مواقع التواصل الاجتماعي، والتكنولوجيا الحديثة جعلت مِن المواطن العادي مراسلاً صحفياً جماهيري، فحيثما وجد، ووجد ما جذبه، أو وجد مالا يرضيه فقط يلتقط صورة، أو يسجل مقطع فيديو وينشرها على أحد حساباته بموقع التواصل الاجتماعي، هُنا فقط توقف وأنظر..! ستجد الموضوع يصل لكبرى الصحف، والمواقع الإلكترونية، ويكتب عنه الجميع وتُدشن له وسوم على تِلك المواقع يتفاعل معها الكثير، ورُبما كُرم شخص، أو تم مُعاقبته نتيجة ذلك، وربما ينال مِن المدح أرطالاً، ومِن الذم أيضاً أرطالاً أو يزيد. وهذا ما حدث في تِلك الأمسية الشعرية التي أبطالها مصور، محتسبان، وشاعرة، وحاضرين، وجملة نعم يرضينا! والمكان: معرض الكتاب.
البداية…مقطع فيديو
تداول نشطاء عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر يوم السبت الثاني عشر مِن ديسمبر الحالي مقطع فيديو يظهر تدخل بعض المحتسبين لإيقاف الشاعرة أشجان هندي مِن إلقاء قصيدتها وسط جمهور كبير ملأ قاعة الحضور في أول أمسية شعرية في معرض الكتاب الدولي بجدة.
حيث أظهر المقطع اعتراض أحد المحتسبين على إلقاء الشاعرة لقصائدها أمام الرجال، وطلب مِنه المنظمين أن يخرج خارج القاعة ويقول ما يريد فور انتهاء الأمسية، حيث استجاب المحتسب وخرج مِن القاعة ساخطاً.
وعندما بدأت هندي بإلقاء القصيدة تدخل محتسب أخر، وقال بصوت عالٍ هل يُرضيكم هذا يا أخوان؟ فرد من في القاعة جميعاً نعم يُرضينا، ومن ثم استجاب لمسئولي الأمن عندما قام بتوجيهه هو الآخر للخروج مِن القاعة.
مقطع الفيديو: https://youtu.be/I8Ex_8zxNrc#نعم_يرضينا
وعلى إثر ذلك الموقف دشن ناشطون على موقع التواصل الاجتماعي تويتر هاشتاق تحت اسم (نعم يرضينا)، حيث كان أبرز المغردين على هذا الهاشتاق هو فهد الدغيثر الكاتب بصحيفة الحياة اللندنية حيث غرد قائلاً: “ردود الفعل المؤيدة بقوة توضح أثر الكم الهائل مِن الأخطاء التي ارتكبت وتراكمت تحت غطاء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعقود عديدة”، وغرد الشاعر والروائي السعودي أحمد أبو دهمان قائلاً: نعم يرضينا هذه الجملة التاريخية ستظل مقرونة بالشاعرة الكبيرة أشجان هندي. وكانت أغلب الآراء على هذا الهاشتاق، وغيره، مؤيدة لما حصل وهو إخراج المحتسبين مِن القاعة، وأنه ليس هُناك مِن منكر أن تكون هُناك سيدة تعرض فكرها، وأدبها على الجماهير سواء كانوا رجالاً أو نساء، وأن فعل غير ذلك هو تشدد غير مُبرر، ونحن في تِلك الحقبة مِن الزمان. واعتبروا أن هذا الأمر مِن التدخل في شؤون الغير، وأنه إن لم يكن يُعجبك فلا تدخل مكان لا يُرضيك أن تكون بِه. وغرد أحدهم على نفس الهاشتاق قائلاً:”نعم يرضينا أن نعامل المرأة كإنسان ونحسن الظن بالجميع ونعيش كبقية الدول الإسلامية وأن لا يكون لجماعة سلطة علينا وتكون الدولة مرجعنا كلنا، ومع ذلك فقد أحترم بعض المغردين مع اختلافه مع فعل المحتسبين هذا إلا أنه ابدى احترامه لهم لأنهم عبروا عن رأيهم في سِلم، وخرجوا مِن القاعة بعد أن أراحوا ضمائرهم في سبيل ما يعتقدون، كما كان من بين المغردين بعض الواقفين في صف المحتسبين داعين لهم بالتوفيق، والمثوبة.رد الشاعرة بعد انتهاء الأمسية
