مريم بنت عمران هي السيدة الوحيدة على وجه الأرض ، التي حملت دون أن تتزوج ، و هي أم سيدنا المسيح عيسى عليه السلام ، الذي حمل للعالم الديانة المسيحية السمحة ، و الكتاب المقدس .
ولادة السيدة مريم و نشأتها الأولى
– السيدة مريم هي ابنة السيدة حنة بنت فاقوذا زوجة عمران ، و قد كانت هذه السيدة عاقرا لا تنجب ، و قد رضيت بقضاء الله و أنها لن تنجب حتى أنها رأت يوما ما طائر يطعم ولده فتمنت لو أنها تنجب طفلا ، و قد دعت الله أن يهب لها طفلا و أنها سوف تهبه للعبادة و لخدمة بيوت الله ، و قد ذكر ذلك في كتاب الله في سورة أل عمران ، إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ .
– و قد استجاب الله لدعائها و لكنه رزقها أنثى ، رزقها أعف و أجمل نساء البشر ، و هنا ذكر في القرآن حديثها إلى الله بعد أن علمت بما في بطنها فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ .
– و قد قبل الله نذرها هذا و أنشأها نشأة حسنة و كانت مريم مباركة ، حيث تحدثت الأيات عن أن الله كان يرزقها بغير حساب ، و كانت هي تهب حياتها ليلا نهارا للعبادة .
نشأة مريم
– قبل أن تأتي مريم للحياة الدنيا توفي والدها عمران ، و ولدت بلا أب و قد كانت أمها كبيرة في السن لا تقدر على خدمتها ، فتناقش الكثيرين حول من الذي سيتكفل برعايتها ، و قد كانت رعايتها من نصيب سيدنا زكريا ، بعد أن كانوا يلقوا أقلامهم في النهر ليعرفوا من ستكون كفالة مريم من نصيبه ، و قد كانت من نصيب زكريا .
– كان زكريا هو زوج خالتها و قد كفلها ، و أحسن تربيتها حيث نشأت في البيت المقدس .
نزول الملائكة على مريم
قام رب العالمين سبحانه و تعالى بتصوير سيدنا أدم ، على هيئة بشر و أرسله لها ، فلما دخل عليها المحراب استعاذت بالله منه ، و قد كان مجيئة ليبشرها بحملها في سيدنا عيسى المسيح ، فخافت و استنجدت بالله و قالت له كيف تحمل ، و هي لم تتزوج لم يمسسها بشر فقال لها إنها إرادة الله ، و أن الأمر منقضي بالفعل قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا ، قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا ، قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا ، قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آَيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا .
حمل المسيح و وضعه
– بدأ الحمل في الظهور على السيدة العذراء فحاولت التخفي عن أعين الناس ، و انتبذت مكانا بعيدا عنهم و كان الله يرسله لها رزقها ، حتى جائها المخاض و وضعت سيدنا المسيح .
– وضعت السيدة مريم سيدنا المسيح في بيت لحم ، ثم أخذت رضيعها و ذهبت إلى قومها و هي تحمله ، و هنا ظلوا يلقوا عليها الاتهامات و ظلوا يتسائلون عن والد الطفل ، و لم فعلت هذا و لم تكن أمها سيئة .
– ظلت تنظر لهم و للطفل و هم يستنكرون ذلك ، و يقولون لها كيف نكلمه و لا زال في المهد ، حتى أنطقه الله ليدافع عن أمه و يقول أنه عبد الله و رسوله ، و قد ذكر هذا في كتاب الله الكريم في الأيات قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ، وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ، وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ، وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا .