رب ضارة نافعة هي مقولة من التراث القديم قالها أحد المسافرين عندما غرقت به السفينة في البحر وظن أن الله يعاقبه ويبتليه من خلال هذه المحنة العصيبة ولكنه اكتشف في النهاية أن المحنة كان بداخلها منحة ربانية لم يفهمها هو فقال هذه المقولة التي أصبحت متداولة إلى يومنا هذا.
رُبَّ ضارةٍ نافعة:
كانت هناك سفينة كبيرة تمشي في البحر يعتليها بعض البحارة والمسافرين وفجأة هبت رياح قوية قلبت السفينة وأصبح كل من فيها في الماء حتى مات منهم من مات وعاش منهم من عاش إلا أن أحد المسافرين قذفته الأمواج بعيدًا عن المجوعة التي عاشت فأخذ يعوم ويسبح وتجذبه المياه بعيدًا حتى استسلم في النهاية وأصابته إغماءة، راح على أثرها في سبات عميق.
بعد أن أفاق ذلك الرجل وجد نفسه على أحد الشواطئ الرملية أخذ يتفحص ما حوله وجد نفسه في جزيرة كبيرة وهو مرمي على شاطئها قام يبحث هنا وهناك عن أحد ينجده لكنه فشل في إيجاد أي شخص على تلك الجزيرة ظل يبكي كثيرًا ويدعوا الله أن يجد أي سفينة قريبة مر اليوم الأول بدون أي جديد وكذلك اليوم الثاني حتى مر أسبوع كامل يأس الرجل بعدها أن يخرج من هذه الجزيرة فقام ببناء بيت صغير له من أوراق الشجر.
وفي هذه الليلة أصابت الجزيرة عاصفة أخرى رعدية حرقت البيت الذي كان قد بناه ذلك الرجل فقام الرجل يبكي ويولول على حظه العثر الذي أتى به أولًا إلى الجزيرة وثانيًا حرق البيت الذي قد بناه، ظل الرجل على ذلك الحال من البكاء حتى نام في مكانه، ولكنه عندما استيقظ، صحى على صوت غريب ومن هول المفاجأة التي أصابته ظل إمكانه لم يتحرك، إنها سفينة كبيرة قد رست بالقرب من الشاطئ وبعثت بمركب صغير عليه أحد البحارة حتى ينقذوا ذلك الرجل.
لم يتكلم الرجل كلمة واحدة فهو لا يصدق نفسه أنه نجى بهذه السرعة وأنه الآن على ظهر سفينة أخرى عائدًا إلى وطنه، وبعد ساعات من استيعاب الموقف قام الرجل ليتحدث إلى أحد البحارة فسأله كيف عرفتم بمكاني، وما الذي أرشدكم إلي، قال له البحار لقد وجدنا منذ أسبوع في البحر بقايا سفينة محطمة ومجموعة من الغرقى ولم نجد منهم ناج واحد على قيد الحياة، تعجب الرجل وقال سبحان الله كلهم ماتوا، قال نعم، وفي الليلة السابقة عندما هبت عاصفة رعدية أشار لنا القبطان بالتوقف حتى تهدأ العاصفة وعندما وجنا النيران مشتعلة علمنا أنه احد الناجين يبعث لنا برسالة استغاثة.
فتعجب الرجل من حاله فجميع النقم والظروف الصعبة التي مرت به كانت في الحقيقة منح ربانية وفرصة أخرى للبقاء وهبه الله إياها فعندما أخذته الأمواج بعيدًا نجى هو والباقين قد ماتوا، وعندما حرق بيته علمت السفينة بوجود ناجين على الشاطئ، حينها سجد لله شكرًا على كل ما مر به وقال: “رب ضارة نافعة”
الدروس المستفادة:
المحن التي تواجهنا في الحياة هي مجموعة من المنح والرسائل الربانية التي تجعلنا نتفكر في أهمية السبب الحقيقي الذي خلقنا من أجله وهو عبادة الله وحده والعبادة هنا ليست الصلاة والصوم فقط، العبادة تعني أن تعبد الله في كل شيء تفعله أو أي عمل تقوم به كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فهو يراك.