يمكن تعريف الانكماش الاقتصادي من خلال نتائجه وآثاره المترتبة على خمول وتباطؤ الحركة الاقتصادية ، حيث يهبط مستوى الأسعار وتتراجع معدلات النمو ، فهو حالة تؤثر على الحياة الاقتصادية الناتجة عن سياسة متعمدة في أغلب الأحيان حيث يميل معها مستوى الطلب أقل بكثير من المعروض ، وتعتبر هذه الحالة إحدى مراحل الدورة الاقتصادية المتعاقبة مع مرحلة النمو ، على الرغم من ذلك أصبح طول مدتها مقلقا لصناع القرارات في الاقتصادات الرأسمالية .
التطور التاريخي لمفهوم الانكماش الاقتصادي
لم يعرف علماء الاقتصاد قديما كلمة “انكماش” بالمعنى الحرفي لها ، وإن كانت تعبر عن فترات الكساد التي يعود بعدها الاقتصاد لوضعه الطبيعي من حيث التوازن بين المعروض والمطلوب في الأسواق ، ومع بداية القرن ال19 ، بدأ مصطلح “انكماش” يدخل فعليا ضمن المصطلحات المستخدمة من قبل علماء الاقتصاد ، وهي الفترة التي تسبق الركود الاقتصادي ، وعندما دخل “التضخم” في الأدبيات الاقتصادية أصبحت كلمة “انكماش” تعني زوال التضخم ، وارتبط مفهوم الانكماش بمفهوم التضخم بصورة وثيقة .
مؤشرات الاستدلال على الانكماش الاقتصادي
– الأسعار
– العمالة
– ميزان المدفوعات
اذا انعكس الوضع الاقتصادي للتضخم (بطريقة سلبية) يصبح الاقتصاد في حالة انكماش حيث ترتفع اعداد العاطلين عن العمل ، الأمر الذى يترتب عليه تراجع حركة التجارة والبيع والشراء وبالتالي ينخفض مستوى الأسعار وأخيرا يرتفع فائض الميزان المدفوعات… وبشكل عام الانكماش مثل التضخم يمثل حالة غير متوازنة للاقتصاد .
أسباب الانكماش الاقتصادي
1- الصدمات الخارجية التي تحدث للاقتصاد نتيجة تراجع الطلب الخارجي على المنتجات المحلية (تراجع التصدير) ، أو تقلص عدد السائحين ، انخفاض تحويلات العمال المقيمين في الخارج ، أو ارتفاع سعر السلع الأولية والطاقة المستوردة مثل النفط ، مما يؤدي إلى تراجع الطلب الإجمالي وانخفاض مستويات الإنتاج .
2- حدوث أزمات نتيجة انفجار الفقاعات المالية التي تنشا عن المضاربة ، وتعد أزمة الرهن العقاري التي اندلعت في الولايات المتحدة عام 2007 نموذجا يستشهد به.
3- التقشف الحكومي في الإنفاق من أجل خفض عجز الميزانية ، فينتج عن ذلك تراجع في الاستهلاك والاستثمار ، مما يؤدي إلى انخفاض الطلب الذي يليه انخفاض في الإنتاج .
4 – اعتماد البنك المركزي لسياسة نقدية انكماشية رغبة في التحكم في الأسعار ومواجهة التضخم مما ينعكس سلبا على الائتمان بسبب ارتفاع سعر الفائدة وتناقص السيولة
نتائج وآثار الانكماش على الاقتصاد
يؤدي الانكماش الاقتصادي إلى تعطيل دور النقود في النشاط الاقتصادي وامتصاص الزيادة في الرصيد النقدي، وحصر النشاط الحكومي ونشاط المشاريع التجارية وحجم الائتمان ، وانعدام الانفاق سواء حكومي أو استثماري أو خاص، وبالتالي يقل النشاط الإنتاجي وتتجمد معدلات النمو وتعود الأسعار إلى الهبوط .
فحيث أن الانكماش يعنى توافر حجم ضئيل من السيولة لا يتناسب مع الاحتياجات وبالتالي يؤدي ذلك إلى تفضيل النقود كمخزن للقيمة ( الادخار ) عن وظيفتها كوسيط للمبادلة ، وبذلك يتعطل استخدام النقود ،حيث ينخفض الاستهلاك الفردي وتقلل الأسر من مصاريفها وتقل حركة المدفوعات وتبطئ دورة التداول : ( سلع – نقود ) ،وينكمش الجهاز المصرفي ويتناقص حجم الائتمان ، وتنعدم حركة التمويل وتحتفظ المشاريع التجارية أيضاً بكثير من أصولها في شكل نقدي أو مالي ، بدلاً من أن تحولها إلى استثمارات حقيقية جديدة أو تستخدمها في استبدال الطاقة الإنتاجية المستهلكة وبالتالي تتوقف عن زيادة الإنفاق والتوسع
أثر الانكماش على الأسعار
ينعكس الاختلال الناتج عن الانكماش على نظام الأسعار بطريقة معاكسة للتضخم ، فيحدث انخفاض في الأسعار لكنه يتم بطريقة عشوائية غير متوازنة ومتفاوتة حسب الأهمية بالنسبة للسلع والخدمات، فهناك بعض السلع تحقق معدلات انخفاض كبيرة ، يقابلها سلع أخرى تنخفض أسعارها بدرجة أقل ، وبذلك تختل معدلات المبادلة بين هذه السلع وتتغير كذلك تكاليف عناصر الإنتاج ، وتنخفض أجور العمال والموظفين لكنها تكون بنسبة أكبر من انخفاض أسعار السلع الاستهلاكية، وتتفاقم البطالة ، ويقل الطلب على السلع ، فينخفض الإنتاج ويقل أو ينعدم النمو .