القشة التي قصمت ظهر البعير هو أحد الأمثال الشعبية التي تداولها العرب قديمًا، حيث كان الناس في العصر القديم يعتمدون في تجارتهم ونقل بضائعهم على البعير من النوق والجمال والحمير فكانت هي وسيلة النقل الوحيدة الموجودة في ذلك الوقت، والمثل يدور حول أحد التجار الذي زاد في حمولته على البعير حتى سقطت في الأرض وقصمت ظهرها.
القشة التي قصمت ظهر البعير:
يحكى أن أحد التجار كانت له تجارة كبيرة وواسعة وفي أحد المرات وأثناء سفره في إحدى رحلاته التجارية، قام بشراء العديد والعديد من التجارة فقد كانت أكبر صفقة تجارية له على مر حياته ولكنه لم يكن معه من العير ما يتحمل هذه الكمية من المشتروات فأشار عليه التجار رفقاءه في الرحلة التجارية بأن يشتري بعير حتى يستطيع تحميل عليه هذه الزيادات أو يخفض من الحمولة لكنه كان قد نفد ماله، فتكبر أن يخبرهم بذلك فقال لهم أنه يعلم جيدًا كيف يقوم بتحميل هذه الحمولة الزائدة على البعير التي معه من النوق والجمال.
وبالفعل في صباح اليوم التالي جعل يرفع حمولته على البعير ويزيد فيها والناس من حوله ينظرون ويتعجبون لفعله وصنيعه وجعل يزيد فيها والبعير متماسك ومتزن حتى جاء بربطة صغيرة من القش ووضعها فوق حمولته من البضائع، فما كان من النوق إلا أن وقعت على الأرض ووقعت جميع حمولتها وذلك لعدم تحملها فوق طاقتها، فصار الناس يتندرون أن ربطة القش الضعيفة كانت هي السبب في وقوع البعير على الأرض وصاروا يرددون “القشة التي قصمت ظهر البعير” ولكنهم كانوا يعلمون جيدًا أن الذي قصم ظهر البعير هو عناد ذلك التاجر وتكبره عن السماع لنصيحة أصدقاؤه من التجار.
الحكمة من وراء المثل:
اعتاد الأجداد على إطلاق مثل تلك الأمثال لحكمة ورائها حتى يتذكر هذه الحكمة كل من يردد ذلك المثل، والحكمة التي يدور حولها ذلك المثل هو النصيحة ومدى تقبل الآخر لها يقول د. بدر عبدالحميد هميسة عن معنى كلمة الدين نصيحة: اهتم الإسلام اهتماما كبيرا بالنصيحة ووضع لها آداباً وأخلاقاً حتى تؤتي ثمارها و تبلغ مراميها و تحقق أهدافها فالنصيحة لها هدفها و دورها في حماية المجتمع المسلم قال تعالى في محكم كتابه الكريم: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون} [آل عمران:104].
وعلى المنصوح أن يتقبل النصيحة بأي وجه، ويؤديها على أحسن وجه. قال له رجل مرة: اتق الله يا ابن الخطاب. فضاق بعض الحاضرين بهذا، فقال عمر: دعوه، والله لا خير فيكم إذا لم تقولوها، ولا خير فينا إذا لم نسمعها فعلى المنصوح أن يتقبل النصح بنفس راضية، وقد صدق القائل «من اصفر وجهه عند النصيحة اسود لونه من الفضيحة فالرجوع إلى الحق فضيلة والتمسك بالباطل رذيلة، فلو كان هذا الرجل تقبل نصيحة من حوله من التجار لما هلكت بعيره وخسر بضاعته.