يمكن أن تقع الدوخة في عدد من الفئات العريضة، بما في ذلك الدوار ( الإحساس بالدوران )، شبه الإغماء ( الوهن )، وعدم التوازن ( اختلال التوازن )، وعندما يظهر وصف المريض للأعراض متسقة مع واحدة من هذه الفئات، يكون الأطباء مجهزين بشكل أفضل لإجراء تشخيص دقيق، أما المرضى الذين يعانون من صعوبة في وصف أعراضهم، أو يبدو أنهم يعانون من أعراض مختلفة، فمن المحتمل أن يصابوا بدوار غير محدد – وهو ما يجب أن يكون إشارة للأطباء الذين يسألوا عن الصحة العقلية للمريض .
الدوخة المزمنة سبب في ظهور الاضطرابات النفسية
في حين أن معظم حالات الدوخة المزمنة ناتجة عن اضطراب جسدي، يمكن أن تكون المشكلات النفسية سببا – أو نتيجة – للدوخة المزمنة، وفقا لبحث نشرته مجلة ” the American Osteopathic Association “، ويمكن أن تنتج الدوخة المزمنة من عدد من المشاكل الصحية الأساسية، والأكثر شيوعا تشمل الأمراض العصبية، الدهليزية والقلبية، ولاحظ الباحثون أنه بالنسبة للمرضى الذين شاهدوا مجموعة متنوعة من الأطباء المتخصصين دون التوصل إلى تشخيص، فإن الإحالة النفسية قد تساعدهم في العثور على الراحة .
العلاقة بين الاضطرابات النفسية والدوخة
استعرض الباحثون دراسات منشورة عن العلاقة بين الاضطرابات النفسية والدوخة، وإيجاد اضطرابات نفسية – غالبا ما تكون مرتبطة بالقلق – قد تكون موجودة في ما يصل إلى 15 بالمائة من المرضى الذين يعانون من الدوار، وبعد الأمراض الدهليزية، التي تصيب أجزاء من الأذن الداخلية والدماغ المسئول عن التحكم في التوازن، يبدو أن الاضطرابات النفسية هي السبب الثاني الأكثر شيوعا للدوخة المزمنة .
يقول زاك كليم دو وهو طبيب نفسي مقيم في جامعة ولاية أوهايو ومؤلف رئيسي لهذه الدراسة : ” إن أحد الأسباب التي تجعل السبب الكامن في تشخيص المرض صعبا للغاية، هو أن طريقة الدوخة قد تختلف اختلافا كبيرا “، ويتابع : ” المرضى الذين يواجهون صعوبة في وصف أعراضهم، أو يبدو أنهم يعانون من أعراض مختلفة، من المرجح أنهم يعانون من دوار غير محدد، وعندما يرى الأطباء المرضى الذين يبلغون عن الدوخة العامة أو الغامضة، يجب أن يكون ذلك بمثابة إشارة للسؤال عن صحة المريض العقلية “، فالعلاقة بين الدوخة والاضطرابات النفسية معقدة وديناميكية، وفي بعض الأحيان يكون من الصعب التمييز بين أي منهما يسبب الآخر أو ما إذا كان التفاعل متبادلا .
ما لاحظه مؤلفي الدراسة
لاحظ المؤلفون أن الباحثين حاولوا فهم هذه العلاقة بشكل أفضل عن طريق إدخال مصطلح الدوخة الذاتية المزمنة ( CSD )، حيث يعاني المرضى المصابون بداء التنفس الصناعي بالدوخة في معظم الأيام لأكثر من ثلاثة أشهر، وغالبا ما يصفون شعورهم برأس ثقيل، أو الإحساس بعدم التوازن، ويشعر البعض كما لو أن الأرضية تتحرك، في حين يشعر الآخرون بأنهم غير متصلين أو بعيدون عن بيئتهم، وكثير من المرضى يفيدون بأن أعراضهم تتفاقم مع المحفزات المعقدة، مثل وجودهم في أماكن مزدحمة .
ووفقا لدراسة واحدة، كان لدى ثلث مرضى CSD اضطراب قلق أولي ولا يوجد تاريخ للاضطراب الدهليزي أو أي مرض آخر يمكن أن يسبب الدوخة، آخر ثلث ليس لديه تاريخ من اضطراب نفسي ولكن كان المرض الدهليزي الذي أثار بداية من القلق، وكان الثلث الأخير لديه تاريخ من القلق أو اضطراب نفسي آخر، ثم تطورت حالة طبية تسببت في الدوار، وفي هذه الحالات تفاقم الاضطراب النفسي الموجود سابقا وأدى إلى الدوار المزمن .
تصريحات الدكتور كيلم
في أي من هذه الحالات يجب معالجة الاضطرابات النفسية الكامنة أو الناتجة عن ذلك، يقول الدكتور كيلم : ” أحد أسباب الاضطرابات النفسية هو أن العديد من الأطباء يكونوا غير مرتاحين، مما يوحي للمرضى بأنهم قد يعانون من مرض عقلي، وأعتقد أن سؤال المريض عن مستويات التوتر لديه، وما إذا كان قد عانى من القلق يمكن أن يجعل المحادثة أكثر سهولة بالنسبة لكلا الطرفين ” .
وما أن يحال إلى طبيب نفسي، فإن بعض المرضى لديهم نجاح مع العلاج السلوكي المعرفي، ومع ذلك يبدو أن العلاج الدوائي أكثر فائدة، وقد أثبتت مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين الانتقائية ( SSRIs ) فعاليتها، مع ما يقرب من 50 % من المرضى، وأفاد 70 % منهم بحدوث انخفاض كبير في الأعراض بعد تناولها، ويشير مؤلفو الدراسة إلى أن مقاربة الشخص بالكامل، مع مراعاة الصحة العقلية والعاطفية للمريض، وكذلك صحته البدنية، يمكن أن تساعد الأطباء في الوصول إلى السبب الجذري بشكل أسرع .