{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ} [سورة التكوير: 1-14]
تفسير الآيات:
{إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}: عن ابن عباس أي أظلمت وقال مجاهد اضمحلت وذهبت، قال ابن جرير والصواب كورت أي جمع بعضها إلى بعض ثم لفت فرمي بها وإذا فعل ذلك بها ذهب ضوؤها، وعن ابن عباس قال: يكور الله الشمس والقمر والنجوم يوم القيامة في البحر ويبعث الله ريحًا دبورًا فتضرمها نارًا، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صل الله عليه وسلم: «الشمس والقمر يكوران يوم القيامة» {وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ}: أي انتثرت والانكدار هو الانصباب {وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ}: أي زالت عن أماكنها ونسفت فتركت الأرض قاعًا صفصفا {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ}: قال مجاهد وعكرمة هي عشار الإبل وعطلت أي أهملها {وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ}: أي اختلطت فماجوا بعضهم في بعض، وقيل حشرت أي جمعت وقال ابن عباس: يحشر كل شيء حتى الذباب، وقال عكرمة حشرها يعني موتها.
{وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ}: قال: قالت الجن نحن نأتيكم بالخبر قال: فانطلقوا إلى البحر فإذا هو نار تتأجج قال: فبينما هم كذلك إذ تصدعت الأرض صدعة واحدة إلى الأرض السابعة السفلى وإلى السماء السابعة العليا قال: فبينما هم كذلك إذ جاءتهم الريح فأمنت. وعن سعيد بن المسيب قال: قال علي رضي الله عنه لرجل من اليهود: أين جهنم؟ قال: البحر، فقال علي: ما أراه إلا صادقًا{وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ}: أي جمع كل شيء إلى نظيره قال رسول الله صل الله عليه وسلم « {وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ} الضرباء كل رجل مع قوم كانوا يعملون عمله» وسئل عمر قال: يقرن بين الرجل الصالح مع الرجل الصالح ويقرن بين الرجل السوء مع الرجل السوء في النار فذلك تزويج الأنفس، وعن ابن عباس قال: يسيل واد من أصل العرش من ماء فيما بين الصيحتين ومقدار ما بينهما أربعون عامًا فينبت من كل خلق بلى من الإنسان أو طير أو دابة ولو مر عليهم مار قد عرفهم قبل ذلك لعرفهم على الأرض، قد نبتوا ثم ترسل الأرواح فتزوج الأجساد.
{وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}: والموؤودة هي التي كان أهل الجاهلية يدسونها في التراب كراهية البنات، فيوم القيامة تسأل على أي ذنب قتلت وقال أبو الضحى: سألت أي طالبت بدمها. {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ}: أعطي كل إنسان صحيفته إما بيمينه وإما بشماله، {وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ}: قال الضحاك تنكشط فتذهب، {وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ}: قال قتادة أوقدت وإنما يسعرها غضب الله وخطايا ابن آدم {وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ}: أي قربت إلى أهلها {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ}: أي إذا وقعت هذه الأمور حينئذ تعلم كل نفس ما عملت وأحضر ذلك لها.
ما يستفاد من الآيات:
1. جاءت سورة التكوير للترهيب من يوم القيامة لعل الإنسان يعمل صالحًا.
2. بينت لنا الآيات أحوال السماء والجبال والبحار يوم القيامة.
3. يوم القيامة هو يوم أخذ الحقوق فيطالب كل ذي حق بحقه حتى الموؤودة تطالب بدمها.
4. بعض عرض الناس على جميع أهوال يوم القيامة تعلم كل نفس مستقرها وما أحضرت لهذا اليوم من أعمال.