وصف الشعر العربي كل تجليات العيون و قرأ كل تفاصيلها، و ليس بلغة العلم لكنها بلغة الوصف و الرموز، فمنذ القديم و العيون تشكل للشاعر وحي يلهمه عذب الصور، و يشاركه دائرة السحر و المشاعر حتى بعد التطور و في العصر الحديث، لم يتخلى الشعراء عن وصف العيون و الحديث عن جمالها، لكنها لم تظل من وصف الظاهر فقط بمعنى أنها لم تعد تصف لون أو رمش أو غير ذلك، لكنه أصبح عالم آخر يصف الشاعر فيه ذاته و وجوده و صور الأشياء العميقة التي لا يراها الناس.

شعر يصف العيون الكحلاء و الساحرة
الشاعر محمد بن سعيد البوصيري من رأيه أن العيون الجميلة هي ما تأتي على طبيعتها، من غير أن يدخل بها الكحل مثل عيون الغزلان فيقول:
لا تحسبوا كحل الجفون بزينةٍ … إن المها لم تكتحل بالإثمد، و الاثمد المقصود بها المكحل الذي يكحل العين.

الشاعر محمد بن أبي العباس الأبيوردي
و هو شاعر من شعراء العصر العباسي، وصف العيون الكحيلة بأنها أكثر عيون تقدر على فتنته و سحر من ينظر إليها فقال:
رمتني بسهمٍ ريشه الكحل بالردى … وأقتل ألحاظ الملاح كحيله.
وأكد الشاعر ابن هانئ الأندلسي و هو يصف جمال عيون محبوبته بان كل ما فيها من جمال و سحر هو من خلق الله و ليس بسبب التكحل فيقول:
حسبوا التّكحل في جفونك حليةً … تالله ما بأكفهم كحلوك.

العيون السوداء
كانت من أكثر ما غني به الشعراء من سحر العيون هي العيون السوداء، فهي كانت علامة على شدة الجمال و إيقاع الناظر إليها في الهيام، حتى الآن لم يتغير و صف و تغني الشعراء بالعيون السوداء، فهي أخذت مكانتها في القصائد منذ العصر الجاهلي و حتى الآن، ومن أجمل القصائد التي قيلت في العيون السوداء( العيون السوداء تفدي بالسيوف)

الشاعر خليل اليازجي و العيون السوداء
وصفها بأنها تمتلك ما هو أقوى من السيوف فسحرها يقطع دون أن يخرج منه شيء، فقال فيها:
بيض الصوارم تفدي الأعين السوداء … فتلك لا تبتغي للضرب تجريدا
نهوى العيون كما نهوى المنون على … جهل ونحسب أنا نعشق الغيدا
قتالة العيون النجل محيية … بالوصل لو أن من أخلاقها الجودا
و الشاعر إيليا أبو ماضي وصف جمال العيون السوداء بأنه لا يقاومه أي قلب و من يراها يقع في شباك هيامها فقال في وصفها:
ليت الذي خلق العــــيون السوداء … خــلق القلـــوب الخافقات حديدا
لولا نواعسها ولولا سـحـرهـا … ما ودّ مالك قلبه لو صيدا
عَـوذْ فؤادك من نبال لحاظها … أو مـتْ كما شاء الغرام شهيدا
إن أنت أبصرت الجمال ولم تهم … كنت امرءاً خشن الطباع بليدا

العيون الفاترة
العين الفاترة هي العين المنكسرة أو الذابلة و هي في الغالب أصل الشكل، فقد وصف كثير من الشعراء العين الفاترة بالمرض و القصد ليس أنها عين سقيم، إنما المرض المقصود به هنا عنج النظر التي تظهره العين، فيزيد بن معاوية كان لديه جارية تمتلك عينين فترتين سحرته فقال فيهم:
على أني أجيب إذا دعتني … ذوات الدلِّ والحدق المراض.

ابن الرومي في وصف العيون الفاترة
وصفها بأنها ضرب في الدلال فقال فيهم:
يسبي العقول بمقلةٍ مكحولةٍ … بفتور غنجٍ لا فتور نعاس.
حتى الشاعر المصري احمد شوقي لم يشتكي من التعب و الحب، لكن أكثر ما اشتكى منه عيون محبوبته الفاترة فجعلها قصيدته فقال في وصفها:
أداري العيون الفواتر ساجيا … وأشكو لها كيد إنسانها ليا، وساجيا بمعني سكنا.

العيون الزرقاء
اشتهرت في الماضي العيون الزرقاء لكنها اشتهرت لدى الشعراء بالكذب و الخداع، بالجواري اللاتي كانوا يأتين من بلاد الفرس و الروم مع القوافل، كانت النظرة إلى عيونهم الزرقاء لا تنم إلى الارتياح، فكانوا يربطون هذا بالعجم الذين كانو  أعداء، و ربط الشاعر بشار بن برد العين الزرقاء بالحسد فقال فيها:
تراخت في النعيم فلم ينلها … حواسد أعين الزرق القباح

وصف الشاعر ذو الرمة
و هو من شعراء العصر الأموي، وصف أصحاب العيون الزرقاء بالاختلاس و الكذب فقال فيهم:
وزرق العيون إن جاورتهم سرقوا … ما يسرق العبد وإن نابأتهم كذبوا

 نزار قباني في وصف العيون الزرقاء
وصفها نزار قباني بأنها ملجأ من شعر بالخوف والضياع فقال في وصفها:
في مرفأ عينيك الأزرق … أركض كالطفل على الصخر
أستنشق رائحة البحر … وأعود كعصفورٍ مرهق
في مرفأ عينيك الأزرق … تتكلم في الليل الأحجار
في دفتر عينيك المغلق … من خبأ آلاف الأشعار
لو أحدٌ يمنحني زورق … أرسيت قلوعي كل مساء.