ورد في الأدب العربي العديد من طرائف وحكايات البخلاء وقد حرص الأدباء على تدوينها لما فيها من العبر والحكايات الطريفة، وطرفتنا اليوم عن أحد البخلاء الذي لقبه أدباء عصره بإمام البخلاء وذلك لأنه تفوق عن ذويه من البخلاء بالشح المبالغ فيه حتى مع زيادة ثروته وحصوله على ميراث كبير.

إمام البخلاء
زعموا أن رجلا قد بلغ في البخل غايته وصار إمامًا لكل البخلاء في عصره وأنه لشدة شحه كان إذا صار في يده الدرهم خاطبه وناجاه وفداه واستنبطه، وكان مما يقول له: كم من أرض قد قطعت! وكم من كيس قد فارقت! وكم من خامل رفعت! ومن رفيع قد أخملت! لك عندي ألا تعرى!  ثم يلقيه في كيسه ويقول له: اسكن على اسم الله في مكان لا تهان ولا تذل ولا تزعج منه!

وأنه لم يدخل في كيسه درهما قط فأخرجه، وذات يوم ألح عليه أهله أي “زوجته” في حاجة “أي طعام اشتهوه” وأكثروا عليه في إنفاق درهم فدافعهم ما أمكن ذلك. لكنهم لم ينتهوا، فاستجاب وحمل درهمًا واحدًا فقط. وبينما هو ذاهب إذ رأى حاوي الأفاعي، قد أرسل على نفسه أفعى لدرهم يأخذه، فقال البخيل في نفسه: أأتلف شيئًا تُبذل فيه النفس بأكلة أو شربة؟!  والله ما هذا إلا موعظة لي من الله! ورجع إلى أهله و رد الدرهم مرة أخرى إلى كيسه.

 فكان أهل البخيل منه في بلاء، وكانوا يتمنون في كل يوم موته والخلاص منه، حتى جاء اليوم الذي مات  فيه، وظنوا أنهم قد استراحوا منه، فقدم ابنه فاستولى على ماله وداره، ثم قال لأهله: ما كان إدام أبى فإن أكثر الفساد إنما يكون في الإدام. قالوا: كان يأتدم بجبنة عنده. قال: أرونيها. فإذا فيها حز كالجدول من أثر مسح اللقمة!

قال: ما هذه الحفرة؟ قالوا: كان لا يقطع الجبن وإنما كان يمسح على ظهره فيحفر كما ترى! قال: فبهذا أهلكني وبهذا أقعدني هذا المقعد! لو علمت ذلك ما صليت عليه! قالوا: فأنت كيف تريد أن تصنع قال: أضعها من بعيد فأشير إليها باللقمة!

من طرائف البخلاء:
وقف سائل بباب بخيل يطلب إحسانا.
فقال له البخيل: النساء لسن في المنزل يرزقك الله.
فرد السائل: إنني أسألك رغيفا وليس عروسًا.

دخل أحد البخلاء دكانا لبيع الأدوات المنزلية وطلب شراء مصيدة للفئران عرض عليه صاحب الدكان واحدة وبدأ يشرح له طريقة استعمالها، فقال: هنا تضع قطعة الجبن، فيدخل الفأر المصيدة ليأكلها وما أن يقضم جزءاً منها حتى تنطبق عليه المصيدة، فقال البخيل على الفور: أريد مصيدة يموت فيها الفأر قبل أن يأكل الجبن!!

ذهب رجل بخيل إلى أحد الأطباء ليكشف عن علته ويصف له الدواء، وكان الطبيب يتقاضى على الكشف للمرة الأولى ثلاثة جنيهات، وفي المرة الثانية جنيهين، وفي المرة الثالثة جنيها واحدا، فقال الرجل البخيل للطبيب: لقد سبق أن عرضت نفسي عليك مرتين قبل الآن، وهذه المرة الثالثة، فأرجو آن تبحث حالتي الآن وتصف لي العلاج المناسب، وهاك جنيها أجرة الكشف، ففطن الطبيب لهذه الحيلة، فأجرى الكشف على الرجل، ثم كتب له الوصفة الآتية: يعاد استعمال الدواء السابق مرة ثالثة.

قال رجل من البخلاء لأولاده: اشتروا لي لحماً، فاشتروا، فأمر بطبخه فلما استوى أكله جميعه حتى لم يبق في يده إلا عظمة وعيون أولاده ترمقه، قال: لن أعطي أحدا ً منكم هذه العظمة حتى يحسن وصف أكلها، فقال ولده الأكبر: أشمها يا أبت وأمصها حتى لا ادع للذر فيها مقيلًا قال: لست بصاحبها، فقال الأوسط: ألوكها يا أبت وألحسها حتى لا يدرى أحد لعام هي أم لعامين، قال: لست بصاحبها فقال الأصغر: أنا يا أبت أمصها ثم أدقها وأسفها فقال الأب صاحبها وهي لك زادك الله معرفة وحزمًا.

الوسوم
قصص