مفرح الشقيقي مُقدم الأمسية وصف الذي حدث بأنه محاولة اعتداء ليست مِن الأمور المستغربة، ولكن المنظمين نجحوا في استمرارها، وعدم فشلها. وأكدت المعنية بذلك الأمر الشاعرة أشجان هندي أن الأمسية نجحت، وكان الحضور بِها مُبهراً جِداً، وكانت أمسية جميلة بجمال جِدة، ولم يشوبها سوى هذا الحدث حيث تساءلت قائلة وذلك في أحد الصحف المحلية: أليس مِن حقي كامرأة أن أصعد على المنصة وأتغزل في وطني كباقي الشعراء؟وأضافت تصريحاً لصحيفة أخرى قولها أنها لم تكن في فقرة ترفيهية، وإنما هي في مهمة رسمية مِن أجل عيون الوطن، وفي معرض رسمي وطني.
ثم أردفت قائلة عن الموقف الذي تعرضت له: دخل الرجل الأول عنوة صارخاً على المسرح، وأراد إيقافي شخصياً، وكان اعتراضه على ظهوري على المسرح، وليس على القصيدة، بعد أن عاد الأول لمكانه ظهر آخر وقال قولته “أيرضيكم هذا”، ثم ظهر آخر كبير في السن وقال”عيب يا ابنتي أن تقفي أمام الرجال”. وأضافت هندي أنها لا تعترض على وجهة نظرهم عليها شخصياً اعتراضها أنه ليس مِن حقهم أن يجيزوا لأنفسهم أن يكونوا كاتمين صوت، وأن يقوموا بإلغاء أي شخصية، وعبرت أنها ضد الإلغاء والإقصاء بكل أشكاله. وبرغم ذلك استمرت الأمسية، وبجماهير ليست بالقليلة كما قال شهود العيان.
الجدير بالذكر أن تِلك الأمسية كانت في اليوم الأول مِن انطلاقة معرض جدة الدولي للكتاب، وكانت أمسية يُشارك بِها الشاعر حيدر عبد الله، والدكتورة أشجان هِندي، وبإدارة، ومشاركة الشاعر مفرح الشقيقي والتي أقيمت مِن الساعة 6وحتى الـ7:30مساءاً.من هي الشاعرة أشجان هندي ؟
أستاذ مساعد في الأدب العربي الحديث، شاعرة سعودية تهوى الشعر وتعتنقه حيث قالت في أحد حوارتها الصحفية” الشعر عشقي، وتجليّات موهبته داخلي تُذهلني”، وتُعتبر مِن أشهر الشاعرات السعوديات اللاتي تركن بصمة قوية في هذا المجال، ولفتت الأنظار لها في هذا الوسط، حيث وصفها الروائي، والشاعر، والوزير الراحل غازي القصيبي بـ الشاعرة الكبيرة والمدهشة. هي مِن مواليد عام 1968م في جدة، حاصلة على بكالوريوس في اللغة العربية آدابها مِن كُلية الآداب في جامعة الملك عبد العزيز، كما أنها حاصلة على درجة الماجستير مِن جامعة الملك سعود، والدكتوراه مِن لندن عام 2005م، وذلك مِن كُلية الدراسات الشرقية، والإفريقية SOAS.
شاركت في مؤتمر الشعر العالمي في لندن سنة 2012، لها العديد مِن الدواوين الشعرية مِثل: (مطر بنكهة الليمون، وللحلم رائحة المطر، و غيوم أبكارا). كما تم ترجمة بعض أعمالها إلى لُغاتٍ أخرى.