إن الله قد جعل لكل مطلوب سببًا وطريقًا يوصل إليه والإيمان هو أعظم المطالب وأهمها وقد جعل الله له أسبابًا تجلبه وتقويه كما كان له أسباب تضعفه وتوهيه ، ومن الأمور التي تقوي الإيمان وتجلبه تدبر القرآن الكريم فإن المتدبر للقرآن لا يزال يستفيد من علومه ومعارفه ما يزداد إيمانًا ، وكذلك معرفة أحاديث النبي صلّ الله عليه وسلم وما تدعو إليه من علوم الإيمان وأصوله وكل محصلات الإيمان ومقوياته فكلما زاد العبد معرفة بكتاب الله وسنة رسوله ازداد إيمانه ويقينه وقد يصل في علمه وإيمانه إلى مرتبة اليقين .

معنى حديث إن الله جميل يحب الجمال

أخرج الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن عبدالله بن مسعود عن النبي صلّ الله عليه وسلم أنه قال ” لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ”. قَالَ رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا، وَنَعْلُهُ حَسَنَةً. قَالَ: “إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ، الْكِبْرُ: بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ”

جاء الحديث الشريف في سياق النهي عن الكبر ، والتواضع وعدم الارتفاع عن الناس واحتقارهم لأي سبب ، وشرح الحديث لا يدخل الجنة أي لا يدخلها مع الأولين وقد يدخلها بعد عذاب إذا عفا الله تعالى عنه ، أما قوله صلّ الله عليه وسلم ” إن الله جميل ” معناه أن الله جميل الصفات فصفاته جل وعلا كاملة لا نقص فيها وله الأسماء الحسنى وصفات الكمال اللائقة بعظمته ، ومعنى كلمة جميل في الحديث الشريف أي محسن أي يحسن لعباده ويتكرم عليهم جل وعلا بنعمه وعطائه .

وليس معنى جميل هو جمال الصورة والشكل حاشا لله تعالى فالله تعالى هو خالق الهيئات والأشكال والصور فهو ذاته لا هيئة له ولا شكل ولا صورة قال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ وَهُوَ السّمِيعُ البَصِير﴾ سورة الشورى الآية 11 ، وقال الإمام البيهقي في الصفات والأسماء الجميل هو المُجمل المُحسن بمعني مُفعل ، وقال ابن الاثير في شرح إن الله جميل يحب الجمال أي أنه سبحانه وتعالى حسن الأفعال كامل الأوصاف ، أما عن معنى قوله صلّ الله عليه وسلم يجب الجمال أي يحب الإحسان ويتخلق عبادة بالخلق الحسن حيث يحسنوا لمن أساء بهم ويكفوا أذاهم عن غيرهم ويصبرون على أذى غيرهم .

وجاء بمعنى أخر يحب الجمال : أي أنه سبحانه وتعالى يحب التجمل منا في الصورة والهيئة في البدن والثوب الحسن وكذلك يحب منا النظافة حيث أن نظافة البدن والثوب من الواجبات الشرعية وجاء في ذلك قوله عن أبي سعيد رضي الله عنه عن  النبي الله صل الله عليه وسلم أنه قال : ” إن الله جميل يحب الجمال، يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ” ولكن في كل الشروح لا يعنى الجمال جمال الشكل لأن جمال الشكل لا يد للإنسان فيه ولا يحاسبه الله تعالى عليه يوم القيامة إنما يحاسبه على عمله ونيته .

والحديث دلالة على تحريم الكبر لأنه يعد سببًا لحلول غضب الله تعالى ، لذا يخشى على صاحب الكبر أن لا يدخل الجنة إذا مات على كبره وإنما صار حجابًا دون الجنة لأنه يحول بين العبد وبين أخلاق المؤمنين كلها التي تعد مفتاحًا لأبواب الجنة والكبر مغلق تلك الأبواب .

معاني الجمال في الإسلام

للجمال في الإسلام مفهومين هما :

أولًا جمال الخلق هو جمال الإنسان والذي منه جمال الأنبياء فكان النبي صلّ الله عليه وسلم جميلًا وكان سيدنا يوسف جميلًا ينبهر الرائي من شدة جماله .

ثانيًا جمال الخُلق وهو جمال الأخلاق وتحلي المسلم بالفضائل الحميدة والأخلاق السامية العالية ، وقد وصف الله تعالى الصبر بالجمال على لسان سيدنا يعقوب عليه السلام فقال تعالى {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ ۖ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ} سورة يوسف الآي 18 .

دلالة أسماء الله الحسنى

أسماء الله الحسنى ثلاثة أنواع ، أسماء كلها حسنى وكلها تدل على الكمال المطلق والحمد المطلق وكلها مشتقة من أوصافها فيها لا ينافي العلية والعلمية لا تنافي الوصف ودلالتها ثلاث أنواع :

-دلالة مطابقة إذا فسرنا الاسم بجميع مدلوله .
-دلالة تضمن إذا فسرناه ببعض مدلوله .
-دلالة إلتزام إذا استدللنا به على غيره من الأسماء التي يتوقف هذا الاسم مثلًا الرحمن دلالته على الرحمة دلالة مطابقة وعلى أحدهما دلالة تضمن لأنها داخلة في الضمن ، ودلالته على الأسماء التي لا توجد الرحمة إلا بثبوتها كالحياة .