعة الأمن العراقي وعدم استقراره ، فقيام العراق من جديد سيهدد مكانتها وتطلعاتها في الهيمنة على المنطقة ، ولذلك بثت سمومها ومازالت تبثها عن طريق تثبيت الهيمنة الشيعية على نظام الحكم في العراق واستبعاد هويته العربية ، وخاصة بعد الانسحاب الأمريكي للعراق في عام 2011 ، كما أنها تسعى لفرض برنامجها النووي لتمتلك قوة نووية تؤهلها لقيادة المنطقة الإقليمية في الخليج العربي من جميع النواحي السياسية والاقتصادية ، وأسست العديد من المراكز للتجمعات الشيعية لإضعاف القوى العربية ، فعززت التجمعات الشيعية ودعمتها في كل من العراق ودول الخليج العربي وخاصة البحرين والسعودية والإمارات ، ولها دورا كبيرا في دعم الميليشيات الحوثية في اليمن محاولة منها الضغط على السعودية عبر الامتدادات الشيعية في المنطقة كلها .
وتحاول إيران تضييق الخناق حتى تفرض سيطرتها وذلك من تحكمها في مضيق هرمز وتهديدها الدائم بإغلاقه في حال وجه لها ضربة عسكرية من قبل أمريكا ، وذلك لأهمية المضيق في نقل حاملات النفط إلى دول أوروبا وأمريكا حيث يمر عبره أكثر من 25% من الإنتاج العالمي للنفط ، مما يؤثر على الاقتصاد العالمي ، كما أنها تطمح لإقامة دولة شيعية كبرى من خلال سيطرة الشيعة على أجزاء من العراق ولبنان وسعيها في فرضها بالسعودية لما تتمتع به من موقعا جغرافيا غنيا بالنفط ، ناهيك عن احتلالها للجزر الإماراتية ورفضها التام لأي وساطة لتسوية الخلافات بينها وبين الامارات بشأن الجزر لما تتمتع به من موقعا مهما يساهم في بسط نفوذها على منطقة الخليج العربي .
علاقتها بسوريا وحزب الله :
أدى التحالف مابين إيران وسوريا إلى تأثيرها بشكل بكير في القرارات السورية بالمنطقة ، فسوريا دائما ما تكون في صف إيران وتؤيد سياستها في المنطقة ، فمثلا قامت بالتصويت بعدم إحالة الملف النووي الإيراني لمجلس الأمن في الوكالة الدولية للطاقة الذرية إرضاءا لإيران ، كما تقوم بمهاجمة بعض الأنظمة العربية التي ليست على وفاق مع إيراين ، وقد شهدت الفترة الأخيرة تطورات كبيرة في العلاقات الإيرانية السورية خاصة أن إيران تعتبر من أكثر الدول الداعمة للنظام السوري ضد الثورة الشعبية التي أقيمت في سوريا منذ سنوات ومازالت مستمرة ويعاني منها الشعب السوري أمر المعاناة .
جميعنا يعرف تأثير إيران ودعمها الكامل لتنظيم حزب الله اللبناني ، سواء ماديا أو معنويا مما أعطى لحزب الله قوة تجعلها تقف في مواجهة الحكومة اللبنانية ، مما أثار زعزعة الأمن اللبناني واستقراره ، وبالفعل استطاعت حزب الله أن تثير الأزمات والخلافات مابين الجماعات الإسلامية في المنطقة .
دعمها للإرهاب :
يشكل التدخل الإيراني في المنطقة العربية بدعمها المادي والمعنوي للتنظيمات الإرهابية والمتطرفة تهديدا كبيرا على الأمن القومي العربي ، فهي تسعى جاهدة لتأييد الجماعات المتطرفة بشكل غير مباشر في منطقة الخليج العربي مثل دعمها للجماعات الحوثية وأنصارها بهدف زعزعة استقرار الأوضاع اليمنية وبالتالي تأثيرها على الأمن العربي ، كما أنها مازالت محتفظة بقيادات من عناصر تنظيم القاعدة الذين هربوا من أفغانستان إلى أراضيها مما لا يستبعد توظيفهم للقيام بعمليات إرهابية في المنطقة العربية .