في نهاية عام ١٩٦٣ بدأ يتضح للعالم التدخل الأمريكي في حرب فيتنام، وكانت الإذاعة الخاصة بالولايات المتحدة تبث الأغاني الخاصة بفريق يسمى ذا بيتش بويز، وفي تلك الفترة بدأ ولدين مراهقين في التخطيط لتجربة غريبة وفريدة من نوعها لفتت أنظار المجتمع الأمريكي بعدها .
كانت التجربة تتضمن أن يقوم كلا من راندي غاردنير الذي يبلغ عمره سبعة عشر عام وبروس ماكاليستر زميل راندي بعمل مشروع علمي يقدمانه لمعرض العلوم الخاص بالمدرسة، وكانت التجربة أن يحطم الصديقان الرقم القياسي في البقاء دون نوم لأطول فترة ممكنة لهم، وكان أحد الفنانين الموسيقيين ويعيش في هونولولو في هاواي، قد سجل وقتها أعلى رقم في البقاء بدون نوم وكانت ٢٦٠ ساعة فقط، ولكن تجربة الصديقان المراهقان انتهت في الثامن من يناير عام ١٩٦٤ وقد استطاع راندي غاردينر أن يظل مستيقظا لمدة ١١يوم و٢٥ دقيقة،
تفاصيل التجربة :
قام براندي وصديقه وبروس بعمل قرعة حتى يقرروا من سيقوم بالاستيقاظ ومن سيلاحظ التجربة، وكانت القرعة من نصيب براندي وقد لاحظ الصديقان بعض الأمور عند البدء في التجربة .
يقول بروس ماكاليستر أنهم وقتها كانو صغار وحمقى لأنه بقي مستيقظا إلى جانب صديقة براندي يراقبه ولكنه نام بعد ثلاث ليال ولم يتحمل الاستمرار في الاستيقاظ وعندما استيقظ وجد نفسه متكئا على الحائط الذي كان يدون عليه الملاحظات.
وبعدها أدرك الصديقان انهم بحاجة إلى شخص آخر حتى يساعدهم، فاستعانوا بصديقهم جو ماركيانو، وبعدها حضر إليهم ويليام ديمنت ليقدم المساعدة لهم وهو باحث في النوم في جامعة ستانفورد، وكان ويليام قد قرأ عن هذه التجربة في صحيفة سان دييغو وكان وقتها يقوم بعمل أبحاث في علوم النوم فأراد أن يشارك مباشرة في التجربة وكانت مشاركة ويليام أمرا مطمئنا جدا لعائلة راندي.
ويقول ويليام ديمينت عن هذه التجربة : (ربما كنت وقتها الشخص الوحيد على الكوكب الذي يجري أبحاثا عن النوم، وكان أهل راندي قلقين للغاية خشية أن يؤذي نفسه، لأن الحديث حول احتمالية أن يؤدي عدم النوم إلى الوفاة كان لايزال قائما).
وقد أقيمت مثل هذه التجربة سابقا على بعض الحيوانات، فقد أجريت تجربة على قطط بقيت مستيقظة لمدة تصل إلى خمسة عشر يوما ولكنها ماتت في النهاية وكانت تهدف هذه التجارب إلى معرفة إذا كان يوجد عوامل اؤدي إلى الموت بسبب قلة النوم مثل التوتر أو أي عناصر كيميائية.
وقد قال بروس ماكاليستر أن راندي قد تناول الكولا في بعض الأحيان ولكنه لم يتعاطى أي منشطات مثل ديكسيدرين، أو بينزيدري وقد كانت هذه المنشطات شائعة هذه الأيام .
نتائج تجربة عدم النوم بعد أيام قليلة :
وكان راندي بعد وصول الباحث ويليام بعد أيام قليلة من بدء التجربة يبدو نشيطا وغير متأثرا بعدم النوم ولكنهم بعد مرور بعض الأيام أخذوه لبعض الاختبارات التي أظهرت نتائج غير متوقعة، فقد أجريت التجارب على حواس السمع والشم والتذوق لدى راندي حيث تغيرت جميع قدراته الحسية والحركية، يقول ماكاليستر أن راندي كان لا يستطيع تحمل بعض الروائح ويطلب منهم أن لا يجعلوه يشمها، بالإضافة إلى أنهم تفاجئوا بقدرته على لعب السلة بشكل أفضل.
وبرر هذا الباحث ويليام ديمنت وقال أن راندي كان مؤهلا جسديا لذلك ولهذا فانه من السهل أن يجعلوه يلعب السلة او حنى البولينج حتى يبقى نشيطا لانه لو أغلق عينيه فسوف ينام ولهذا كان إبقائه مستيقظا في الليل أمرا صعب لأنه لا يوجد أشياء كثيرة يمكنه القيام بها .
نتائج التجربة على الصحافة والناس :
وكانت هذه التجربة ثالث أكثر القضايا الشائعة إعلاميا في تلك الفترة، ولكن البعض كان يتصور التجربة على أنها خدعة شبابية لجذب الانتباه هي ذلك الوقت، ولكنهم كانوا بالفعل جادين في تجربتهم وقد حطمت الرقم القياسي في البقاء بدن نوم وهو ٢٦٤ ساعة وبعدها أخذ راندي إلى أحد المستشفيات التابعة للقوات البحرية لمراقبة موجات دماغه .
النتائج التي تم ملاحظتها على راندي :
يقول صديقه بروس ماكاليستر “نام راندي لمدة 14 ساعة متواصلة، واستيقظ لأنه أراد الدخول إلى المرحاض”. وأضاف أيضا : “في ليلته الأولى، زادت نسبة نومه العميق بشكل كبير، والتي تقترن عادة بمرحلة الأحلام خلال النوم. لكن تلك النسبة لم تعد كذلك لاحقاً، فقد انخفضت في الليلة التالية حتى عادت أخيراً إلى طبيعتها بعد أيام”. وقال الباحث ويليام ديمينت: “بعدها نهض راندي وذهب إلى مدرسته، كان ذلك مدهشاً”.
لم يظهر على راندي أي أعراض مرضية بعد انتهاء التجربة ولكنه كان يعاني من الأرق لمدة سنوات عديدة .وقد قامت أريزونا بدراسة النتائج التي أرسلها ديمنت ويقول ماكاليستر أن خلاصة النتائج هي “كان دماغه ينام طوال الوقت مثل غفوة القطط، إذ كان جزءا من دماغه نائما والآخر مستيقظا”.
وبعد سنوات من هذه التجربة حاول الكثير من الناس تكرار هذه التجربة وتحطيم الرقم القياسي في البقاء بدون نوم ولكن موسوعة جينس توقفت عن تسجيل هذه الأرقام بسبب خطورتها على الصحة . وفي مؤتمر صحفي للصديقان عن هذه التجربة قال راندي عن تجربته : “إنه فقط العقل الذي يتحكم في هذه المسألة”.