عادة ما يتخذ البعض من الكذب طوق ينجو به من أفعاله أو جسر لتحقيق أهدافه ، و قد يتحول الكذب عند بعض الأشخاص إلى حالة مرضية تُعرف باسم “الميثومانيا” أو “الكذب القهري” ، و المصاب بالكذب القهري يعتبر شخصا ذكياً بل واجتماعياً في أغلب الحالات، فهو يعرف كيف يجذب من حوله و يلفت انتباههم بل و يجعلهم يصدقون ما يقوله و يقوم بمتابعة ردات فعلهم وتعابير وجووههم ، و قد ظهرت أول حالة مرضية عام 1891م في ألمانيا .

تعريف الميثومانيا :
يمكن تعريف الميثومانيا بأنها داء نفسي مزمن تدفع صاحبها إلى اختلاق بعض القصص و يبالغ بشدة في وصف الأحداث التي تدور حوله ، و يكون الهدف الأول من هذا الكذب هو إشباع رغباته النفسية ، و عادة ما تكون القصص التي يختلاقها مبنية على وقائع حقيقية ، و قد يكون المريض على علم بأنه يكذب ، أو يعتقد أنه يقول الحقيقة ، و في بعض الحالات المرضية تكون تلك الحقيقة مجرد كذبة و لكن مع التكرار أصبحت حقيقة في نظر صاحبها ، و في هذه الحالة يكون المريض واقعًا تحت تأثير الذاكرة الكاذبة .

علامات تظهر على مرضى الميثومانيا :
تظهر على مرضى الميثومانيا بعض العلامات مثل أن حديثه عادةً يتمحور حول ذاته ، حيث نلاحظ تحدثه عن بطولاته و شجاعته و علاقاته بأصحاب الشأن و الشهرة ، و التي لم تحدث غالبًا إلا في مخيلته ، كما نرى أن مريض الميثومانيا يقوم بتصوير نفسه على أنه ضحية ظلم الآخرين له ، و أن معاناته لم يمر بها أحدًا قبله و لا يستطيع أحد حل تلك المعاناة ، كما أنه يبالغ في العديد من الأمور بشدة ، و لا يقبل نصائح أحد والسبب في ذلك أنه لا يريد أن يخرج من قوقعة الوهم التي حبس نفسه فيها .

هناك بعض العلامات التي تظهر على الكذابين بوجه عام و على مرضى الميثومانيا بوجه خاص ، فعندما يكذب الإنسان يفرز الجسم مادة الأدرينالين التي تتدفق إلى الشعيرات الدموية للأنف ، مما يدفع الشخص للمس أنفه ، كما تُسبب مادة الأدرينالين تهييج الغدد اللعابية ثم تجفيفها بصورة متواترة ، مما يؤدي إلى ابتلاع الريق من حين لآخر ، و أيضًا وضع الشخص يده على فمه أو ذقنه أثناء الحديث ، كما نجد أن المريض يتهرب من التواصل البصري مع المستمع ، و يتنفس بصورة أسرع من المعتاد ، و يتعرق و يكثر في الإرماش .

معلومات عن مرضى الميثومانيا :
أشار بعض المتخصصيين النفسيين إلى أن مرضى الميثومانيا لا يستطيعون السيطرة على ولعهم بالكذب ، و يشعرون بالراحة عندما يؤثرون الكذب على الحقيقة ، كما أنهم يكذبون في الأمور المهمة و الأمور الغير مهمة على حدٍ سواء ، كما أنهم لا يملكون دوافع خفية خلف كذبهم ، كما أن المصابين بالكذب القهري يواجهون صعوبة بالغة في قول الحقيقة ، حتى بعد أن ينكشف أمرهم ، فبعضهم يبرر كذبته بأنه لم يكن يعرف ، و البعض الآخر يواجه كذبته بالجدال.

عادة ما يكون مرضى الميثومانيا ضحايا لأسرة تستمر في الكذب و بالتالي فإن الطفل بتأثر بأسرته و يظن أن الكذب سلوكًا صحيحًا ، و من جانب آخر فقد يواجه المتخصصون صعوبة في تشخيص الميثومانيا ، نظرًا للتشابه بينها و بين العديد من الاضطرابات النفسية الأخرى ، و لذلك يتم إخضاع المرضى للعديد من الجلسات النفسية و الدورات التدريبية للكشف عن المرض و محاولة علاجه من خلال تعليم المريض قول الحقيقة بالتدريج .